وقفة مع آية 📚
وقفة مع آية 📚
February 18, 2025 at 04:40 AM
وقفة مع آية📚📚 (٣٢١) ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا قيلَ لَكُم تَفَسَّحوا فِي المَجالِسِ فَافسَحوا يَفسَحِ اللَّهُ لَكُم وَإِذا قيلَ انشُزوا فَانشُزوا يَرفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَالَّذينَ أوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ﴾ [المجادلة: ١١] قال ابن كثير رحمه الله:( يقول تعالى مؤدبا عباده المؤمنين ، وآمرا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ) وقرئ ) في المجلس ) ( فافسحوا يفسح الله لكم ) وذلك أن الجزاء من جنس العمل ، كما جاء في الحديث الصحيح : " من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة " وفي الحديث الآخر : " ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " ولهذا أشباه كثيرة ; ولهذا قال : ( فافسحوا يفسح الله لكم ) قال قتادة : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض...)أ.هـ قال القرطبي رحمه الله:( الصحيح في الآية أنها عامة في كل مجلس اجتمع المسلمون فيه للخير والأجر ، سواء كان مجلس حرب أو ذكر أو مجلس يوم الجمعة ، فإن كل واحد أحق بمكانه الذي سبق إليه قال صلى الله عليه وسلم : من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به ولكن يوسع لأخيه ما لم يتأذ فيخرجه الضيق عن موضعه)أ.هـ عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يقيمنّ أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعواوتفسحوا) متفق عليه وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه. يروى عن عمر رضي الله عنه-: (إن مما يصفِّي لك ود أخيك: أن تبدأه بالسلام إذا لقيته، وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه، وأن توسع له في المجلس). قال الشيخ ابن باز رحمه الله:(...والقيام ثلاثة أقسام كما قال العلماء: القسم الأول: أن يقوم عليه وهو جالس للتعظيم، كما تعظم العجم ملوكها وعظماءها، كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لا يجوز، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلسوا لما صلى بهم قاعدًا، أمرهم أن يجلسوا ويصلوا معه قعودا، ولما قاموا قال: كدتم أن تعظموني كما تعظم الأعاجم رؤساءها. القسم الثاني: أن يقوم لغيره واقفا لدخوله أو خروجه من دون مقابلة ولا مصافحة، بل لمجرد التعظيم، فهذا أقل أحواله أنه مكروه، وكان الصحابة -رضي الله عنهم لا يقومون للنبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليهم، لما يعلمون من كراهيته لذلك عليه الصلاة والسلام. القسم الثالث: أن يقوم مقابلا للقادم ليصافحه، أو يأخذ بيده ليضعه في مكان أو ليجلسه في مكانه، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به، بل هو من السنة). عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا )قال: (إذا قيل: انشزوا فانشزوا إلى الخير والصلاة). عن مجاهد رحمه الله، في قوله: (فَانْشُزُوا ) قال: (إلى كلّ خير، قتال عدوّ، أو أمر بالمعروف، أو حقّ ما كان). عن الضحاك رحمه الله يقول في قوله: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) : (كان إذا نودي للصلاة تثاقل رجال، فأمرهم الله إذا نودي للصلاة أن يرتفعوا إليها، يقوموا إليها). قال الطبري رحمه الله:( قوله: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) يقول تعالى ذكره: يرفع الله المؤمنين منكم أيها القوم بطاعتهم ربهم، فيما أمرهم به من التفسح في المجلس إذا قيل لهم تفسحوا، أو بنشوزهم إلى الخيرات إذا قيل لهم انشزوا إليها، ويرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين، الذين لم يؤتوا العلم بفضل علمهم درجات، إذا عملوا بما أمروا به)أ.هـ قال ابن مسعود رضي الله عنه: (مدح الله العلماء في هذه الآية ). قال القرطبي رحمه الله:(...والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات أي : درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به. والعموم أوقع في المسألة وأولى بمعنى الآية ، فيرفع المؤمن بإيمانه أولا ثم بعلمه ثانيا..)أ.هـ قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (لا شيء يعدل العلم لمن حَسُنَتْ نيته، قيل: كيف ذلك؟ قال: ينوي به رفع الجهل عن نفسه وعن الناس). فالمسلم اذا سمع النداء في كلام الله تعالى انصت له فإن كان أمراً امتثل وإن كان نهياً اجتنب. اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما نافعلا وعملا صالحا.

Comments