أهل القرءانِ الكريمِ وعلومه
أهل القرءانِ الكريمِ وعلومه
February 16, 2025 at 06:58 PM
قال -تعالىٰ-: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَـٰذَا *بَلَدًا* ءَامِنًا...﴾[البقرة: ١٢٦]، وقال أيضًا: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَـٰذَا *ٱلۡبَلَدَ* ءَامِنًا...﴾[إبراهيم: ٣٥]، فلِمَ كان في سورة البقرة «بلدًا» نكرة، وفي سورة إبراهيم معرفة؟ جُووِبَ بأكثرَ من جوابٍ، وما سيُذكَر هنا جوابان: *الأول*: أن يقال: إن الدعوة الأولى وقعت، ولم يكن المكان قد جُعِل بلدًا، فكأنه قال: رب اجعل هذا الواديَ بلدًا آمنًا؛ لأن الله تعالىٰ حكى عنه أنه قال: ﴿رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي *بِوَادٍ* غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ...﴾ بعد قوله: اجعل هذا الوادي بلدا آمنا، والدعوة الثانية وقعت، وقد جُعِل الوادي بلدًا، فكأنه قال: اجعل هذا المكانَ الذي صَيَّرتَه كما أردتُ ومَصَّرتَه كما سألتُ - ذا أمن على مَن أوى إليه ولاذ به، *الثاني*: أن تكون الدعوتان واقعتين بعدما صار المكان بلدًا، وإنما طلب من الله تعالى أن يجعله آمنًا، وللقائل أن يقول: اجعل ولدك هذا ولدًا أديبًا، وهو ليس يأمره بأن يجعله ولدًا؛ لأن ذلك ليس إليه، وإنما أمره بتأديبه، وعلى ذلك قول الله تعالىٰ: ﴿فَوَيۡلٌ لِّلۡمُصَلِّينَ۝ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ۝﴾، فالويل لهم لسهوهم عن الصلاة لا للصلاة نفسها، وهذا ما يُسَمَّىٰ *توطئةً* وتمهيدًا وإقحامًا، فكذلك قوله تعالىٰ: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَـٰذَا بَلَدًا ءَامِنًا﴾ يجوز أن يكون المراد: اجعل هذا البلدَ بلدًا آمنًا، فيدعو له بالأمن بعدما قد صار بلدًا، ويكون مثل قوله تعالىٰ: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَـٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنًا﴾، وتكون الدعوة واحدةً قد أخبر الله تعالى عنها في الموضعين. > وباب *التوطئة* مهم جدًّا، أحيانًا يرفع إشكالاتٍ، وسيُذكَرُ -إن شاء الله- بتفصيلٍ أكثرَ لاحقًا.
❤️ 👍 💚 🩷 6

Comments