
أخبار شبكة العهد
February 8, 2025 at 06:52 AM
واشنطن تكمل ما بدأته إسرائيل
🚫🚫🚫🚫🚫
الإهانة التي وجّهتها الموظفة الأميركية، مورغان أورتاغوس، بشكرها للعدو الإسرائيلي على تنكيله بشريحة واسعة من اللبنانيين، من على منبر القصر الجمهوري، متعددة المستويات والاتجاهات. فهي موجّهة إلى موقع رئاسة الجمهورية مع كل ما يحمله من رمزية، وإلى الشعب اللبناني ومؤسساته وكل من لديه شعور بالسيادة والكرامة. وبدرجة لا تقل إهانة، حدّدت الموظفة الأميركية أيضاً من هو المسموح له بالمشاركة في الحكومة ومن يُمنع عليه ذلك، في تجاوز لكل عناوين السيادة والاستقلال، ما يؤشر إلى قرار أميركي بالتدخل الفظّ في تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية لضمان وجهة التطورات وفق المرسوم أميركياً.
لسنا هنا أمام قضية شكلية ورمزية، بل هي - في رسائلها ومؤشراتها - جزء من المواقف التي أطلقتها أورتاغوس. وتصبح أبلغ في دلالاتها مع تحديد سياقها الاستراتيجي في بعديْه الإسرائيلي والإقليمي. وبذلك تتجلّى أكثر فأكثر خلفيات الدور الأميركي في محاولة استكمال المسار الذي توقّف عنده كيان العدو.
لو أن العدو هزم حزب الله في معركة «أولي البأس»، كما ادّعت أورتاغوس، لما احتاجت إلى كل هذا النشاط الدبلوماسي والضغوط بهدف تحجيم الحزب والحدّ من نفوذه وفعّاليته. فالنتيجة الطبيعية للهزيمة هي أن تتوالى تداعياتها تلقائياً، خصوصاً في ظل «شركاء» في لبنان لا يخفون رهانهم على هزيمة المقاومة للانقضاض عليها. بعبارة أخرى، تختلف تداعيات الهزيمة العسكرية الفعلية عما تشهده الساحة اللبنانية. ولا يعني ذلك أن إسرائيل لم تحقق نتائج عسكرية مهمة جداً. لكنّ الفارق بين المستوييْن هو ما يُميّز بين نجاح العدو وفشله، وبين صمود المقاومة وانهيارها
من الواضح أن الفظاظة التي أظهرتها الموظفة الأميركية كانت مدروسة في مضمونها ولهجتها والموقع الذي اختارته (القصر الجمهوري). وهدفت بذلك إلى توجيه رسائل إلى أتباعها في لبنان ليكونوا أكثر حزماً واندفاعاً في مواجهة حزب الله. وسبق أن عبّر وزير الخارجية ماركو روبيو، خلال مثوله أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ (14/1/2025)، عن الخطوط العامة للتوجه الأميركي، عندما اعتبر أن المطلوب تفكيك نفوذ حزب الله، وأن لبنان في مفترق حاسم، محذّراً من وجود حزب الله كقوة مهيمنة داخل لبنان! وكل ذلك في وقت يتحدّثون عن أن المقاومة هُزمت في مواجهة إسرائيل.
الأهم في هذا السياق، أن الولايات المتحدة تدرك أن حزب الله لا يزال قوة عسكرية قادرة على حماية لبنان من الاحتلال والرد على عدوانه، وأنه لم يكن قريباً من الهزيمة عندما توقفت الحرب، ولو كان الأمر غير ذلك، من منظور واشنطن وتل أبيب، لاستمرت الحرب. كذلك تدرك واشنطن حجم الامتداد الشعبي الذي يستند إليه حزب الله، وصعوبة القفز فوق هذه الحقائق. لذلك، كان لا بد من الحضور المباشر من أجل الضغط للاستمرار من النقطة التي بلغها العدو، عبر تثمير التطورات العسكرية والإقليمية على أمل الوصول إلى الأهداف المرجوّة، ولو بشكل متدرّج.
ويبدو أن الولايات المتحدة ترى أن هناك نوعاً من السباق بين الدفع نحو أهدافها، والمتغيرات التي قد تؤثّر سلباً على خياراتها ورهاناتها. وهي تخشى من التزام الرؤساء بمعادلات الساحة اللبنانية وضوابطها لجهة الوفاق الوطني والتمثيل الشعبي، تجنباً لأي اهتزاز يهدّد الاستقرار بكل عناوينه، ما يعني تلقائياً الحضور الفعّال للثنائي أمل وحزب الله، ولبقية المكوّنات، في الحكومة.
بغضّ النظر عما ستسلكه مسألة تشكيل الحكومة والقوى والشخصيات التي ستتشكّل منها، فإن المدخل الحصري لتنفيذ المخطط الذي يستهدف المقاومة من أجل استكمال الهيمنة الأميركية على لبنان، يكمن في إنتاج حكومة من دون حضور فعّال للمقاومة. وهو من أهم الشروط لإنتاج سلطة سياسية معادية للمقاومة، ومؤهّلة - من منظور أميركي - للالتزام ببرنامج واشنطن للبنان، بهدف استكمال الحرب الإسرائيلية لتحقيق الأهداف نفسها، بأدوات أخرى، ومن أجل حماية الأمن القومي الإسرائيلي على حساب أمن لبنان وسيادته.
أياً كانت سيناريوهات تشكيل الحكومة، وما سيليها، ما ورد على لسان أورتاغوس، وقبلها وزير الخارجية الأميركي، يؤشر إلى أن لبنان قد يكون مقبلاً على صراع حادّ ومكشوف حول استقلاله الفعلي وسيادته في مواجهة الهيمنة الأميركية، بين من يريد جعل لبنان مكشوفاً أمام التهديد الإسرائيلي ومن هو مستعدّ لتقديم التضحيات دفاعاً عن وجوده وأمنه ومستقبله.