أحمد بن غانم الأسدي
أحمد بن غانم الأسدي
February 10, 2025 at 05:55 PM
#فتاوى_السيرة 318) مع مَن صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم العصر لما غزا بني قريظ.. هل مع الذين صلوها في الوقت، أم مع الذين أخروها؟ الجواب: لمّا وضعت الحرب أوزارها مع الأحزاب رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق، ووضع السلاح واغتسل، أتاه جبريل عليه السلام، فقال ‌قد ‌وضعتَ ‌السلاح؟ والله ما وضعناه، فاخرج إليهم. قال: فإلى أين؟ قال: هاهنا، وأشار إلى بني قريظة» أخرجه البخاري ومسلم. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا ينادي في الناس: «ألا لا يصلينّ أحد العصر إلّا في بني قريظة». ولفظه عند مسلم (الظهر)، مع اتحاد مخرجهما، وعليه: فإنّ لفظ الظهر وهمٌ، وقع لبعض رواة الحديث؛ لأنّ أهل السيرة متفقون أنّها صلاة العصر. وقد أخذ بعض جند الإسلام بظاهر الأمر، فلم يصلوا العصر حتى جاؤوا بني قريظة وقد غربت الشمس، وقال بعضهم: إنّما أراد الإسراع وصلّوا في الطريق، فلمّا علم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعنف أحدًا منهم. والظاهر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى العصر بالمسجد النبوي الشريف ثم خَرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءهم فيمن بقي مِن الصحب الكرام رضي الله عنهم. وأقرب ما يدل عليه أنّه لم يُذكر أنّه صلى الله عليه وآله وسلم صلى مع إحدى الطائفتين، لا الطائفة التي واصلت إلى بني قريظة، ولا الطائفة التي صلت حين دخل وقت الصلاة، فنبقى على الأصل في بقائه صلى الله عليه وسلم في المدينة لإكمال الاستعداد واللحاق بجند الإسلام. وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بمجالس بينه وبين بني قريظة، فقال: «هل مَرّ بكم من أحد؟» فقالوا: نعم، ‌مَرّ ‌علينا ‌دحية الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس ذلك ولكنه جبريل، أُرسل إلى بني قريظة ليُزلزل حصونَهم، ويَقذِفَ في قلوبِهم الرُّعب». أخرجه ابن جرير، والحاكم، قال الحافظ ابن كثير: «ولهذا الحديث طرق جيدة عن عائشة وغيرها». وقال أنس رضي الله عنه: «كأني أنظر إلى الغُبار ساطعًا في زقاق بني غَنْمٍ، ‌موكب ‌جبريل عليه السلام حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة» أخرجه البخاري. وروي عن موسى بن عقبة -قصة بني قريظة وفيه-: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشبه دحية الكلبي بجبريل عليه السلام، فقال: الحقوني ‌ببني ‌قريظة، فصلوا فيهم العصر». أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة»، عن موسى بن عقبة مرسلًا. فأفاد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر في بني قريظة. وهذا فيه إشكال؛ لأنه يفيد أنه صلى الله عليه وسلم سبق الجميع، وهذا غير متصور؛ لأنّهم لو استمروا في المسير لوصلوا بعد غروب الشمس، وذلك أن المعركة كانت في الشتاء، وكان النهار قصير جدًا، فما كان يمكنهم من الوصول قبل الغروب. ولعله روي بالمعنى: «الحقوا ببني قريظة فصلوا فيهم العصر»، والله تعالى أعلم. كتبه: أحمد بن غانم الأسدي، ليلة الثلاثاء (12/شعبان/1446). https://t.me/alghanm20

Comments