أحمد بن غانم الأسدي
February 26, 2025 at 05:51 AM
#فتاوى_السيرة
323) كيف الجواب عن رد حديث: «بال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا»؟
الجواب: هذا الحديث صحيح، تلقاه أهل العلم بالقبول روايةً ودرايةً.
فمِمّن أخرجه مِن أئمة الحديث في مصنفاتِهم الحديثية بالأسانيد: الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والحُميدي، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، والبزار، وابن قُتيبة، وابن شاهين، والطبري، وابن المنذر، وأبي عوانة، وابن خُزيمة، وابن حبَّان، وأبي نعيم، والبيهقي، وابن عبد البّر، والخطيب البغدادي، وابن عساكر، والرافعي.
وترجموا له بأبواب فقهية، ومنها:
عند عبد الرزاق الصنعاني: باب البول قائمًا.
وعند ابن أبي شيبة: مَن رَخّصَ في البول قائمًا.
وفي موطن آخر: باب في المسح على الخفين.
وعند الدارمي: باب في البول قائمًا.
وعند البخاري: باب البول قائمًا وقاعدًا.
وفي موطن آخر: باب البول عند صاحبه، والتستر بالحائط.
وفي موطن ثالث: باب البول عند سُباطة قوم.
وفي موطن رابع: باب الوقوف والبول عند سُباطة قوم.
وفي شروح «صحيح مسلم»: باب المسح على الخفين.
وعند ابن ماجه: باب المسح على الخفين.
وعند أبي داود: باب البول قائمًا.
وعند الترمذي: باب في الرخصة في البول قائمًا.
وعند النسائي: باب ما جاء في الرخصة في ذلك.
وفي موطن آخر: باب الرخصة في البول قائمًا.
وفي موطن ثالث: الرخصة في البول في الصحراء قائمًا.
وعند ابن خزيمة: باب الرخصة في ترك التباعد عن الناس عند البول.
وفي موطن آخر: باب الرخصة في البول قائمًا.
وعند ابن الجارود: باب الرخصة في البول قائمًا، وقُرب الناس.
وعند أبي عوانة: باب إيثار التستر بالهدف للمتغوط.
وعند الطحاوي: باب البول قائمًا.
وعند ابن حبان: باب ذكر الزجر عن أنْ يبول المرء وهو قائم في غير أوقات الضرورات.
وعند البيهقي: باب البول قائمًا.
وفي موطن آخر: باب الرخصة في المسح على الخفين.
واستنبطوا مِن فوائد عديدة وفرائد مفيدة.
ولم أقف على عالم أعلَّ إسناده، أو أبطل لفظه.
وهل يشك عاقل في إجلال هؤلاء العلماء على تتابع الأعصار واختلاف المذاهب والأمصار .. في إجلالهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتنزيهه عمّا لا يليق به؟!
وقد أجاب أهل العلم عن أسباب بول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة مِن أوجه:
الأول: أنّه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مرَّةً واحدة، ولم يكن مألوف أمره وجاري عادته البول قائمًا، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: «مَن حَدَّث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائمًا فلا تصدقه، فمَا بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن»، أخرجه أحمد، وغيره.
ولا تعارض بين حديث عائشة وبين حديث البول قائمًا؛ لأنه على سبيل الندرة، فلم تعلم به عائشة، وأما جاري عادته صلى الله عليه وسلم ومألوف حاله صلوات ربي وسلامه عليه فهو البول قاعدًا.
الثاني: أنّه صلى الله عليه وسلم لم يجد موضعًا للقعود؛ لأنّ السُّباطة هي الموضع الذي يُرمى فيه التراب والأوساخ، وما يُكنس مِن المنازل، فهي غير مستوية، ومرتفعة عن وجه الأرض، فلا يَرتد فيها البول على البائل.
الثالث: أنّه صلى الله عليه وسلم بال في هذا الموطن قائمًا لمرض في حقوه منعه عن القعود.
الرابع: أنّه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك للتداوي مِن وجع الصُّلب؛ لأن العرب تُعالج بالبول قائمًا لوجع البطن والصلب.
الخامس: أنّه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لكراهة حبس البول، وضرره الصحي على الإنسان.
السادس: أنّه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يفعل المكروه مِن أجل بيان حكم مسألة تتعلق بِهذا الفعل، كشربه صلى الله عليه وسلم قائمًا، وقد نَهى عن ذلك، ولا يكون في حقه مكروهًا؛ لأنه لبيان التشريع، وإن كان في حق غيره صلى الله عليه وسلم مكروهًا.
السابع: أنّ الله تعالى لم يتعبدنا بِهيئة مُعيَّنةٍ يجب التزامها عند البول، بل ترك الأمر بحسب القُدرة والاستطاعة.
قلت: لا ينقضي العجب مِن التحفز والحماس لإبطال هذا الحديث، ومَن عَرَفَ بيئة العرب، المألوفة إلى يومنا هذا، سهل عليه أمر هذا الحديث، وما زال الناس في مشارق الأرض ومغاربِها يبولون قيامًا!
فلماذا كل هذا التحفز لإنكار هذا الحديث، ورده، واتهام من رواه ونقله بانتقاص مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيا سبحان الله أين العدل والإنصاف؟!
وغيره مِن الأحاديث الباطلة التي فيها انتقاص المقام الشريف أولى بِهذه الغيرة والتحفز، والله الموفِّق والمُستعان.
كتبه: أحمد بن غانم الأسدي، صباح يوم الأربعاء (27/شعبان (1446).
https://t.me/alghanm20