الكتاب الشهري
February 7, 2025 at 08:58 PM
*من حِكَم مشروعية الهدي والأضحية والعقيقة:*
قال السعدي رحمه الله:
*من الحكمة فيها [يعني الهدي]: أنها شكرٌ لنعمة الله تعالى بالتوفيق لحج بيته الحرام؛* ولهذا وجبَتْ في المتعة والقِران وشملت توسعته، فهي للأغنياء والفقراء، لمَن ذبحها وغيرِهم.
قال تعالى: *﴿لِيَشهَدوا مَنافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ الله في أَيّامٍ مَعلوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ فَكُلوا مِنها وَأَطعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ﴾* [الحج: ٢٨].
ثم إن هذه العبادة لم تختصَّ بحجاج بيته الحرام، بل شملت مشروعيَّتُها جميعَ المسلمين في هذه الأيام، *فشُرع لهم الأضاحي، تحصيلًا لفوائد هذه العبادة الفاضلة.*
*وأما العقيقة عن المولود: فشُرعت شكرًا لله تعالى على نعمته على العبد بحصول الولد، وضوعف الذَّكر على الأنثى:*
- إظهارًا لمزيته؛
- ولأن النعمة به أتمُّ والسرور به أوفرُ،
- وتفاؤلًا بأن هذه العقيقة فاديةٌ للمولود من أنواع الشرور،
- وإدلالٌ على الكريم برجاء هذا المقصد،
- وتتميمًا لأخلاق المولود.
كما في الحديث: *«كل مولودٍ مُرتَهَنٌ بعقيقته».*
قيل: مرتهنٌ عن الشفاعة لوالديه.
وقيل: مرتهنٌ محبوسٌ عن كماله حتى يُعَقَّ له.
*وحسبُك من ذبيحةٍ هذه ثمرتُها.*
فالعبد يسعى في تكميل ولده وتعليمه وتأديبه، ويبذل الأموال الطائلة في ذلك، *وهذا من أبلغ الطرق إلى هذا التكميل،* والله المُوَفِّق.
وأما تخصيصها بالأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم؛ فلأن هذه الذبائح أشرف الذبائح على الإطلاق وأكملها، فشُرع لها أن يكون المذبوح فيها أشرف أنواع الحيوانات، والله أعلم بما أراد.
*وحقَّق هذا المعنى بأن شَرَطَ فيها تمام السن الذي تصلح فيه لكمال لحمها ولذَّته، وهو الثني من الإبل والبقر والمعز، والجذع من الضأن؛ لنقص ما دون ذلك ذاتًا ولحمًا.*
*واشترط فيها سلامتها من العيوب الظاهرة، فلم يُجِزْ:*
- المريضة البيِّن مرضها،
- والعوراء البيِّن عورها،
- والعرجاء التي لا تُطيق المشي مع الصحيحة،
- والهزيلة التي لا مُخَّ فيها؛
*ليكون ما يُخرجه الإنسان كاملًا مُكمَّلًا.*
إرشاد أولي البصائر والألباب (ص ١٥٩ - ١٦١).
👍
1