الكتاب الشهري

694 subscribers

About الكتاب الشهري

فوائد منتقاة من كتاب محدد شهريا انتقاء: د. أبصار الإسلام بن وقار الإسلام أستقبل الملاحظات والاقتراحات على الرابط التالي: 00966502265369

Similar Channels

Swipe to see more

Posts

الكتاب الشهري
5/16/2025, 12:25:34 PM

*التوسط والاعتدال في محبة المحبوب:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *من الأمور التي تخفى على العاقل: أنْ يرى أنَّه متى لم تكن عنده امرأةٌ أو جاريةٌ يهواها هوًى شديدًا، أنه لا يَلْتَذُّ بالدنيا.* فإذا صوَّر محبوبًا مملوكًا، تخايَلَ لذَّةً عظيمةً، وإذا كان عندَه مَن لا يميلُ إليه، اعتقدَ نفسَه محرومًا. وهذا أمرٌ شديد الخفاء، فينبغي أن يُوَضَّحَ: وهو أن المملوكَ مملولٌ، *ومتى قَدِرَ الإنسانُ على ما يشتهيه، ملَّه ومالَ إلى غيرِه:* - *تارةً لبيان عيوبِه التي تَكشِفُها المخالطة؛ فإنه قد قال الحكماء: العِشْق يُعمي عن عيوب المحبوب.* - *وتارةً لمكان القدرة عليه، والنفس لا تزال تتطلَّعُ إلى ما لا تَقدِرُ عليه.* ثم لو قدَّرنا دوامَ المحبة مع القدرة، فإنها قد تكونُ، ولكن ناقصةً بمقدار القدرة، وإنما يُقوِّيها تجنِّي المحبوبِ -فيكونُ تجنِّيه كالامتناعِ- أو امتناعُه من الموافقة. *فإذا صفا، فلا بُدَّ من أكدارٍ:* - منها الحذر عليه، - ومنها قلة مَيْلِه إلى هذا العاشق، وربما يتكلَّفُ القربَ منه، ويعلمُ الإنسان بقلة مَيْل محبوبِه إليه، فيَنغَصُ، بل يُنَغِّصُ، - فإن خاف منه خيانةً، احتاج إلى حراسةٍ، فقَوِيَت النُّغَصُ. *وأصلحُ المقاماتِ التَّوسُّطُ، وهو اختيار ما تميل النفس إليه ولا يرتقي إلى مقام العِشْق؛ فإنَّ العاشقَ في عذابٍ، وإنما يتخايَلُ الفارِغُ من العِشْق التذاذَ العاشق، وليس كذلك؛* فإنه كما قيل: *وما في الأرضِ أشقى مِن مُحِبٍّ* *وإن وَجَـدَ الـهوى عـذبَ الـمَذاقِ* *تـراه باكيًا فـي كـل وقـتٍ* *مَخافـةَ فُرْقَةٍ أو لاشتياقِ* *فـيبكي إن نَأَوْا شـوقًا إلـيـهـم* *ويبكي إن دَنَوْا خوفَ الــفِراقِ* *فتَسخُنُ عينُه عند التداني* *وتَسخُنُ عينُه عند الــفِراقِ* صيد الخاطر (ص ٣١٥).

👍 1
الكتاب الشهري
5/15/2025, 7:59:20 PM

*الحذر من الإعجاب بالنفس في الدعوة إلى الله:* قال ابن الجوزي رحمه الله: لقد تاب على يديَّ في مجالس الذكر أكثرُ من مائتي ألفٍ، وأسلم علي يديَّ أكثرُ من مائتي نفسٍ، وكم سالَتْ عين مُتجبِّرٍ بوعظِي لم تكن تسيل، *ويَحِقُّ لمَن تلمَّحَ هذا الإنعامَ أن يرجوَ التمامَ، وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزَلَلي.* ولقد جلستُ يومًا، فرأيتُ حولي أكثرَ من عشرة آلافٍ، ما فيهم إلا مَن قد رَقَّ قلبُه، أو دمعَتْ عينُه، *فقلتُ لنفسي: كيف بك إن نَجَوْا وهَلَكْتَ؟!* فصِحْتُ بلسان وَجْدي: *إلهي وسيدي! إن قضيتَ عليَّ بالعذاب غدًا، فلا تُعلِمْهم بعذابي؛ صيانةً لكَرَمِك لا لأجلي؛ لئلا يقولوا: عذَّب مَن دَلَّ عليه،* *إلهي! قد قيل لنبيك ﷺ: اقتُل ابنَ أُبَيٍّ المنافقَ! فقال: «لا يتحدثُ الناسُ أنَّ محمدًا يقتلُ أصحابَه»، إلهي! فاحفظ حُسْنَ عقائدِهم فيَّ بكَرَمِك أن تُعلِمَهم بعذاب الدليل عليك.* صيد الخاطر (ص ٣١٤).

❤️ 👍 😢 5
الكتاب الشهري
5/20/2025, 11:47:45 AM

*وجوب احترام هيبة بيت الله الحرام:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *حججتُ إلى بيت الله الحرام، فدخل إلى قلبي من هَيْبَة المكان ما لو لم يَمزِجْه الأُنسُ به، ما طابَ عيشي.* فكنتُ تارةً أنظر إليه بعين النسبة، فيشتدُّ تعظيمي له، وتارةً بعين لطف مالكِه، فآنَسُ بالبيت أُنسَ العبد ببيت سيِّدِه. *فرأيتُ من قلة احترام ساكني البلد عجائبَ،* وما ذاك إلا أنني رأيتُه بعين النسبة، ورأوه بعين المادَّة؛ فهم يرون الحجارة، وأنا أرى الإضافة، وهذه كانت مِحنةُ إبليس؛ فإنه نظر إلى المادَّة، ونسي الاختصاص والأمر. *فسبحان مَن أسْكَنَ حَرَمَه مثلَ أولئك، حتى إنهم يأخذون المُكسَ عن رؤوس الحُجَّاج، وما قَلَقْتُ لشيءٍ قطُّ قَلَقي مِن فعلِهم ذلك.* *وكان معنا شيخٌ بغدادي من التُّجَّار، فتولَّى لهم أخذَ المُكسِ، فهَجَرْتُه،* ورأيتُ خلقًا لم يتغيَّروا عليه؛ فهُمْ يُؤَاكِلونَه ويُشارِبونَه، فعلمتُ أنَّ الإيمانَ باردٌ في قلوبِهم. *ورأيتُ من عبيد مكة من استلاب الأموال وقلة الاحترام بالمكان ما أزْعَجَني.* ومن عجائب ما رأيتُ: أنهم كانوا يمشون بين يدي الخطيب يوم الجمعة بمِقلاعٍ يُضرَب على غفلةٍ يُزعِجُ المكانَ والناسَ، فأنكرتُ هذا، فقالوا: هذا شعارُهم، فقلتُ: *بِئْسَ الشعار هذا! فكان يجب احترامُه عن رفع الأصوات، والأذان يكفي.* صيد الخاطر (ص ٣٤٥).

👍 3
الكتاب الشهري
5/17/2025, 4:39:16 PM

*غفلة كثير من الناس عن تذكُّرِ أصول النِّعَم وشُكرِها:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *دوام النِّعَم على الآدمي يُنسيه قَدْرَها، فإذا فُقِدَتْ عَرَفَها.* *وإنما أعْيُنُ الخلق إلى فُضول النِّعَم: يشكرون عليها، وينزعجون لفَقْدِها، فكأنه ليس عليهم نعمةٌ إلا الزوائد، وهذه غفلةٌ عظيمةٌ.* *فالواجب على الإنسان أن ينظرَ إلى أصول النعم،* فإذا رأى - صحة الجسد، - والتمكين من اجتذاب الطعام وإساغتِه، - وسهولة اندفاع الأذى، - وراحة الجسم بالنوم، - وارتفاع الآلام في اليقظة، - وحصول الأمن، - ولو لم يكن إلا: سهولةَ اجتذابِ النسيم بالنَّفَس لترويح النَّفْس ورَدِّه، - ثم سَوْق الكفاية من الرزق، - وأعظم الكل: سلامة الاعتقاد؛ *فهذه أصولٌ قد نُسِيَتْ، وأُهْمِلَ الشكر عليها، وكأنها تلزم وتجب وتتعيَّن على المُنعِم، فلا نشكرُها،* وإنما نرى الزيادةَ - يعني: أنها نعمةٌ - وننسى هذه. *واللهِ، ما يعرف قدرَ النوم إلا مَن طَرَقَه الألم بالليل، ولا يعرف قدرَ العافية إلا مَن أَلَمَّ به أَلَمٌ،* *فالعجب لمَن أصبح سليمَ البدن، معافًى من ألمٍ، صحيحَ الخِلْقَة، عندَه قوت يومِه: كيف لا يَجِدُّ في الشكر؟!* فإذا حصل له شيءٌ من النعم الزوائد أخْجَلَه ذلك! فأعجبُ النعم: أن كثيرًا من الناس لا ينالون القوتَ إلا بعد ظلم الناس وأخذ ما ليس لهم، *فمَن رُزِقَ حلالًا ولم يُحْوَجْ إلى تعسُّفٍ في رزقٍ؛ فإنها مِن أعظم النعم.* صيد الخاطر (ص ٣٣٣).

👍 ❤️ 4
الكتاب الشهري
5/14/2025, 2:10:43 AM

*أهمية العُزلة للعالِم:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *ما أعرفُ للعالِم قَطُّ لذَّةً ولا عِزًّا ولا شَرَفًا ولا راحةً ولا سلامةً أفضلَ من العُزْلَة؛ فإنه ينال بها سلامة بدنِه ودينِه وجاهِه عند الله ﷻ وعند الخلق؛* لأن الخلق يَهونُ عليهم مَن يُخالِطُهم، ولا يَعظُم عندَهم قَدْرُ المُخالِط لهم؛ ولهذا عَظُمَ قَدْرُ الخُلَفاء؛ لاحتجابِهم. وإذا رأى العوامُّ أحدَ العلماء مُترخِّصًا في أمرٍ مباحٍ هانَ عندَهم، فالواجب عليه صيانةُ علمِه وإقامةُ قَدْرِ العلم عندَهم. فقد قال بعض السلف: *"كنا نمزح ونضحك، فإذا صِرْنا يُقتَدَى بنا، فما أُراهُ يَسَعُنا ذلك".* وقال سفيان الثوري: *"تعلَّموا هذا العلمَ، واكظِموا عليه، ولا تَخلِطوه بهَزْلٍ فتَمُجَّه القلوبُ".* فمُراعاة الناس لا ينبغي أن تُنكَرَ، وقد قال ﷺ لعائشة: *«لولا أنَّ قومَكِ حُدَثاء عهدٍ بكفرٍ، لنَقَضْتُ الكعبةَ، وجَعَلْتُ لها بابَيْنِ...»*... ولا تسمع من جاهلٍ يرى مثل هذه الأشياء رياءً، إنما هي صيانةٌ للعلم. وبيان هذا: أنه *لو خرج العالِم إلى الناس مكشوفَ الرأسِ، أو في يده كِسرةٌ يأكلها: قَلَّ عندهم، وإن كان مباحًا، فيصير بمثابة تخليط الطبيب الآمِر بالحِمْيَة.* فلا ينبغي للعالِم أن يَنبَسِطَ عند العوامِّ؛ حفظًا لهم، ومتى أراد مباحًا: فلْيَسْتَتِرْ به عنهم. *وهذا القَدْرُ الذي لاحَظَه أبو عبيدة حين رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد قَدِم الشام راكبًا على حمارٍ ورِجْلاه من جانبٍ، فقال: "يا أمير المؤمنين! يتلقَّاك عُظَماء الناس!" فما أحسنَ ما لاحَظَ!* إلا أن عمر رضي الله عنه أراد تأديبَ أبي عبيدة بحفظ الأصل، فقال: *"إن اللهَ أَعَزَّكم بالإسلام، فمهما طلبتم العِزَّ في غيرِه، أَذَلَّكم"،* والمعنى: ينبغي أن يكونَ طلبُكم العِزَّ بالدين، لا بصور الأفعال. *وإن كانت الصور تُلاحَظُ؛ فإنَّ الإنسانَ يخلو في بيتِه عريانًا، فإذا خرج إلى الناس لبس ثوبين وعمامةً ورِداءً، ومثل هذا لا يكون تصنُّعًا، ولا يُنسَبُ إلى كِبْرٍ،* وقد كان مالك بن أنسٍ يغتسل ويتطيَّب ويقعد للحديث. صيد الخاطر (ص ٣٠٩ - ٣١٠).

👍 ❤️ 3
الكتاب الشهري
5/18/2025, 11:25:07 AM

*سعة الصدر في حال الفقر نعمة كبرى:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *أجِدُ في الناس من هو واسع الصدر، طيب القلب، مع الفقر وضيق اليد، لا ينظر إلى حاجته إلى غدٍ.* *وأنا بحمد الله منهم؛ فإني قد عالجتُ من الفقر أشياء:* وقد كنت أُصبِح وليس عندي قوت يومي، ولا أعرف له وجهًا، وأنا طيِّب القلب ساكن النفس، وكم من يومٍ أصبحت لا أملك فيه حبةً، وثَمَّ زوجةٌ وأولادٌ، ومَن تعلَّقت بي جماعةٌ، وقلبي طيبٌ كأني أملك ألف دينارٍ. *فما انزَعَجَ قلبي بالفقر، ولا خطر أني لو متُّ وبقي أولادي فقراء، بل أقول - إذا خطر هذا -: قد مات أبي، وعاينتُ الفقرَ، وانصرفَ الزمانُ على خير حالٍ بين غنًى وقناعةٍ،* فإن أراد أن يُصلِحَ أولادي ويُدبِّرَ أمرَهم كما دبَّر أمري، فَعَلَ، وإلا، *فكم مِمَّن خلَّف مالًا كثيرًا لأولاده، فلم ينفعهم،* وهو يتولى الصالحين. *ثم إني كثيرًا ما رأيتُ مَن يكون معه الدينار والمائة، وهو في قَلَقٍ، وأكون أنا لا حبة معي، وأنا في غنًى،* وإذا قُدِّرَ لي دينارٌ أنفقتُه في يومين أو ثلاثة، ولم أنظر إلى ما بعد ذلك، وإذا حصلَتْ معي حبةٌ فكأني قد ضاهيتُ الأغنياءَ؛ بانشراح صدري وطيب قلبي. ورأيتُ في الناس مَن يَقرُب مِن هذه الحال، *ورأيتُ بالعكس: مَن يكون معه وله، وهو ضيق العَطَن، فقير النفس، كثير الهمِّ.* *فتأمَّلتُ السببَ في طيب القلب، فرأيتُه يتنوَّع إلى ثلاثة أقسامٍ:* ① *فتارةً يكون من سَعَة الصدر خِلْقَة ووضعًا.* ② *وتارةً يكون من ثقة العبد بالله ﷻ وأنه الرَّزَّاق.* ③ *وتارةً يكون من شعور النفس سعادةً مُعَدَّةً لها، وغنًى مُدَّخَرًا لها،* والنفوس الشريفة تشعر الآنَ قبلَ كَوْنِها، فكأنها تطَّلع على عاقبتها. *والغالب في العادات:* *أن سَعَة الصدرِ وطِيبَ القلبِ حالُ خيرٍ،* *وأن كسوفَ البالِ وضِيقَ الصدرِ حالُ شرٍّ.* صيد الخاطر (ص ٣٣٦ - ٣٣٧).

👍 🤲 🩵 5
الكتاب الشهري
5/20/2025, 4:44:23 PM

https://youtu.be/n0XPXkmcLzo?feature=shared

❤️ 👍 2
الكتاب الشهري
5/20/2025, 11:49:03 AM

*تضييع الأوقات عند كثير من الناس:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *ما رأيتُ أسهلَ على خَلقٍ كثيرٍ من تضييع العمر الذي هو أنفَسُ موجود الأنفُسِ.* قال الحسن البصري: *"يا ابن آدم، إنما أنت أيامٌ؛ إذا مضى يومُك مضى بعضُك".* *وقد رأيتُ أكثرَ العوام، فكلُّهم يُضيِّعون زمانَهم الفارغ من إنفاقِه في حاجةٍ فيما لا فائدةَ فيه، وربما كان فيما يَجلِب إثمًا،* فإذا فرغوا: - لعبوا بالشطرنج أو بالنرد، - أو قعدوا عند المُشعبِذ والمُحْدِث، - أو على الطريق يتفرَّجون أو ينظرون إلى مَن يَمُرُّ من النساء، - ويقطعون طولَ الليالي في الأحاديث الفارغة والأراجيف وغيرها. *ثم نظرتُ، فإذا كثيرٌ من العلماء أو كلُّهم يُضيِّع الزمانَ الشريفَ في فنونٍ أُخَرَ:* فمنهم: مَن يتصدَّر، ويحب التردُّد إليه والهناء له بالأيام الشريفة، ويقول: فلانٌ ما يزورُنا، فلانٌ ما نراه، فإذا اجتمع عندَه الناس تحدَّثوا بما يُضيِّع الزمان، ويحتاج هو لكثرة المعارف إلى مراعاة حقوقِهم وحضوراتِهم وأمزاجِهم. وما هذه أفعال مَن يعرف شَرَفَ العمر ولا مقدارَه، *وإنما العالم بالله سبحانه هو الذي يعرف شَرَفَ العمر، فلا يُنفِق منه لحظةً إلا في طاعةٍ، ويتحامى من أن يضيعَ عليه الزمان؛ ولهذا هرب خَلقٌ كثيرٌ إلى العُزْلَة؛ حفظًا للوقت، وخوفًا من حقوق المُخالَطة.* فالحذرَ الحذرَ من مجالسة الخلق، خصوصًا مَن هو في غير الجِنس [يعني: في غير جادَّة العلم]؛ فإنه إن سارَ به الإنسان: [سارَ و]معه شيءٌ على غيرِ الجادَّة، وإن سارَ به في جادَّة العلم: أبى ونَسَبَه إلى سوء الخُلُق والمُعاشَرة، *وأقلُّ ما تُثمِرُه المخالطةُ: سماعُ الغِيبَةِ.* صيد الخاطر (ص ٣٥١).

👍 ❤️ 7
الكتاب الشهري
5/15/2025, 11:45:23 AM

*بيان فضل الله ولطفه وتربيته لعبده، وأثر العلم الشرعي النافع في تقويم سير المؤمن إلى ربه:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *إنني أذكر في زمان الصَّبوة ووقت الغُلمة والعُزبة قدرتي على أشياء كانت النفس تَتُوق إليها تَوَقان العطشان إلى الماء الزُّلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلمُ من خوف الله ﷻ.* ولولا خطايا لا يخلو منها البشر، لقد كنت أخاف على نفسي من العُجْب، *غير أنه ﷻ صانني وعلَّمني وأطلعني من أسرار العلم على معرفته وإيثار الخلوة به، حتى إنه لو حضر معي معروفٌ وبِشْرٌ، لرأيتُهما زحمةً.* *ثم عاد فغَمَسني في التقصير والتفريط، حتى رأيت أقلَّ الناس خيرًا مني،* وتارةً يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته، وتارةً يحرمني ذلك مع سلامة بدني. *ولولا بِشارة العلم بأن هذا نوع تهذيبٍ وتأديبٍ؛ لخرجتُ:* - *إما إلى العُجْب عند العمل،* - *وإما إلى اليأس عند البطالة،* لكن رجائي في فضله قد عادَلَ خوفي منه. وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه؛ لأني رأيت أنه قد ربَّاني منذ كنت طفلًا؛ فإنَّ أبي مات وأنا لا أعقل، والأم لم تلتفت إليّ، *فركز في طبعي حُبَّ العلم، وما زال يوقعني على المُهِمِّ فالمُهِمِّ، ويحملني إلى مَن يحملني على الأصْوَب، حتى قوَّم أمري، وكم قد قصدني عدوٌّ فصدَّه عني، وإذ رأيتُه قد نصرني وبصَّرني ودافع عني ووهب لي: قَوِيَ رجائي في المستقبل بما قد رأيتُ في الماضي.* صيد الخاطر (ص ٣١٣ - ٣١٤).

👍 ❤️ 5
الكتاب الشهري
5/13/2025, 2:27:35 AM

*غلَبةُ العمل بالعادات على العمل بالشرائع عند كثير من الناس:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *رأيت عادات الناس قد غلبَتْ على عملهم بالشرع، فهم يَستَوْحِشونَ من فعل الشيء، لعدم جَرَيان العادة، لا لنهي الشرع*... ترى خلقًا يُحافِظون على صلاة الرغائب، ويتوانَوْنَ عن الفرائض. *وكثيرًا من المُتصوِّفين لا يَستَوْحِشونَ من ظلم الناس، ثم يتصدَّقون على الفقراء.* وربما توانَوْا عن إخراج الزكاة، وتكاسَلوا باستعمال التأويلات فيها، ثم إذا حضر أحدُهم مجلسَ وعظٍ بكى، كأنه يُصانِعُ تلك الحال. ومنهم: مَن يُخرِجُ بعضَ الزكاة، مُصانعةً عمَّا لم يُخرِجْه. *ومنهم: مَن يعلم أنَّ أصلَ مالِه حرامٌ، ويصعب عليه فِراقُه، للعادة.* وفيهم: مَن يحلف بالطلاق ويحنث، ويرى الفراق صعبًا، فربما تَأَوَّلَ، وربما تكاسَلَ عن التأويل؛ اتِّكالًا على عفو الله تعالى، ووعدًا من النفس بالتوبة! *ومنهم: مَن يرى أنَّ استعمالَ الشرع ربما كان سببًا في تضييق معاشِه، وقد أَلِفَ التَّفسُّحَ، فلا يَسهُلُ عليه فراق ما قد أَلِفَ*... وإن وقعت موافقةٌ للشرع، فكما اتَّفَقَ، أو لأجل العادة؛ *فإن الإنسانَ لو ضُرِبَ بالسياط ما أَفْطَرَ في رمضان، عادةً قد استمرَّت! ويأخذ أعراضَ الناس وأموالَهم، عادةً غالبةً!* صيد الخاطر (ص ٣٠٧ - ٣٠٨).

👍 🙏 5
Link copied to clipboard!