
الخوارج بين الحاضر والماضي
February 11, 2025 at 12:46 PM
🔻 *مناظرة الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنها للخوارج*
عن عبد الله بن عباس رضي اللَّهُ عَنْهُما: قال قلت: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة (لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، أدخل على هؤلاء القوم فأكلمهم، فقال: إني أخاف عليك، فقلت: كلا، وكنتُ رجلًا حسن الخلق، لا أؤذي أحدًا، فأذن لي، فلبست حُلة من أحسن ما يكون من اليمن وترجلتُ، فدخلت عليهم نصف النهار،
فدخلت على قوم لم أر قط أشدَّ منهم اجتهادا، جباههم قرحة من السجود، وأياديهم كأنها يفن الإبل، وعليهم قمص مرحضة، مشمرين مسهمة وجوههم من الشهر.
فَسَلَّمتُ عليهم فقالوا: مرحبا بابن عباس، ما جاء بك؟ فقلت: أتيتكم من عند المهاجرين والأنصار، ومن عند صهر رسول الله ، وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم، فقالت طائفة منهم: لا تخاصموا قريشًا فَإِنَّ الله عز وجل يقول:
قَوْمُ خَصِمُونَ ) [الزخرف: ٥٨].
فقال اثنان أو ثلاثة: لنكلمنه، فقلت: (هاتوا ما نقمتم على
صهر رسول الله ﷺ والمهاجرين والأنصار، وعليهم نزل القرآن وليس فيكم منهم أحد ؟ قالوا : ثلاثا، قلت: هاتوا، قالوا: أما إحداهن: فإنه حكم الرجال في أمر الله، وقد قال الله عز وجل: الان الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ [الأنعام: ٥٧]. فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل ؟ فقلت: هذه واحدة، وماذا؟.
قالوا: وأما الثانية: فإنَّه قاتل وقتل ولم يَسْبٍ ولم يغنم، فإن كانوا مؤمنين فلم حل لنا قتالهم وقتلهم ولم يحل لنا سبيهم؟ قلت: وما الثالثة؟.
قالوا: فإنه محا عن نفسه أمير المؤمنين، فإنه إن لم يكن أمير المؤمنين فإنه لأمير الكافرين؟ قلت هل عندكم غير هذا؟
قالوا: كفانا هذا.
قلت لهم: أما قولكم حكم الرجال في أمر الله، أنا أقرأ عليكم في كتاب الله ما ينقض هذا فإذا نقض قولكم أترجعون؟ قالوا: نعم، قلت: فإنَّ الله قد صير من حكمه إلى الرجال في ربع درهم ثمن أرنب، وتلا هذه الآية: (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُم حُرم ) [المائدة: ٩٥]. إلى آخر الآية. وفي المرأة وزوجها، قال: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَأَبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ، وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء: ٣٥]. فَنَشَدتكم بالله هل تعلمون حكم الرجال في إصلاح ذات بينهم، وفي حقن دمائهم أفضل، أم حكمهم في أرنب؟ وبضع امرأة؟ فأيهما ترون أفضل؟ قالوا: بل هذه، قلتُ: أَخَرَجْتُ من هذه؟ قالوا نعم.
قلت: وأما قولكم قاتل ولم يسبِ ولم يَعْنَم، فَتَسبُونَ أمكم عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فوالله لئن قلتم ليست بأمنا لقد خرجتم من الإسلام، ووالله لئن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الإسلام، فأنتم بين ضلالتين؛ لأنَّ الله عَزَّ وجل قال: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهَهُم) [الأحزاب: ٦]. أَخَرَجْتُ من هذه؟ قالوا نعم.
قلت: وأما قولكم محا عن نفسه أمير المؤمنين فأنا آتيكم بمن ترضون، النبي ﷺ يوم الحديبية صالح المشركين فقال لعلي رضي الله عند اكتب لهم كتابا فكتب لهم علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله فقال المشركون: والله لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، فقال رسول الله ﷺ: «اللهم إنك تعلم أني رسول الله، امح يا علي اكتب: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله فو الله الرسول الله خير من علي وقد محا نفسه.
قال: فرجع معه ألفان.
👍
1