
مجلة البيان
February 4, 2025 at 03:13 PM
#المسلمون_والعالم
مستقبل التغيير في سوريا
بقلم/ حسن الرشيدي
هل سينجح الحُكم السوري الجديد في الاستمرار؟
هذا هو السؤال الأبرز الذي يدور على الألسنة في عالمنا العربي والإسلامي، ويتعلق بمصير الحكم الجديد في سوريا.
فبعد أن انكفأت فصائل الثورة السورية على نفسها في محافظة إدلب في الشمال الغربي السوري لعدة سنوات، فإذا بها في اليوم السابع والعشرين من شهر نوفمبر الماضي تتحرَّر من قمقمها، وتنطلق منه لتقع في يديها غالبية المحافظات السورية، ولم يستغرق الأمر عشرة أيام، لتصل إلى دمشق، ويتم الإعلان عن إسقاط حكم عائلة الأسد الطائفي، والذي دام خمسين عامًا.
إن الصدمة العالمية والإقليمية والشعبية التي صاحبت التغيير في سوريا، لا تقل عن الصدمة التي أحدثها هجوم طوفان الأقصى، والذي شنَّته فصائل المقاومة الفلسطينية بزعامة كتائب القسام على جنوب الكيان الصهيوني في السابع من أكتوبر في عام ٢٠٢٣م؛ إن لم تكن أشد وطأة.
ولكن بعد الفرحة العارمة -والتي لم تقتصر على سوريا وحدها، بل عمَّت أرجاء الأمة الإسلامية- بزوال حُكم الأقلية النصيرية، وتصدُّع المشروع الإيراني في المنطقة؛ حانت لحظة التفكُّر والقلق على ما ينتظره هذا التغيير.
والذي يستدعي القلق هو حجم التحديات التي تُواجه الحكم في سوريا بعد سقوط الأسد.
فهناك قوى دولية لا تزال موجودة في سوريا، ولها قواعدها العسكرية على الأرض كالولايات المتحدة، أو موجودة في قواعدها البحرية مثل روسيا، كما تعاني سوريا من تدخُّل دُوَل إقليمية بأجندتها التوسعية، مثل إيران والكيان الصهيوني.
وكلّ من هذه القوى الدولية والإقليمية لها أدواتها من تنظيمات وميليشيات مُسلَّحة داخل سوريا تنتمي إلى طوائف مختلفة؛ سواء عِرْقية أو مذهبية أو دينية، والتي تضغط بها هذه الدول في محاولة لتشكيل النظام القادم ليخدم أجندتها وأهدافها.
لذلك ولتوقع مستقبل التغيير الحاصل في سوريا لا بد من تحليل أغلب تلك العوامل المؤثرة في هذا المشهد، ومعرفة أيّ الاتجاهات الحالية ستتمدد في المستقبل، ومِن ثَم رَسْم السيناريو المرغوب، والذي يمكن أن يؤدي إليه هذا التغيير.
السيناريو كأداة للتوقع
السيناريو هو وصف لوضع مستقبلي ممكن أو محتمل أو مرغوب فيه؛ يتم من خلاله توضيح ملامح المسار أو المسارات التي يمكن أن ينجم عنها هذا الوضع المستقبلي؛ وذلك انطلاقًا من الوضع الراهن أو من وضع ابتدائي مُفتَرَض.
وهذا التعريف يجعل السيناريو مكونًا من ثلاثة أجزاء؛ وضع ابتدائي مُفترَض، ووضع مستقبلي، ومسارات من الابتدائي إلى المستقبلي.
أيّ إن بناء السيناريو هنا يَعتمد على ثلاث خطوات:
- تحديد الوضع الراهن أو الابتدائي، والذي يُؤثِّر فيه الوضع السوري الداخلي والخارجي.
- وصف الوضع المستقبلي، إما بكونه وضعًا مرغوبًا فيه، أو محتملًا، أو ممكنًا.
- تعيين المسارات التي سيسير فيها السيناريو.
وضع سوريا الجديد بعد إسقاط بشار
في أواخر شهر نوفمبر الماضي؛ أعلنت الفصائل السورية المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب بَدء عملية أطلقت عليها «ردع العدوان».
قطعت الفصائل الطريق الدولي بين دمشق وحلب، ومِن ثَم سيطرت على معظم أحياء حلب في مفاجأة أذهلت الجميع.
وبعدها تقدَّمت تلك القوات إلى حماة لتعلن سقوطها في أيديها، وتتوالى سقوط المدن بعدها، حتى استولت على حمص، وفي هذه الأثناء كانت هناك فصائل أخرى مسلحة تسيطر على درعا، بينما تحركت مجموعات درزية مسلحة لتتسلم من قوات بشار الأسد محافظة السويداء.
بينما تحرَّكت فصائل كردية -والتي تُعرَف اختصارًا باسم قسد-؛ لتسيطر على محافظتي الحسكة والرقة وبعض أحياء حلب الشرقية.
وفي فجر يوم الثامن من ديسمبر 2024م، أعلنت الفصائل القادمة من درعا دخول دمشق وبثّ التليفزيون السوري الرسمي أول بيان للفصائل بعد هروب الأسد، وفي خلال ساعات انسحبت المجموعات الجنوبية من العاصمة، وأخلت أماكنها لقوات الفصائل القادمة من الشمال، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام بزعامة أحمد الشرع، والذي بادَر على الفور بتشكيل حكومة مؤقتة تُدير أمور البلاد.
ولكن ما هي إستراتيجيات الحكومة المؤقتة تلك؟
المقال https://albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=33253
🔴 من مقالات #مجلة_البيان عدد(456) لشهر شعبان 1446هـ