مجلة البيان
مجلة البيان
February 20, 2025 at 03:43 PM
#أعلام (أرشيف) أبو الكلام آزاد... بصمات قرآنية فريدة يحتفي بها التاريخ بقلم/ د. محمد منصور الهدوي الفلوري آزاد: النشأة والسيرة: ولد محيي الدين أحمد بن خير الدين المشهور بلقب (أبو الكلام آزاد) فـي مكة المكرمة، (1888م/ 1306هـ - 22 فبراير 1958م/ 3 شعبان 1377هـ)، وقد أخذ كنية (أبو الكـلام) لكونه خطيباً بارعاً، أما كلمة آزاد فتعني في اللغة الأردية «الحُر»، ينحدر أبو الكلام من أسرة أفغانية هاجرت إلى الهند في زمن الإمبراطور بابر مؤسس الدولة المغولية في الهند سنة 1526م/ 932هـ، فتلقـى تعليمه وتربيته الأولى فيها، وأتقن اللغة الإنجليزية والفارسية بالإضافة إلى الأردية والعربية، وقام برحلة ما بين عامي 1908 - 1912م إلى جميع بلاد الشرق الأوسط الإسلامية، كما أسس آزاد مجلة «الهلال» عام 1912م في الهند، بحيث صارت إحدى أهم المجلات الأوردية من الناحية السياسية، وخلال الحرب العالمية الأولى انطلقت الصحف والمجلات الهندية لتأييد تركيا وحليفتها ألمانيا، فمُنعت واحدة تلو الأخرى، حتى منعت مجلـة (الهلال) وهو ما دفع أبو الكلام آزاد لأن يؤسس جريدة أخرى هي «البلاغ»، والتي سرعان ما مُنعَت هي الأخرى بعد ظهورها بعدة أشهر، وطُرِد مؤسسها آزاد من إقليم البنغال، مثلما مُنع من الإقامة بعدة ولايات هندية أخرى إلى أن جرى اعتقاله في رانجي ببهار وقد سجن مدة ثلاثة سنوات ونصف حتى عام 1920م. في سلك السياسية رمز كفاحٍ للتحرير: بعد خروجه من السجن تم اختياره رئيساً لحزب المؤتمر خلفاً لمحمد علي جوهر عام 1923م وبقي فيه مدة قصيرة، وقد عمل جاهداً من موقعه على رأب الصدع بين المسلمين والهندوس وتوحيد جهود نشطاء التحرير، وأعيد اختياره لرئاسة الحزب ثانية فتزعمه بين عامي 1940 - 1946م؛ إذ كانت فترةً حساسةً كان رأي أبو الكلام فيها أن تدخل الهند الحرب العالمية مع بريطانيا ضد ألمانيا في مقابل الحصول على الاستقلال، وفي تلك الفتـرة اعتقل أبو الكلام وغاندي وبقية زعامات المؤتمر، فثار الشعب وانتشرت الاضطرابات، فأُفرج عن آزاد في وقت لاحق. ورغم هذا التحدي كله ظل عنيداً مثابراً على خطِّ تحرير بلده حتى نيل الاستقلال في عام 1947م، وفي ما بعد الاستقلال أيضاً، حيث قاوم أبو الكلام آزاد تقسيم شبه القارة الهندية، وسعى إلى بناء أيديولوجيا قومية هندية جامعة للهندوس والمسلمين. اكتشافات آزادية في قصة (ذو القرنين)... بصمات لم يسبق لها النظير: يدور رحى كلامنا حول آيٍ من الآيات القرآنية من سورة الكهف التي تتناول قصة ذي القرنين التاريخية الشيقة، وهي كالتالي: قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 83] إلخ... موقف المفسرين والمؤرخين من ذي القرنين؟ يذكر تفسير الكشاف للزمخشري أنه الإسكندر، وقيل إنه عبدٌ صالح، والإمام ابن كثير يذكر في تفسيره أنه الإسكندر ثم يبطل هذا، وأورد في تاريخه (البداية والنهاية: 2/ 102) مثل ذلك وزاد أنه نبي أو مَلَك، أما القرطبي في تفسيره فقد أورد أقوالاً كثيرةً أيضاً: كان من أهل مصر واسمه (مرزبان)، وعن عمر وعلي رضي الله عنهما بأنه مَلَك... أو عبدٌ صالح وهي روايات غير صحيحة ولا سند لها. أما الآلوسي في تفسيره، فقد جمع الأقوال السابقة كلها تقريباً، وقال: لا يكاد يسلم فيها رأي، ثم اختار أنه الإسكندر المقدوني ودافع عن رأيه بأن تلمـذته لأرسطو، لا تمنـع من أنه كان عبداً صالحاً. أما المفسرون المحدَثون فكانوا كذلك ينقلون عن الأقدمين. ردود حادة لـ (أبو الكلام) على هذه الأقوال: لم يرضَ أبو الكلام آزاد قولاً من هذه الأقوال، بل ردَّها قائلاً: إنها قامـت على افتراض مخطئ لا يدعمه دليل، وعُنِي بالرد علـى من يقــول بأنه الإسكندر المقدوني، بأنه لا يمكن أن يكون هو المقصود بالذكر في القرآن؛ إذ لا تُعرَف له فتوحات بالمغرب، كما لم يعرَف عنه أنه بنى سدّاً، ثم إنه ما كان مؤمناً بالله، ولا شفيقاً عادلاً مع الشعوب المغلوبة، وتاريخه مدوَّن معروف. كما عني بالرد على من يقـول بأنه عربي يمنـي، بأن سبب النزول هو سؤال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين لتعجيزه وإحراجه، ولو كان عربياً من اليمن لكان هناك احتمال قوي لدى اليهود - على الأقل - أن يكون عند قريش علم به، ومن ثَمَّ عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فيصبح قصد اليهود تعجيز الرسول عليه الصلاة والسلام غير وارد ولا محتمل، لكنهم كانوا متأكدين حين سألوه بأنه لم يصله خبر عنه، وكانوا ينتظرون لذلك عجزه عن الرد، سواء قلنا بأنهم وجَّهوا السؤال مباشرة أو أوعزوا به للمشركين في مكة ليوجِّهوه للرسول عليه الصلاة والسلام، ثم قال: «والحاصل أن المفسرين لم يصلوا إلى نتيجة مقنعة في بحثهم عن ذي القرنين، القدماء منهم لم يحاولوا التحقيق، والمتأخرون حاولوه، ولكن كان نصيبهم الفشل، ولا عجب فالطريق الذي سلكوه كان طريقاً خاطئاً، لقد صرحت الآثار بأن السؤال كان من قبل اليهود فكـان لائقاً بالباحثين أن يرجعوا إلى أسفار اليهود ويفتشوا هل يوجد فيها شيء يلقي الضوء على شخصية ذي القرنين، إنهم لو فعلوا ذلك لفازوا بالحقيقة». لماذا...؟ لأن توجيه السؤال من اليهود للنبي عليه الصلاة والسلام لإعجازه ينبىء عن أن لديهم في كتبهم وتاريخهم علماً به، فكان الاتجاه السليم هو البحث عن المصدر الذي أخذ منه اليهود علمهم بهذا الشخص... ومصدرهم الأول هو التوراة... المقال https://albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=10090 🔴 من مقالات #مجلة_البيان عدد(397) لشهر رمضان 1441 هـ

Comments