
مجلة البيان
February 26, 2025 at 07:30 PM
#العقيدة_والشريعة (أرشيف)
حقوق المرأة في المذهب الشيعي
بقلم/ أ.د. ناصر بن عبد الله القفاري
قرأت قبل ما يزيد عن ثلاثين سنة ما ذكره الشيخ موسى جار الله - آخر شيخ للإسلام في روسيا - في كتابه «الوشيعة» بعد إقامة طويلة له في إيران عن حال المرأة البائس في بلاد الشيعة - كما يعبر - وذلك حين ذكر بأنه كتب لمراجعهم ورقة وسلمها لمرجع الشيعة في عصره محسن العاملي، ليقدمها كما يقول لمجتهدي طهران، ومما جاء في هذه الورقة: «أرى ابتذال النساء وحرمات الإسلام في شوارع مدنكم بلغ حدًّا لا يمكن أن يراه الإنسان في غير بلادكم»[1].
وكنت أظن أن هذا انحراف في واقعهم تنكره أصولهم ولا يقره مذهبهم، وينبذه رجال دينهم، ولكني حينما وقفت على مصادرهم أثناء دراستي للتشيع في مرحلتي الماجستير والدكتوراه وما بعدها رأيت أن هذا الابتذال ثمرة مرة لما جمعته مصادرهم من نصوص منسوبة كذبًا لبعض آل البيت، تتضمن امتهانًا للمرأة، وظلمًا لها، وانتقاصًا من مكانتها، وانتهاكًا لحقوقها، وأنواعًا من التمييز والاستعلاء الذكوري المقيت ضدها، وحرمانها من أيسر حقوقها التي كفلتها لها شريعة الإسلام كالميراث والحياة الزوجية الآمنة المستقرة، بل تنتهي هذه النصوص إلى أن المرأة مصدر كل الشرور، ووصفها بأوصاف لا تليق بدينها، بل ولا بإنسانيتها.
ففي مصادرهم المعتمدة لديهم توصف المرأة بأنها السبب الأول، بل ربما الأوحد لصرف الناس عن عبادة رب العالمين، فقد جاء في كتاب «من لا يحضره الفقيه»[2]: «لولا النساء لعُبد الله حقًّا حقًّا»[3]، وهذا يعني أن المرأة هي المانع للبشرية من عبادة الله - جل وعلا - والنصوص الشرعية تذكر أن المانع من عبادة الله قد يكون الشيطان بوسوسته وإغرائه، وقد يكون النفس الأمارة بالسوء، وقد يكون غيرها من سبل الإغواء.
وتأتي بعض نصوصهم لتقسم المرأة باعتبار عمرها إلى قسمين: القسم الأول: ما يجتمع فيه خيرها وشرها، وهذا يكون في أول عمرها، والقسم الثاني: ما يبقى فيه شرها ويذهب خيرها، وهو آخر عمرها إذا كبرت، يروون عن أبي جعفر - عليه السلام - أنه قال: «إن المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها وبقي شرهما: ذهب جمالها، وعقم رحمها واحتد لسانها»[4].
وتأتي روايات أخرى تصف المرأة بالشبق وشدة الغلمة وثوران الشهوة: «خلق الله الشهوة عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء في النساء، وجزءًا واحدًا في الرجال، ولولا ما جعل الله فيهن من الحياء على قدر أجزاء الشهوة لكان لكل رجل تسع نسوة متعلقات به»[5]، «إن الله جعل للمرأة صبر عشرة رجال فإذا هاجت كانت لها قوة شهوة عشرة رجال»[6]، و«فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين من اللذة ولكن الله ألقى عليهن الحياء»[7].
وهذه الدعاوى لا أصل لها من علم، ولا دلالة عليها من واقع[8].
وتوصف المرأة في مصادر الشيعة بالعي الذي لا يستر إلا بالسكوت، وأنها عورة في كل حال لا ستر لها إلا في البيوت، تقول: «النساء عي وعورة فاستروا العورات بالبيوت، واستروا العي بالسكوت»[9].
أما المرأة في الإسلام فكانت راوية للحديث، وداعية إلى دين الله، وكان منهن عالمات، وفقيهات، ومحدثات.
والمرأة العقيم في موازين الشيعة منزوعة الخيرية، بل بعض الجمادات خير منها مهما كان صلاحها وتقواها، تقول مصادرهم: «لَحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد»[10].
وهذا اعتراض على قدر الله تعالى، فالله جل وعلا يجعل من يشاء عقيمًا، كما قال سبحانه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِـمَن يَشَاءُ إنَاثًا وَيَهَبُ لِـمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ 49 أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ 50} [الشورى: 49، 50]، وهذا لا سبب للمرأة فيه، بل قد تؤجر العقيم على صبرها ورضاها بما قدر الله عليها.
وفي مصادر الشيعة أن من علامة الشؤم الذي توصف به المرأة عسر ولادتها، وشدة مؤونتها، تقول مصادرهم: «من بركة المرأة خفة مؤونتها وتيسير ولادتها، ومن شؤمها شدة مؤونتها وتعسير ولادتها»[11].
أما في دين الإسلام فإن ما يصيب المرأة من ألم أو نصب أو تعب فهو كفارة لذنوبها ورفع لدرجاتها، عن أبي سعيد الخدري، وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه»...
المقال https://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=4290
🔴 من مقالات #مجلة_البيان عدد(335) لشهر رجب 1436 هـ
👍
2