
قناة : فهد بن شارع العتيبي ..
February 12, 2025 at 10:26 AM
يقول الشيخ محمد الموسى رحمه الله وهو مدير مكتب الشيخ ابن باز : وقبل وفاة سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله بسنوات حصل بينه وبين الشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري خلاف حول مسألة إباحة الغناء، فكان سماحته يناصح الشيخ أبا عبد الرحمن في هذه المسألة، ويتلطف به، فكتب الشيخ أبو عبد الرحمن مقالاً رائعاً في المجلة العربية في صفحته تباريح بعنوان ( بيني وبين الشيخ ابن باز ) ،حيث بيّن فيه حسن تعامل سماحة الشيخ، ونصحه، وصدق نيته، وحرصه على هداية الناس، فإليك نص ذلك المقال الذي يقول فيه الشيخ أبو عبد الرحمن: كانت وقوداً لي، ولم تفت في عضدي عبارات التثبيط التي يلذعني بها بعض أساتذتي إذا ما أحسوا مني صلفاً، واستفزازاً، بل كان اندفاعي وطموحي عاتي التيار.
ولكن كثرة التقريع إضافة إلى مكانتهم في قلبي جعلتني أعدل الميزان من فكري ووجداني.
ولا أزال أذكر موعظة شيخي محمد عبد الوهاب بحيري متعه الله بالصحة والعافية عندما كان يشرف على رسالتي التي عدلت عنها، فقد قال لي : إن من تتلمذ على ابن حزم في مثل سنك يكون نارا على المسلمين، وأوصاني نفعه الله بالورع قبل العلم.
يقول أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري : ومنذ عشر سنوات قدمت لشيخي سماحة الشيخ ابن باز نسختي من كتابي عن تارك الصلاة عمداً هل يقضي أم لا .
فحذرني من الصلف والعنف، وأوصاني بما تستأنس به القلوب، وعندما جادلته في المُحلّى لابن حزم أبدى لي أنه تركه منذ أزيد من ثلاثين عاماً، لما فيه من عنف.
وكنت أتهيب الحضور في مجلس الشيخ، إلّا لحاجة ضرورية تخصّني في ذات نفسي ، وقد كان رحمه الله نعم الأب والمعين بعد الله في قضاء حوائج المسلمين.
وفيما سوى ذلك أتحاشى مجلسه مع شددة الشوق إليه، لكثرة ما يعنفني.
وبعض الأحباب لا ينقلون له عني إلا ما يشينني عنده، وذات مرة استفتاني والدي رحمه الله وهو في فراش الموت، فأفتيته.
فقال لي: يا بني ! من غير احتقار لك، لا أقنع إلاّ بفتوى موقعة من الشيخ ابن باز، فأتيت سماحته، وأفتى بما أفتيت به، وقد كان حمل إليه عدد من مجلة الثقافة والفنون كتبت فيها خمساً وأربعين صفحة مما لا تسر الكتابة عنها ولا تشرف، فصار ينهرني، وأنا أحاوله بأن يكون النصح ستراً لا تشهيراً، وكنت أخاف أن يسمعه الشيخ إبراهيم الحصيّن، وهو أستاذ لي بالابتدائي، وأستحي منه.
وكان الشيخ يردد : ما أعظم مصيبتك عند الله ثم صار يبرم أطراف غترته ، ويدعو لي وقد اغرورقت عيناه، فزالت الموجدة من نفسي، وتمزق قلبي حزناً، ما أصدق هذا الإنسان في موعظته، وحرصه على هداية الناس، وطلب حسن العقبي لهم.
ولو جادلني لكابرت في المجادلة، وقد فتح الله قلبي لحسن نيته، ومنذ تلك اللحظة بشهور تقلص حب الغناء والطرب من وجداني، وتولدت عندي كراهة الغناء كراهة ما كنت أتصور حدوثها قط، فسبحان مقلب القلوب.
فإن عاودني الحنين بعد سنة أو سنتين فإنما ذلك لبعض الأغاني الشعبية، أو أغاني الريف والصعيد ذات المعاني المحببة، على أنني لا أتمادى في السماع، فإن تماديت أحسست بالوحشة، وليست هذه الكراهة عن برهان شرعي انقدح في ذهني، وإنما هي كراهة ووحشة قذفت في قلبي، ولا أعلم كيف جاءت، بل كانت تلاوتي للقرآن أربي، وكنت قبلاً لا أتعهده إلاّ في رمضان، أو فيما ندر.
وهكذا ظل بعض الأحباب ينقلون عني الصور المظلمة، ولا يكادون يذكروني بخير، فوهبت لهم عرضي وهجرت أعز مجلس لدي، وأبقيت لسماحته الدعاء الصالح كلما ذكرته، فقد كان فاتحة خير لي دنيا وآخرة.
وأما ما يلاحظه عليّ سماحته فيما أنشره أو أذيعه فقسمان : قسم حققته عن اجتهاد كتمسكي بأصول أهل الظاهر، فهذا لن أحول عنه بعد أن كان يقيناً أو راجحاً عندي ، وأرجو الله أن ألقاه صادق الاجتهاد نزيهه.
وقسم غيره خير منه، أو أولى منه، وهذا شيء أتمناه فكراً، وأعجز عنه سلوكاً.
❤️
1