عروة الصادق 𝒪𝓇𝓌𝒶 𝒜𝓁𝓈𝒶𝒹𝒾𝑔
عروة الصادق 𝒪𝓇𝓌𝒶 𝒜𝓁𝓈𝒶𝒹𝒾𝑔
February 7, 2025 at 07:32 PM
`(لعنة) القوة المشتركة بين (المعلن) و(الواقع) الميداني` https://x.com/orwaalsadig/status/1887947206046662755?s=19 ● في غمرة انتشاء بعض قيادات السلطة في بورتسودان وفي خضم الصراع المحتدم في السودان، وفي ظل الانتهاكات والفظائع وواقع تهريب الثروات وتبديد الأموال، برزت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح كفاعل رئيسي (مستخدم) في المشهد العسكري والسياسي، ولكن مع تصاعد الأحداث تزايدت التساؤلات حول مدى التزام هذه القوة بمصالح الجنود والمواطنين والآن نشاهد المزايدات، وهل تحولت من أداة لحماية الأقاليم المهمشة إلى وسيلة لخدمة أجندات ضيقة، متماهية مع ممارسات الحزب المحلول في سعيه لاستعادة السلطة عبر تحالفات مريبة؟ - منذ انطلاق العمل المسلح في دارفور والمنطقتين، كان الدافع الأساسي للجنود والمقاتلين هو حماية أهلهم ومناطقهم من التهميش والاعتداءات، لكن مع مرور الوقت ظهرت مؤشرات على أن القيادات العليا للقوة المشتركة أصبحت أكثر اهتمامًا بالمناصب السياسية والمكاسب الشخصية على حساب المقاتلين في الميدان، والشواهد على ذلك كثيرة فمنذ دخول بعضهم السودان باتفاق السلام إلى يومنا هذا هناك بعض هؤلاء القيادات لم يزر إقليمه لمرتين على أسوأ تقدير. - في البيان الأخير للقوة المشتركة بتاريخ ٧ فبراير الجاري، تم انتقاد سلطات الأمر الواقع وحكومة بورتسودان بسبب عدم الاهتمام بجرحى الحرب، لكن المفارقة أن القيادة نفسها لم تتخذ إجراءات حقيقية لضمان علاجهم أو تحسين أوضاعهم المعيشية، بل انشغلت بترتيب تحالفاتها السياسية. - رغم الخطاب الموجه حول الدفاع عن المدنيين، فإن الأولويات الفعلية على الأرض تشير إلى أن القرارات تتخذ بناءً على اعتبارات سياسية وعسكرية بحتة، وليس من منطلق حماية الأبرياء، لذلك ظللت أردد أن آخر ما يمكن أن يتم وضعه في الحسبان هو أوضاع المواطنين ومصالحهم وخدماتهم الأساسية. - لكن المفارقة الكبرى تكمن في أن الحركات المسلحة التي كانت تدّعي تمثيل المهمشين أصبحت الآن جزءًا من لعبة سياسية تدور في فلك المركز المتقوقع في بورتسودان وتتحكم فيه عصابة ظلت تدير شأن السودان وتمتص موارده وتدير المكائد ضد شعبه، على حساب المناطق التي نشأت منها. - وما يؤسف له أن الحركات المسلحة التي انخرطت في القوة المشتركة لم تسعَ لتطوير مشاريع تنموية أو تحسين الوضع الإنساني في دارفور وكردفان والنيل الأزرق طوال فترات سيطرتها على تلك المناطق، بل انشغلت بالمفاوضات السياسية التي تضمن لها حصة من كعكة السلطة، وتؤمن دور سياسي صوري لقيادات انحسر وانحصر جهدهم في طرقات وأزقة مدينة بورتسودان على شاطيء البحر الأحمر. - بدلاً من تقديم نموذج مختلف عن حزب المؤتمر الوطني المحلول، سارت القوة المشتركة على خطاه من حيث استخدام السلاح كوسيلة للضغط السياسي، وإبرام تحالفات تخدم قياداتها دون الالتفات لمطالب القواعد الشعبية، بل تماهت قيادة القوة المشتركة بصورة تبلغ التطابق مع أجندة النظام المباد وبعضهم انغمس بوعي أو بدونه في مشروع الحركة الإخوانية الاستعلائي التمزيقي المستبد وصاروا أدوات تنفيذية (متوركة) أكثر من (الترك) أنفسهم. - ومن أكثر التطورات المثيرة للقلق هو انحياز بعض مكونات القوة المشتركة إلى تحالفات مع قوى سياسية كانت جزءًا من النظام السابق، ويجاورونهم في التحرك والتفكير والتآمر والتدبير، ويستخدمهم بعض هؤلاء لتهريب موارد البلاد لصالح جيوب تلك العناصر في استغفال ينم عن مكر ونزغ، في محاولة لاستعادة السلطة تحت مظلة جديدة. - معلوم للجميع أن النظام السابق سعى إلى تركيز السلطة والثروة في مناطق الوسط (الخرطوم، الجزيرة، نهر النيل)، وهو ما عُرف بـ"مثلث حمدي"، على حساب الأقاليم الطرفية. واليوم تبدو القوة المشتركة وكأنها تساهم في إعادة نفس السياسات من خلال تحالفات مشبوهة تهدف إلى تمكين نخبة معينة دون معالجة قضايا التهميش، وتخدم مشروع التمزيق بالدماء والرجال والمال. - وكما فعل النظام السابق ورئيسه المخلوع، هناك بعض قادة القوة المشتركة مستعدون لاستخدام الصراعات في دارفور وكردفان والنيل الأزرق كأداة لفرض واقع سياسي جديد تنفيذا لرغبة البرهان، حتى لو كان الثمن هو المزيد من الدمار والنزوح، وسيجني هؤلاء التدمير بسوء التدبير، وقد اتجه البرهان منذ وقت بعيد لاستيلاد كيانات مسلحة واستثارة النعرات وغض الطرف عن الانتهاكات التي تمت على أسس إثنية. ● ختاما: لقد بدأت فسيفساء القوة المشتركة وتكويناتها كحركات مقاومة تهدف إلى الدفاع عن حقوق الأقاليم المهمشة، لكنها اليوم أصبحت جزءًا من لعبة سياسية تهدد هذه الأقاليم أكثر مما تحميها، وتجلب لها الشر والحريق وتمضي هي ذاتها للاحتراق في هذه النيران ليبقى (نيرون) ينظر إلى حريق (عقر داره) وإبادة أنصاره، لذاك فإن الاستمرار في نهج التحالفات السياسية القائمة على المصالح الضيقة، بدلاً من العمل على حلول جذرية لمشاكل المواطنين، سيؤدي إلى مزيد من التدهور وربما إعادة إنتاج نفس النظام الذي حاربته هذه الحركات في البداية والآن أجج هذه الحرب واستخدمهم كوقود فعال يحقق مشروعه الاستبدادي الانفصالي العنصري، ونصحي الدائم الذي صمت هذه القيادات آذانها عنه، أنه: "على القيادات مراجعة مواقفها وإعادة ترتيب أولوياتها، وإلا فإن التاريخ لن يغفر لهم تكرار أخطاء الماضي، بل سيحكم عليهم بأنهم كانوا مجرد أداة في معركة لا تخدم سوى نخبة قليلة على حساب الأغلبية المسحوقة، ويدفع ثمنا أهلهم وذووهم".
❤️ 2

Comments