
راسخ لأمهات كتب التفسير
February 7, 2025 at 08:45 AM
*النظام والتنظيم الإداري كما في قصة ذي القرنين* :
> من القصص التي نستلهم منها الكثير من الأفكار المتعلقة بالنظام والتنظيم ما جاء في قصة ذي القرنين، قال تعالى: { *إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَیۡنَـٰهُ مِن كُلِّ شَیۡءࣲ سَبَبࣰا* } [سورة الكهف:84] أي: آتاه الله كل الأسباب المعينة له من قوة وعدد وعتاد وجنود للتمكين له لأداء رسالته ومهمته في الأرض.
*ومن أبرز الأفكار التي تظهر حسن القيادة عند ذي القرنين* :
*أولًا* : *أسلوب التحفيز* :
قال تعالى عند ذي القرنين: { *فَأَتۡبَعَ سَبَبًا* ● *حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغَ مَغۡرِبَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَغۡرُبُ فِی عَیۡنٍ حَمِئَةࣲ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوۡمࣰاۖ قُلۡنَا یَـٰذَا ٱلۡقَرۡنَیۡنِ إِمَّاۤ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّاۤ أَن تَتَّخِذَ فِیهِمۡ حُسۡنࣰا* } [سورة الكهف:85-86]، فرد عليهم ذو القرنين كما في قوله تعالى: { *قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوۡفَ نُعَذِّبُهُۥ ثُمَّ یُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِۦ فَیُعَذِّبُهُۥ عَذَابࣰا نُّكۡرࣰا* ● *وَأَمَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلَهُۥ جَزَاۤءً ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَسَنَقُولُ لَهُۥ مِنۡ أَمۡرِنَا یُسۡرࣰا* } [سورة الكهف:87-88]، وفي هذا يظهر أسلوب التحفيز لهم ليؤمنوا بالله ويتبعوه. والتحفيز إما أن يكون تحفيزًا إيجابيًّا، أو سلبيًّا.
*ثانيًا* : *المعالجة وحسن التنظيم بعد فهم المشكلة* :
ثم أكمل ذو القرنين مسيرته كما قال تعالى: { *ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا* *حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمࣲ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرࣰا* *كَذَ ٰلِكَۖ وَقَدۡ أَحَطۡنَا بِمَا لَدَیۡهِ خُبۡرࣰا* *ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا* *حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغَ بَیۡنَ ٱلسَّدَّیۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمࣰا لَّا یَكَادُونَ یَفۡقَهُونَ قَوۡلࣰا* } [سورة الكهف:89-93]، فوجد قومًا بلغوا من الجهل والضياع الكثير، فهم لا يعرفون أي شيء من بديهيات الحياة، فحتى منطقهم كان منطقًا غير صحيح، لكن عندما جاءهم القائد الحكيم نظمهم وفهم مشكلتهم، وقام بالمعالجة حيث كانت مشكلتهم الكبيرة خروج يأجوج ومأجوج عليهم، فيفسدون عليهم حياتهم، ويأكلون خيراتهم، فجعل بينهم وبين هذا العدو سداً.
وهذا السد بين بأيديهم عندما تولى أمرهم ذو القرنين القائد الذي أحسن توجيههم وحل لهؤلاء القوم الضعفاء مشكلتهم حيث قالوا له: { *قَالُوا۟ یَـٰذَا ٱلۡقَرۡنَیۡنِ إِنَّ یَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰۤ أَن تَجۡعَلَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَهُمۡ سَدࣰّا* } [سورة الكهف:94] أي: نعطيك مالًا مقابل أن تكف عنا بأس يأجوج ومأجوج، أو تجعل بيننا وبينهم سدًّا.
لكن ذو القرنين أخذ فكرة الحل من القوم أنفسهم، فقال: { *قَالَ مَا مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیۡرࣱ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُمۡ رَدۡمًا* } [سورة الكهف:95]، أي: لا أحتاج منكم أجرًا.
وهنا نتعلم أن وصول القائد لذلك الكرسي أو المركز، أو أيًّا كان، فما وصلت له إلا بتمكين الله لك ليرى ما تفعل فأنت في اختبار.
❤️
💜
3