يشرح هذا الكلام مسألة فلسفية وأصولية مهمة وهي: هل معايير الحسن والقبح (التقبيح والتحسين) ثابتة ومطلقة، أم متغيرة ونسبية؟ والإجابة التي يقدمها النص هي مزيج بين الرأيين، مع تفصيل وتوضيح: **1. المطلقية من حيث الكمال والنقص المرتبط بواقع الإنسان:** *   **المقصود:** هناك أشياء حسنة وأشياء قبيحة بذاتها، بغض النظر عن آراء الناس أو أذواقهم. هذا الحسن والقبح يرتبط بكمال الإنسان أو نقصه كإنسان. *   **مثال:** الصحة الجيدة حسن لأنها تساعد الإنسان على القيام بواجباته وتحقيق أهدافه. المرض قبيح لأنه يعيق ذلك. العدل حسن لأنه يحقق الاستقرار والتعاون في المجتمع. الظلم قبيح لأنه يؤدي إلى الفوضى والنزاعات. *   **التوضيح:** هذه المعايير لا تعتمد على الذوق الشخصي أو الثقافة، بل على ما هو ضروري أو نافع للإنسان ككائن عاقل ومسؤول. **2. النسبية من حيث الملائمة والمنافرة:** *   **المقصود:** بعض الأشياء قد تبدو حسنة لشخص وقبيحة لآخر، وذلك تبعاً لطبيعة نفسه (شخصيته وميوله) وعاداته (البيئة التي نشأ فيها وثقافته). *   **مثال:** أكلة معينة قد تكون لذيذة لشخص ومقززة لآخر. نمط معين من اللباس قد يكون مقبولاً في ثقافة وغير مقبول في ثقافة أخرى. *   **التوضيح:** هذا النوع من الحسن والقبح يعتمد على الظروف الفردية والاجتماعية، ولا يمكن تعميمه. **3. المطلقية من حيث المدح والذم (إدراك العقل):** *   **المقصود:** العقل الإنساني قادر على إدراك أن بعض الأفعال حسنة بذاتها وتستحق المدح، وأن بعض الأفعال قبيحة بذاتها وتستحق الذم. هذا الإدراك فطري وعام. *   **مثال:** العدل حسن يستحق المدح لأنه يحقق المساواة ويصون الحقوق. الظلم قبيح يستحق الذم لأنه ينتهك الحقوق ويؤدي إلى التمييز. الأمانة حسنة تستحق المدح لأنها تبني الثقة. الخيانة قبيحة تستحق الذم لأنها تدمر العلاقات. *   **التوضيح:** هذا النوع من الحسن والقبح لا يعتمد على الذوق أو العادة، بل على مبادئ عقلية وأخلاقية أساسية. **ملخص:** الكلام أعلاه يحاول الجمع بين النظرة المطلقة والنظرة النسبية للحسن والقبح. فهو يقر بأن هناك معايير موضوعية للحسن والقبح ترتبط بكمال الإنسان أو نقصه، وأن العقل قادر على إدراك بعض الأفعال الحسنة والقبيحة بذاتها. ولكنه في الوقت نفسه يعترف بأن هناك جوانب من الحسن والقبح تعتمد على الذوق الشخصي والعادات الاجتماعية. **أهمية هذا التفريق:** هذا التفريق مهم لأنه يساعدنا على فهم اختلاف وجهات النظر حول بعض القضايا الأخلاقية والاجتماعية. فبعض الاختلافات قد تكون ناتجة عن اختلاف في الذوق أو العادة، وبالتالي يمكن التسامح معها. ولكن بعض الاختلافات الأخرى قد تكون ناتجة عن اختلاف في المبادئ الأخلاقية الأساسية، وبالتالي يجب مناقشتها ومحاولة التوصل إلى توافق حولها.