
معاً نقرأ + معلومات عامة| Together we read
February 19, 2025 at 04:15 PM
اضطراب الشخصية الحدية ليس اضطرابًا هادئًا. إنه بحر هائج لا يستقر، عاصفة عاطفية تندلع فجأة، تدفعك بين نقيضين: بين حب غامر وكراهية جارفة، بين تعلق شديد وهروب لا رجعة فيه، بين لحظات تشعر فيها أنك تلمس السماء وأخرى تغرق فيها في قاع لا قاع له.
إنه الخوف من الهجر، حتى قبل أن يحدث. التعلق الذي يشتد لدرجة الاختناق، ثم النفور الذي يحطم كل شيء في لحظة. المشاعر متطرفة، لا تعرف المنطقة الرمادية، كل شيء إما أبيض نقي أو أسود حالك، وأنت في المنتصف، تحاول أن تجد توازنًا على حبل مشدود فوق هاوية من عدم اليقين.
ومع كل ذلك، هناك ذلك الفراغ، الشعور بأنك لا تعرف من أنت حقًا، بأنك تتغير مع كل موجة، تتقمص كل دور، كأنك مرآة تعكس من حولك لكن لا تعكس نفسها أبدًا.
لا يمكنك إيقاف العاصفة، لكنها ليست قدرًا محتومًا. الخطوة الأولى ليست أن تتحكم في مشاعرك، بل أن تدرك أنها مؤقتة، مهما بدت ساحقة. لحظة الغضب ستنحسر، موجة الهلع ستتراجع، ذلك الشعور بالرفض الذي يبدو كأنه سيدمرك… سيمر. لا تصدق كل فكرة تراودك وسط العاصفة، لا تتخذ قرارات في ذروة الشعور، لا تنجرف مع التيار الذي يريد أن يقنعك أن الألم أبدي.
تعلم أن تقف قليلًا قبل أن تستجيب، أن تسأل نفسك: "ما الذي أشعر به؟ وما الذي أحتاجه حقًا؟" قد تبدو الأسئلة بسيطة، لكنها نافذة للخروج من الحلقة المفرغة، لحظة توقف تمنحك مساحة صغيرة للتحكم وسط الفوضى.
ابحث عن من يفهمك، من لا يخاف من حدة مشاعرك، من يستطيع أن يكون ثابتًا حين تشعر أنك تتفكك. العلاقات قد تكون ساحة معركة، لكنها أيضًا قد تكون مأوى، إذا وجدت من لا يهرب عند أول عاصفة.
وتذكر: هويتك ليست اضطرابك. أنت لست فقط مشاعرك المتطرفة، ولست فقط خوفك من الهجر، هناك أنت في مكان ما تحت كل هذه الأمواج. وكلما تعلمت أن تراقب العاصفة دون أن تنجرف معها، اقتربت أكثر من العثور عليه.
محمد الأسطى ( أخصائي نفسي )
❤️
👍
🩶
5