رسائل من غزة 💙 بنات عماد 💙
رسائل من غزة 💙 بنات عماد 💙
February 14, 2025 at 02:42 PM
صديقي المجهول، عزيزي الحاضر رغم غيابي، أكتب إليك وحروفي مثقلةٌ بالشوق، أسكبها بين السطور كأنها مفاتيحُ لأبوابٍ مغلقة، علّها تنجح في كسرِ قيدِ المسافات وتهدمَ أسوارَ الغياب. كيف لي أن أصفَ لك هذا الحنينَ الذي يأسرني؟ هذا الاشتياقَ الذي يتجذّرُ في روحي كجذعِ زيتونةٍ قديمة، راسخةٍ رغمَ العواصف، صامدةٍ رغمَ النيران؟ أنا هنا، تمامًا كالأسرى، وإن كنتُ خارجَ القضبان، فالسجنُ ليس دائمًا أربعةَ جدرانٍ وقيدًا من حديد. بلدي بأكملهِ زنزانة، والأفقُ المغلقُ نافذتي الوحيدة، أرقبُ منها حلمًا مؤجلًا، وسماءً لا أملكُ التحليقَ تحتها. كلُّ خطوةٍ هنا تُقاسُ بعيونِ الحُرّاس، وكلُّ نَفَسٍ يُراقبهُ الموتُ الكامنُ خلفَ الدمار. نحنُ أسرى بلا محاكمة، محكومونَ بالانتظار، نرتدي الصبرَ كثوبٍ بالٍ لا نملكُ غيره، ونحملُ في صدورِنا يقينًا بأن الشمسَ، مهما تأخرت، ستشرقُ. في الأسرِ، لا يُقاسُ الوقتُ بالساعات، بل بعددِ الذكرياتِ التي تعبرُ الخيال، بعددِ الوجوهِ التي تزورُ الحلم، وبعددِ المراتِ التي يطرقُ فيها الشوقُ جدرانَ القلبِ بعنف. هنا، حيثُ الجدرانُ صامتةٌ والسماءُ بعيدة، أبحثُ عنكَ بين زوايا الذاكرة، أقتاتُ على صورٍ لم تبهتْ رغمَ السنين، وأرتّلُ أسماءَ مَن نحبُّ وكأنها أدعيةٌ لا تُخيب. رغمَ القيد، ما زال قلبي حرًا في حُبِّه لكَ، في انتظاري الذي لا ينكسر، وفي يقيني بأن الغيابَ محطة، وأن اللقاءَ وعدٌ لا تردّه الأقدار. اكتبْ لي، اجعلْ من حروفِك أجنحةً تُحلّقُ بي فوق الجدران، فوق الأسلاك، حتى أعبرَ إليك ولو بالكلمات، وحتى أخرجَ إليك ولو بالحُلم.
❤️ 2

Comments