سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
February 6, 2025 at 05:26 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaFEaLK7DAWtV3tQvM43 قناتنا على تلغرام: https://t.me/talebsira صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/talebsira/posts/pfbid02pUfd5SKigpcx7D6VPJRcrqCN35pNfnv9QxznPPL8LMEdDA1brQMomHNtrGEzAxBgl نتابع مع *سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه* نتابع مع *معركة صفِّين بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما* (37 هـ) 4- *الدعوة إلى التحكيم*: إن ما وصل إليه حال الجيشين بعد ليلة الهرير لم يكن يحتمل مزيد قتال، وجاءت خطبة الأشعث بن قيس زعيم كندة في أصحابه ليلة الهرير فقال: قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي، وما قد فني فيه من العرب، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ؛ فما رأيت مثل هذا قط، ألا فليبلغ الشاهد الغائب، إن نحن تواقفنا غدًا إنه لفناء العرب، وضيعة الحرمات، أما والله ما أقول هذه المقالة جزعًا من الحرب، ولكني رجل مسن، وأخاف على النساء والذراري غدًا، إذا نحن فنينا، اللهم إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آلُ. وجاء خبر ذلك إلى معاوية فقال: أصاب ورب الكعبة، لئن نحن التقينا غدًا لتميلن الروم على ذرارينا ونسائنا، ولتميلن أهل فارس على أهل العراق وذراريهم، وإنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى، ثم قال لأصحابه: اربطوا المصاحف على أطراف القنا, وهذه رواية عراقية لا ذكر فيها لعمرو بن العاص ولا للمخادعة والاحتيال، وإنما كانت رغبة كلا الفريقين، ولن يضير معاوية أو عَمْرًا شيء أن تأتي أحدهم الشجاعة فيبادر بذلك وينقذ ما تبقى من قوى الأمة المتصارعة، إنما يزعج ذلك السبئية الذين أشعلوا نيران هذه الفتنة، وتركوا لنا ركامًا من الروايات المضللة بشأنها، تحيل الحق باطلاً، وتجعل الفضل – كالمناداة لتحكيم القرآن لصون الدماء المسلمة – جريمة ومؤامرة وحيلة، ونسبوا لأمير المؤمنين علي أقوالاً مكذوبة تعارض ما في الصحيح، على أنه قال: ما رفعوها ثم لا يرفعونها، ولا يعملون بما فيها، وما رفعوها لكم إلا خديعة ودهنًا ومكيدة. ومن الشتائم قولهم عن رفع المصاحف: إنها مشورة ابن العاهرة, ووسّعوا دائرة الدعاية المضادة على عمرو بن العاص رضي الله عنه حتى لم تعد تجد كتابًا من كتب التاريخ إلا فيه انتقاص لعمرو بن العاص وأنه مخادع وماكر بسبب الروايات الموضوعة التي لفقها أعداء الصحابة الكرام، ونقلها الطبري، وابن الأثير وغيرهما، فوقع فيها كثير من المؤرخين المعاصرين، مما ساهم في تشويه الحقائق التاريخية الناصعة. ولكن انظر إلى هذه الروايات الصحيحة، ومنها ما يرويه الإمام أحمد بن حنبل عن طريق حبيب بن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل أحد رجال عليّ بن أبي طالب فقال: كنا بصفين، فلما استحر القتل بأهل الشام قال عمرو لمعاوية: أرسل إلى عليًّ المصحف؛ فادعه إلى كتاب الله، فإنه لا يأبى عليك، فجاء به رجل فقال: بيننا وبينكم كتاب الله ( *أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ* ) [آل عمران:23]، فقال علي: نعم، أنا أولى بذلك، فقام القُرّاء – الذين صاروا بعد ذلك خوارج – بأسيافهم على عواتقهم فقالوا: يا أمير المؤمنين ألا نمشي إلى هؤلاء حتى يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقام سهل بن حنيف الأنصاري رضي الله عنه فقال: أيها الناس اتهموا أنفسكم، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، ولو نرى قتالاً لقاتلنا، وذلك في الصلح الذي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، ثم حدثهم عن معارضة عمر رضي الله عنه للصلح يوم الحديبية، ونزول سورة الفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: أيها الناس إن هذا فتح، فقبل القضية ورجع، ورجع الناس. وأظهر سهل بن حنيف رضي الله عنه اشمئزازه ممن يدعون إلى استمرار الحرب بين الإخوة وقال: أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم, وبين لهم أنه لا خيار عن الحوار والصلح لأن ما سواه فتنة لا تعرف عواقبها، فقد قال: ما وضعنا بسيوفنا على عواتقنا إلى أمر إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر، ما نسد منها خصمًا إلا تفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له. وفي هذه الروايات الصحيحة رد على دعاة الفتنة ومبغضي الصحابة، الذين يضعون الأخبار المكذوبة، ويضعون الأشعار وينسبونها إلى أعلام الصحابة والتابعين الذين شاركوا في صفين؛ ليظهروهم بمظهر المتحمس لتلك الحرب ليزرعوا البغضاء في النفوس ويعملوا ما في وسعهم على استمرار الفتنة. إن الدعوة إلى تحكيم كتاب الله دون التأكيد على تسليم قتلة عثمان إلى معاوية وقبول التحكيم دون التأكيد على دخول معاوية في طاعة علي والبيعة له، تطور فرضته أحداث حرب صفين، إذ إن الحرب التي أودت بحياة الكثير من المسلمين، أبرزت اتجاها جماعيًا رأى أن وقف القتال وحقن الدماء ضرورة تقتضيها حماية شوكة الأمة وصيانة قوتها أمام عدوها، وهو دليل على حيوية الأمة ووعيها وأثرها في اتخاذ القرارات. إن أمير المؤمنين عليًا رضي الله عنه قَبِل وقف القتال في صفين، ورضي التحكيم وعدَّ ذلك فتحًا ورجع إلى الكوفة، وعلق على التحكيم آمالاً في إزالة الخلاف، وجمع الكلمة، ووحدة الصف، وتقوية الدولة، وإعادة حركة الفتوح من جديد. *وإن وصول الطرفين إلى فكرة التحكيم والاستجابة له أسهمت فيها عدة عوامل منها*: أ- أنه كان آخر محاولة من المحاولات التي بذلت لإيقاف الصدام وحقن الدماء، سواء تلك المحاولات الجماعية أو المحاولات الفردية التي بدأت بعد موقعة الجمل ولم تفلح، أما الرسائل التي تبودلت بين الطرفين لتفيد وجهات نظر كل منهما، فلم تُجد هي الأخرى شيئًا، وكان آخر تلك المحاولات ما قام به معاوية في أيام اشتداد القتال حيث كتب إلى عليّ رضي الله عنه يطالبه بوقف القتال فقال: فإني أحسبك أن لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بك ما بلغت لم نجنها على أنفسنا، فإنا إن كنا قد غُلبنا على عقولنا فقد بقي منا ما ينبغي أن نندم على ما مضى ونصلح ما بقي. ب- *تساقط القتلى وإراقة الدماء الغزيرة ومخافة الفناء* فصارت الدعوة إلى إيقاف الحرب مطلبًا يرنو إليه الجميع. جـ- *الملل الذي أصاب الناس من طول القتال* حتى وكأنهم على موعد لهذا الصوت الذي نادى بالهدنة والصلح، وكانت أغلبية جيش علي في اتجاه الموادعة، وكانوا يرددون: قد أكلتنا الحرب، ولا نرى البقاء إلا عن الموادعة. وهذا ينقض ذلك الرأي المتهافت الذي رُوِّج بأن رفع المصاحف كان خدعة من عمرو بن العاص، والحق أن فكرة رفع المصاحف لم تكن جديدة وليست من ابتكار عمرو بن العاص، بل رُفع المصحف في الجمل، ورشق حامله *كعب بن سور قاضي البصرة* بسهم وقُتل. د- *الاستجابة لصوت الوحي الداعي للإصلاح* قال تعالى: ( *فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ* ) [النساء:59] ويؤيد هذا ما قاله علي ابن أبي طالب حينما عرض عليه الاحتكام إلى كتاب الله، قال: نعم أنا أولى بذلك، بيننا وبينكم كتاب الله. 5- *مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه وأثره على المسلمين*: يعد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر رضي الله عنه: « *تقتلك الفئة الباغية* » من الأحاديث الصحيحة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان لمقتل عمّار رضي الله عنه أثر في معركة صفين، فقد كان علمًا لأصحاب رسول الله يتبعونه حيث سار، وكان خزيمة بن ثابت حضر صفين وكان كافًا سلاحه، فلما رأى مقتل عمار سل سيفه وقاتل أهل الشام، وذلك لأنه سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمار: « *تقتله الفئة الباغية* ». واستمر في القتال حتى قُتل, وكان لمقتل عمّار أثر في معسكر معاوية، فهذا أبو عبد الرحمن السلمي دخل في معسكر أهل الشام، فرأى معاوية وعمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو وأبا الأعور السلمي عند شريعة الماء يسقون، وكانت هي شريعة الماء الوحيدة التي يستقي منها الفريقان، وكان حديثهم عن مقتل عَمّار بن ياسر، إذ قال عبد الله بن عمرو لوالده: لقد قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: « *تقتله الفئة الباغية* » فقال عمرو لمعاوية: لقد قتلنا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال. فقال معاوية: اسكت فوالله ما تزال تدحض في بولك، أنحن قتلناه؟ إنما قتله من جاء به، فانتشر تأويل معاوية بين أهل الشام انتشار النار في الهشيم، وجاء في رواية صحيحة أن عمرو ابن حزم دخل على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: « *تقتله الفئة الباغية* ». فقام عمرو بن العاص فزعًا يرجع حتى دخل على معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قُتل عمار. قال معاوية: فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: « *تقتلك الفئة الباغية* ». فقال له معاوية: دحضت في بولك، أو نحن قتلناه؟! إنما قتله علي وأصحابه، وجاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال: بين سيوفنا. وفي رواية صحيحة أيضًا: جاء رجلان عند معاوية يختصمان في رأس عمّار، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته؛ فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: ليطب به أحدكم نفسًا لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « *تقتله الفئة الباغية* ». قال معاوية: فما بالك معنا؟ قال: إن أبى شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أطع أباك ما دام حيًا ولا تعصه. فأنا معكم ولست أقاتل. ومن الروايات السابقة نلاحظ أن الصحابي الفقيه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حريص على قول الحق والنصح، فقد رأى أن معاوية وجنده، هم الفرقة الباغية لقتلهم عمارًا، فقد تكرر منه هذا الاستنكار في مناسبات مختلفة؛ ولا شك أن مقتل عمّار رضي الله عنه قد أثر في أهل الشام بسبب هذا الحديث، إلا أن معاوية رضي الله عنه أوّل الحديث تأويلاً غير مستساغ ولا يصح في أن الذين قتلوا عمارًا هم الذين جاءوا به إلى القتال. وقد أثر مقتل عمار كذلك على عمرو بن العاص، بل كان استشهاد عمار دافعًا لعمرو بن العاص للسعي لإنهاء الحرب, وقد قال رضي الله عنه: وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة, وقد جاء في البخاري عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحمل لبنة؛ وعمّار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فينفض التراب عنه ويقول: « *ويح عمّار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار* ». قال عمّار: أعوذ بالله من الفتن, وقال ابن عبد البر: تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « *تقتل عمارًا الفئة الباغية* »، وهذا من إخباره بالغيب وإعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وهو من أصح الأحاديث, وهو متواتر. 6- *فهم العلماء للحديث*: أ- قال ابن حجر: وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار، ورد على النواصب الزاعمين أن عليًا لم يكن مصيبًا في حروبه. وقال أيضًا: دل الحديث: تقتل عمارًا الفئة الباغية، على أن عليًا كان المصيب في تلك الحروب؛ لأن أصحاب معاوية قتلوه. ب- يقول النووي: وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه، لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث. ج- وقال ابن تيمية: وهذا يدل على صحة إمامة علي ووجوب طاعته، وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة، والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار- وإن كان متأولاً- وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي، وعلى هذا فمقاتله مخطئ – وإن كان متأولاً – أو باغ – بلا تأويل – وهو أصح القولين لأصحابنا، وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليًا، وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين, وقال أيضًا: مع أن عليًا أولى بالحق ممن فارقه، ومع أن عمارًا قتلته الفئة الباغية – كما جاءت به النصوص – فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله، ولا يكون لنا هوى، ولا نتكلم بغير علم، بل نسلك سبل العلم والعدل، وذلك هو اتباع الكتاب والسنة، فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض، فهذا منشأ الفرقة والاختلاف. إلى غير ذلك من الروايات. 7- *الرد على قول معاوية رضي الله عنه*: إنما قتله من جاء به. إن جل الصحابة والتابعين قد فهموا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار: « *تقتلك الفئة الباغية* » أن المقصود: جيش معاوية رضي الله عنه، مع أنهم – أي معاوية وجيشه – معذورون في اجتهادهم، فهم يقصدون الحق ويريدونه ولكنهم لم يصيبوه، وفئة علي أولى بالحق منهم كما قال صلى الله عليه وسلم, ومع أن الأئمة لم يعجبهم تأويل معاوية، إلا أنهم عذروه في اجتهاده، فها هو ابن حجر يقول في قوله صلى الله عليه وسلم: « *يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار* »: فإن قيل: كان قتله بصفين وهو مع علي، والذين قتلوه مع معاوية، وكان معه جماعة من الصحابة، فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار؟ فالجواب: أنهم كانوا ظانين أنهم يدعونه إلى الجنة، وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم، فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها، وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي، وهو الإمام الواجب الطاعة، إذ ذاك، وكانوا هم يدعونه إلى خلاف ذلك، لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم. وقد أجاب عليّ رضي الله عنه عن قول معاوية (إنما قتله من جاء به) بأن قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه، وهذا من عليّ رضي الله عنه إلزام، لا جواب عنه، وحجة لا اعترض عليها، فقول معاوية: إنما قتله من قدمه إلى سيوفنا، تأويل بعيد جدًا، إذ لو كان كذلك لكان أمير الجيش هو القاتل للذين يقتلون في سبيل الله، حيث قدمهم إلى سيوف الأعداء, 8- *من هو قاتل عمّار بن ياسر*؟: قال أبو الغادية الجهني وهو يحدث عن قتله لعمار: فلما كان يوم صفين، أقبل يستن أول الكتيبة رجلاً، حتى إذا كان بين الصفين فأبصر رجلٌ عورة، فطعنه في ركبته بالرمح فعثر، فانكشف المغفر عنه، فضربته فإذا هو رأس عمار. ثم قُتل عمار قال الراوي: واستسقى أبو الغادية، فأتي بماء في زجاج، فأبى أن يشرب فيها فأتي بماء في قدح فشرب، فقال رجل:.. يتورع عن الشرب في الزجاج ولم يتورع عن قتل عمار, ويخبر عمرو بن العاص رضي الله عنه الخبر فيقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: *قاتل عمار وسالبه في النار*, قال ابن كثير: ومعلوم أن عمارًا كان في جيش علي يوم صفين، وقتله أصحاب معاوية من أهل الشام، وكان الذي تولى قتله يقال له *أبو الغادية*، رجل من أفناد الناس، وقيل إنه صحابي, وقال ابن حجر: والظن بالصحابة في تلك الحروب أنهم كانوا متأولين، وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى, وقال الذهبي: وابن ملجم عند الروافض أشقى الخلق في الآخرة، وهو عندنا من أهل السنة ممن نرجو له النار، ونجوز أن الله يتجاوز عنه، لا كما يقول الخوارج والروافض، وحكمه حكم قاتل عثمان، وقاتل الزبير، وقاتل طلحة، وقاتل سعيد بن جبير، وقاتل عمار، وقاتل خارجة، وقاتل الحسين، فكل هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم في الله، ونكل أمورهم إلى الله عز وجل. وقد وفق الألباني في تعليقه على قول ابن حجر: هذا حق، ولكن تطبيقه على كل فرد من أفرادهم مشكل؛ لأنه يلزم تناقض القاعدة المذكورة بمثل حديث الترجمة [عنوان باب (قاتل عمار وسالبه في النار)], إذ لا يمكن القول بأن أبا الغادية القاتل لعمار مأجور؛ لأنه قتله مجتهدًا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: *قاتل عمار في النار*, فالصواب أن يقال: إن القاعدة صحيحة، إلا ما دل الدليل القاطع على خلافها، فيستثنى ذلك منها كما هو الشأن هنا، وهذا خير من ضرب الحديث الصحيح بها. وقد ترجم لأبي الغادية الجهني ابن عبد البر فقال: اختلف في اسمه: فقيل: يسار بن سَبُع وقيل: يسار بن أزهر، وقيل: اسمه مسلم. سكن الشام ونزل في واسط، يعد في الشاميين، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام، روُي عنه أنه قال: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أيفع، أرد على أهلي الغنم، وله سماع من النبي صلى الله عليه وسلم، قوله صلى الله عليه وسلم: « *لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض* », وكان محبًا لعثمان، وهو قاتل عمار بن ياسر، وكان يصف قتله إذا سئل عنه لا يباليه، وفي قصته عجبٌ عند أهل العلم. == من كتاب *سيرة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم (190) نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الرابع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على واتساب للانضمام اختر أحد الروابط التالية: https://chat.whatsapp.com/J1Q2fFi1lm39A9OFj2rlMD أو https://chat.whatsapp.com/C3jaBv16fCi4pREoUc7BfL أو https://chat.whatsapp.com/DZeYxykglRt6r0vQNC41eM أو https://chat.whatsapp.com/IOPhN2rk4oy5B2dsPq3wxv أو https://chat.whatsapp.com/DziGxd8tXOB64Cyx2kaAj2 أو https://chat.whatsapp.com/BCsWlnrskNsJGBzEkqRYwn أو https://chat.whatsapp.com/BUXtBBRcFPULDPkpN061vC أو https://chat.whatsapp.com/Jke0VMAUZ1tKiabyTsX7L3 أو https://chat.whatsapp.com/BXbxrYt1RvKCtzSeQQScum أو https://chat.whatsapp.com/FMy0zjkJhyMKaXyVx5MO79 ملاحظة: في حال امتلاء المجموعات السابقة اطلب رابطا جديدا من مشرف المجموعة. ساهم في نشر هذه المجموعات أو نشر ما يُنشَر فيها وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.

Comments