
سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
February 14, 2025 at 11:09 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaFEaLK7DAWtV3tQvM43
قناتنا على تلغرام: https://t.me/talebsira
صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/talebsira/posts/pfbid02pUfd5SKigpcx7D6VPJRcrqCN35pNfnv9QxznPPL8LMEdDA1brQMomHNtrGEzAxBgl
نتابع مع *تحذير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من الأمراض الخطيرة التي تصيب المجتمع*:
4- *العُجْب*:
قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب:
الإعجاب آفة الألباب.
إن العجب من الآفات التي تفسد الأعمال،
وتهلك العباد،
والعجب أحد العوارض التي تعرض للعاملين أثناء سيرهم إلى الله تعالى،
والعجب داء ينافي الإخلاص ويضاده،
ويجافي الذلَّ والافتقار لله تعالى،
فهو سوء أدب مع الله جلا جلاله،
كما أن العجب يجانب محاسبة النفس،
ويعمي عن معرفة أدواء النفس وعيوبها،
ومع كل ذلك فالحديث عن تلك الآفة قليل مع شدة خطرها،
وعظيم ضررها،
وكثرة انتشارها،
قال عبد الله بن المبارك:
العجب أن ترى عندك شيئًا ليس عند غيرك,
وفرق ابن تيمية بين الرياء والعجب فقال:
والعجب قرين الرياء
لكن الرياء من باب الاشتراك بالخلق،
والعجب من باب الاشتراك بالنفس،
فالمرائي لا يحقق قوله تعالى:
( *إِيَّاكَ نَعْبُدُ* )
والمعجب لا يحقق قوله تعالى:
( *وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ* )
فمن حقق قوله: ( *إِيَّاكَ نَعْبُدُ* ) خرج من الرياء،
ومن حقق قوله: ( *وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ* ) خرج عن الإعجاب.
وقال الغزالي:
اعلم أن آفات العجب كثيرة،
فإن العجب يدعو إلى الكبر،
فيتولد عن العجب الكبر،
ومن الكبر الآفات الكثيرة التي لا تخفى،
والعجب يدعو إلى نسيان الذنوب وإهمالها،
وأما العبادات فإنه يستعظمها ويتبجح بها،
ويمنّ على الله بفعلها
وينسى نعمة الله عليه بالتوفيق والتمكين منها،
والمعجب يغتر بنفسه وبرأيه
ويأمن مكر الله وعذابه،
ويظن أنه عند الله بمكان..
ويخرجه العجب إلى أن يثنى على نفسه ويحمدها ويزكيها.
وقال القرافي:
وسر تحريم العجب أنه سوء أدب مع الله تعالى،
فإن العبد لا ينبغي له أن يستعظم ما يتقرب به إلى سيده،
بل يستصغره بالنسبة إلى عظمة سيده،
لا سيما عظمة الله تعالى،
ولذلك قال الله تعالى:
( *وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ* ) [الزمر: 67]،
أي ما عظموه حق تعظيمه،
فمن أعجب بنفسه وعبادته فقد هلك مع ربه،
وهو مطلع عليه،
وعرض نفسه لمقت الله تعالى وسخطه.
*ويمكن القول ابتداء أن سبب العجب أمران*:
أ- الجهل بحق الله تعالى،
وعدم تقدير الله تعالى حقّ قدره،
وقلة العلم بأسماء الله وصفاته،
وضعف التعبد بهذه الأسماء والصفات.
ب- الغفلة عن حقيقة النفس،
وقلة العلم بطبيعتها،
والجهل بعيوبها وأدوائها،
وإهمال محاسبة النفس ومراقبتها.
ومن ثم فإن العلاج هو التعرف على الله تعالى،
وتحقيق تعظيمه وتقديره حق قدره والقيام بالعبودية له
من خلال العلم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى،
وتعبد المولى عز وجل بها،
فالخير كله بيديه،
ورحمته تعالى وسعت كل شيء:
( *وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ* ) [النحل:53].
قال الإمام الشافعي:
إذا خفت على عملك العُجْب،
فاذكر رضا من تطلب،
وفي أي نعيم ترغب،
ومن أي عقاب ترهب،
فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله.
وقال النووي:
وطريقة في نفي الإعجاب أن يعلم أن العلم فضل من الله تعالى،
ومنّة عارية،
فإن لله تعالى ما أخذ،
وله ما أعطى،
وكل شيء عنده بأجل مسمى،
فينبغي ألا يعجب بشيء لم يخترعه،
وليس مالكًا له،
ولا على يقين من دوامه.
قال ابن القيم:
اعلم أن العبد إذا شرع في قول
أو عمل يبتغي مرضاة الله،
مطالعًا فيه منة الله عليه به،
وتوفيقه له فيه،
وأنه بالله لا بنفسه،
ولا بمعرفته وفكره وحوله وقوته،
بل هو الذي أنشأ له اللسان والقلب والعين والأذن،
فالذي منّ عليه بالقول والفعل،
فإذا لم يغب ذلك عن ملاحظته ونظر قلبه
لم يحضره العجب
الذي أصله رؤية نفسه
وغيبته عن شهود منة ربه وتوفيقه.
وأما العلاج الآخر للعُجْب
فهو معرفة النفس ومحاسبتها،
قال ابن الجوزي:
من تلمح خصال نفسه وذنوبها،
علم أنه على يقين من الذنوب والتقصير،
وهو من حال غيره في شك،
فالذي يُحذر منه الإعجاب بالنفس،
ورؤية التقدم في أعمال الآخرة،
والمؤمن لا يزال يحتقر نفسه،
وقد قيل لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:
إن مت ندفنك في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال:
لأن ألقى الله بكل ذنب غير الشرك
أحب إليّ من أن أرى نفسي أهلاً لذلك,
وقال ابن حزم:
من امتحن بالعجب فليفكر في عيوبه،
فإن أعجب بفضائله،
فليفتش عما فيه من الأخلاق الدنيئة،
فإن خفيت عليه جملة حتى لا يظن أنه لا عيب فيه،
فليعلم أن مصيبته إلى الأبد،
وأنه أتّم الناس نقصًا،
وأعظمهم عيوبًا،
وأضعفهم تمييزًا،
وأول ذلك أنه ضعيف العقل،
جاهل،
ولا عيب أشد من هذين،
لأن العاقل هو من ميّز عيوب نفسه
فغالبها وسعى في قمعها،
والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه،
وإن أعجبت بآرائك،
فتفكر في سقطاتك واحفظها ولا تنسها،
وفي كلّ رأي قدّرته صوابًا فخرج بخلاف تقديرك،
وأصاب غيرك وأخطأت أنت،
وإن أعجبت بعملك،
فاعلم أنه لا حصة لك فيه،
وأنه موهبة من الله مجردة،
وهبك إياها ربك تعالى،
فلا تقابلها بما يسخطه،
فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها،
تولّد عليك نسيان ما علمت وحفظت،
وإن أعجبت بمدح إخوانك لك،
ففكر في ذمّ أعدائك إياك،
فحينئذ ينجلي عنك العجب،
فإن لم يكن لك عدو،
فلا خير فيك،
ولا منزلة أسقط من منزلة من لا عدو له،
فليست إلا منزلة من ليس لله تعالى عنده نعمة يحسد عليها- عافانا الله –
فإن استحقرت عيوبك،
ففكر فيها لو ظهرت إلى الناس،
وتمثل إطلاعهم عليها،
فحينئذ تخجل وتعرف نقصك.
ويقول ابن القيم أثناء حديثه عن الحكم والأسرار في قضاء السيئات وتقدير المعاصي:
ومنها:
أن الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرًا
أنساه رؤية طاعاته
ورفعها من قلبه ولسانه،
فإذا ابتلى بذنب جعله نصب عينيه،
ونسي طاعته وجعل همه كله بذنبه،
فلا يزال ذنبه أمامه،
إن قام أو قعد،
أو غدا أو راح،
فيكون هذا عين الرحمة في حقه،
كما قال بعض السلف:
إن العبد ليعمل الذنب فيدخل به الجنة،
ويعمل الحسنة فيدخل بها النار،
قالوا: وكيف ذلك؟
قال: يعمل الخطيئة لا تزال نصب عينيه،
كلما ذكرها بكى وندم وتاب واستغفر وتضرّع وأناب إلى الله،
وذلّ له وانكسر وعمل لها أعمالاً
فتكون سبب الرحمة في حقه،
ويعمل الحسنة فلا تزال نصب عينيه يمنّ بها، ويراها،
ويعتدّ بها على ربه وعلى الخلق،
ويتكبر بها ويتعجب من الناس كيف لا يعظمونه ويكرمونه ويجلونه عليها،
فلا تزال هذه الأمور به
حتى تقوى عليه آثارها فتدخله النار.
هذا شرح موجز وسريع لقول أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه: الإعجاب آفة الألباب.
==
من كتاب *سيرة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم (82)
نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الرابع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على واتساب
للانضمام اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/IOPhN2rk4oy5B2dsPq3wxv
أو
https://chat.whatsapp.com/DziGxd8tXOB64Cyx2kaAj2
أو
https://chat.whatsapp.com/BCsWlnrskNsJGBzEkqRYwn
أو
https://chat.whatsapp.com/BUXtBBRcFPULDPkpN061vC
أو
https://chat.whatsapp.com/Jke0VMAUZ1tKiabyTsX7L3
أو
https://chat.whatsapp.com/BXbxrYt1RvKCtzSeQQScum
أو
https://chat.whatsapp.com/FMy0zjkJhyMKaXyVx5MO79
أو
https://chat.whatsapp.com/J1Q2fFi1lm39A9OFj2rlMD
أو
https://chat.whatsapp.com/C3jaBv16fCi4pREoUc7BfL
أو
https://chat.whatsapp.com/DZeYxykglRt6r0vQNC41eM
ملاحظة: في حال امتلاء المجموعات السابقة اطلب رابطا جديدا من مشرف المجموعة.
ساهم في نشر هذه المجموعات أو نشر ما يُنشَر فيها
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.