
عبدالسلام جحاف
February 10, 2025 at 07:26 PM
ثورة 11 فبراير في اليمن: حلم ضاع بين خيانة الداخل وتدخلات الخارج
بقلم: أحد ثوار 11 فبراير
في 11 فبراير 2011، خرجنا إلى الشوارع نهتف للحرية والعدالة، نحلم بوطن جديد قائم على الديمقراطية والمواطنة المتساوية، وطن يحتضن جميع أبنائه بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية. لم نكن وحدنا، فقد كانت تلك الفترة تشهد موجة احتجاجات واسعة في العالم العربي فيما عرف بـ”الربيع العربي”، حيث اعتقدنا جميعًا أن لحظة التغيير قد حانت، وأننا سنبني دولة حديثة، لا مكان فيها للفساد والاستبداد.
لكن اليوم، بعد أكثر من عقد على تلك اللحظة التاريخية، أجد نفسي مضطرًا للاعتذار للشعب اليمني. كنا نعتقد أننا نصنع مستقبلاً أفضل، لكننا للأسف ساهمنا دون أن ندرك في جرّ البلاد إلى مستنقع الفوضى والدمار. فالثورة التي كنا نحلم بها تحولت إلى نكبة، واليمن الذي أردناه موحدًا دخل في جحر الحمار الداخلي – وهو تعبير يمني عن السقوط في مأزق لا مخرج منه.
1. كيف ضاعت الثورة وتحولت إلى مأساة؟
الثورات تُبنى على المبادئ، لكن اليمن لم يكن مهيأً لذلك التحول السريع. لقد اكتشفنا متأخرًا أن هناك قوى محلية ودولية كانت تتربص بنا، تعمل في الخفاء لإجهاض أي محاولة للتغيير الإيجابي. الإخوان المسلمون، ممثلين بحزب الإصلاح، كانوا أول من باع الثورة، فقد استخدموها كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، دون أن يهتموا بما ستؤول إليه الأوضاع على المدى البعيد.
فبدلاً من السعي إلى إقامة دولة مدنية حديثة، انشغلت الأحزاب بالصراعات على السلطة، وتناسوا المطالب الحقيقية للشعب. فتح ذلك الباب أمام قوى أخرى لاستغلال الفوضى، سواء الحوثيين الذين سيطروا على صنعاء، أو القوى الإقليمية والدولية التي حولت اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة.
2. التدخلات الخارجية: هل كان اليمن ساحة لمخطط دولي؟
أصبح واضحًا أن ما حدث في اليمن لم يكن مجرد ثورة عفوية، بل كان هناك لاعبون خارجيون يديرون المشهد من خلف الستار. السعودية والإمارات وإيران والولايات المتحدة جميعها تورطت في تأجيج الصراع، لكن الأخطر من ذلك هو أن الموساد الإسرائيلي كان يراقب ويدير الأمور من بعيد، ضمن مخطط أوسع لضرب استقرار الدول العربية.
هذا ليس مجرد كلام إنشائي أو نظريات مؤامرة، بل هناك وثائق وتقارير استخباراتية تؤكد أن إسرائيل استفادت بشكل مباشر من الفوضى التي ضربت العالم العربي بعد 2011. كان الهدف واضحًا: إضعاف الدول العربية من الداخل، وتحويلها إلى كيانات متصارعة بدلًا من دول قوية قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية.
3. الخاسر الأكبر: المواطن اليمني
النتائج كانت كارثية على الشعب اليمني.
• الجوع انتشر بشكل غير مسبوق، حيث أصبح ملايين اليمنيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في بلد كان قادرًا يومًا على الاكتفاء الذاتي.
• الخوف أصبح أكثر انتشارًا من أي وقت مضى، فقد تحول اليمن إلى واحدة من أخطر مناطق الصراع في العالم، حيث لا يكاد يمر يوم دون قصف أو اشتباك مسلح.
• لا كرامة ولا سيادة، فالقرار السياسي اليمني لم يعد في أيدي اليمنيين، بل أصبح رهينة لقوى خارجية، تتلاعب به وفقًا لمصالحها الخاصة.
4. اعتذار واجب للشعب اليمني
اليوم، وبعد كل هذه السنوات، أجد نفسي مضطرًا للاعتراف بالحقيقة: لقد كنا مجرد بيادق في لعبة أكبر منا. لم ندرك حجم التدخلات الخارجية التي كانت تحيط بنا، ولم نفهم أن هناك من كان يدفع بنا نحو الهاوية. ربما كانت نوايانا صادقة، لكننا لم نكن نملك الوعي الكافي لإدراك أن الحروب لا تُصنع بالأحلام وحدها، بل تحتاج إلى وعي وإدارة حقيقية.
ولذلك، أعتذر للشعب اليمني، لكل أب فقد ابنه، لكل أم فقدت أسرتها، لكل طفل نام جائعًا وخائفًا. لقد ضاعت أحلامنا، وضاع معها وطننا، وما كان يمكن أن يكون مشروعًا وطنيًا تحول إلى واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
5. الدرس المستفاد: لا ثورات بدون وعي
ما حدث في اليمن، وما حدث في باقي الدول العربية، يجب أن يكون درسًا للأجيال القادمة. الثورات ليست مجرد شعارات، ولا يمكن إسقاط الأنظمة الفاسدة دون وجود بديل قوي ومنظم قادر على إدارة البلاد. كما أن الشعوب يجب أن تكون واعية بمخاطر التدخلات الخارجية، وألا تسمح بأن تتحول قضاياها العادلة إلى أدوات في أيدي قوى دولية تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة.
اليمن اليوم بحاجة إلى مشروع وطني حقيقي، يعيد بناء الدولة على أسس سليمة، بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة والتدخلات الخارجية. فهل ما زال هناك أمل؟ هذا السؤال ستجيب عليه الأجيال القادمة.
👍
❤️
7