
كنز المعرفة
February 20, 2025 at 03:01 PM
{وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)}
۞۞۞۞۞۞۞
شرح الكلمات
❁❁❁❁❁❁❁
{واستفتحوا}: أي طلب الرسل الفتح لهم أي النصر على اقوامهم الظالمين.
{وخاب}: أي خسر وهلك.
{كل جبار عنيد}: أي ظالم يجبر الناس على مراده عنيد كثير العناد.
{من ماء صديد}: أي هو ما يخرج سائلاً من اجواف اهل النار مختلطاً من قيح ودم وعرق.
{يتجرعه ولا يكاد يسيغه}: أي يبتلعه مرة بعد مرة لمرارته ولا يقارب ازدراده لقبحه ومراراته.
{ويأتيه الموت من كل مكان}: أي لشدة ما يحيط به من العذاب فكل أسباب الموت حاصلة ولكن لا يموت.
{اعمالهم كرماد}: أي الصالحة منها كصلة الرحم وبر الوالدين وإقراء الضيف وفك الأسير والفاسدة كعبادة الأصنام بالذبح لها والنذر والحلف والعكوف حولها كرماد.
{لا يقدرون مما كسبوا على شيء}: أي لا يحصلون من اعمالهم التي كسبوها على ثواب وان قل لأنها باطلة بالشرك.
{وما ذلك على الله بعزيز}: أي بصعب ممتنع عليه.
معنى الآيات
❂❂❂❂❂❂❂
هذا اخر حديث ما ذكر به موسى قومه من انباء الامم السابقة على بني إسرائيل، قال تعالى في الاخبار عنهم: {واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد} أي واستفتح الرسل أي طلبوا من الله تعالى ان يفتح عليهم بنصر على اعدائه واستجاب الله لهم، {وخاب كل جبار عنيد} أي خسر وهلك كل ظالم طاغ معاند للحق وأهله، وقوله: {من ورائه جهنم} أي امامة جهنم تنتظره سيدخلها بعد هلاكه ويعطش ويطلب الماء فتسقيه الزبانية {من ماء صديد} أي وهو صديد اهل النار وهو ما يخرج من قيح ودم وعرق، {يتجرعه}، أي يبتلعه جرعة بعد أخرى لمرارته {ولا يكاد يسيغه} أي يدخله جوفه الملتهب عطشاً لقبحه ونتنه ومرارته وحرارته، وقوله تعالى: {ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت} أي ويأتي هذا الجبار العنيد والذي هو في جهنم يقتله الظمأ فيسقى بالماء الصديد يأتيه الموت لوجود أسبابه وتوفرها من كل مكان إذ العذاب محيط به من فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله وما هو بميت لأن الله تعالى لم يشأ ذلك قال تعالى: {لا يموت فيها ولا يحيا} وقال: {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها} ومن وراء ذلك العذاب الذي هو فيه {عذاب} أي لون آخر من العذاب {غليظ} أي شديد لا يطاق، وقوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف} أي شديد هبوب الرياح فيه {لا يقدرون مما كسبوا} أي من اعمال في الدنيا {على شيء} أي من الثواب والجزاء والحسن عليها، هذا مثل أعمالهم الصالحة كأنواع الخير والبر والطالحة والكفر وعبادة غير الله مما كانوا يرجعون نفعه، الكل يذهب ذهاب رماد حملته الريح وذهبت به، مشتدة في يوم عاصف شديد هبوب الريح فيه.
وقوله تعالى: {ذلك هو الضلال البعيد} أي ذلك الذي دل عليه المثل هو الضلال البعيد لمن وقع فيه إذ ذهب كل عمله سدى بغير طائل فلم ينتفع بشيء منه وأصبح من الخاسرين.
وقوله تعالى: {ألم تر ان الله خلق السموات والأرض بالحق} أي الم تعلم أيها الرسول ان الله خلق السموات والأرض بالحق أي من اجل الإنسان ليذكر الله تعالى ويشكره فإذا تنكر لربه فكفر به وأشرك غيره في عبادته عذبه بالعذاب الأليم الذي تقدم وصفه في هذا السياق لان الله تعالى لم يخلق السموات والأرض عبثاً وباطلاً بل خلقهما وخلق ما فيهما من أجل ان يذكر فيهما ويشكر ترك الذكر والشكر عذبه أشد العذاب وأدومه وأبقاه، وقوله تعالى: {أن يشأ يذهبكم} أيها الناس المتمردون على طاعته المشركون به {ويأت بخلق جديد} غيركم يعبدونه ويوحدونه {وما ذلك على الله بعزيز} أي بممتنع ولا متعذر لآن الله على كل شيء قدير.
من هداية الآيات
❀❀❀❀❀❀❀
1- إنجاز وعد لله لرسله في قوله: {فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين} الآية.
2- خيبة وخسران عامة أهل الشرك والكفر والظلم.
3- عظم عذاب يوم القيامة وشدته.
4- بطلان أعمال المشركين والكافرين وخيبتهم فيها إذ لا ينتفعون بشيء منها.
5- عذاب اهل الكفر والشرك والظلم لازم لانهم لم يذكروا ولم يشركوا والذكر والشكر علة الوجود كله فلما عبثوا بالحياة استحقوا عذاباً أبدياً.
۞۞۞۞۞۞۞۞
إبراهيم ﴿ 4 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞