
زاد المسافر
February 1, 2025 at 09:48 PM
الذنوب صغائر وكبائر:
الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة وإجماع السلف والاعتبار. قال الله تعالى: _«إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ»_ [النساء: 31].
وأما حديث: « _لو لقيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة_»،فلا يدل هذا على أن ما عدَا الشرك كله صغائر، *بل يدل على أن من لا يُشرك بالله شيئًا فذنوبه مغفورة كائنة ما كانت*، ولكن ينبغي أن يعلم ارتباط أعمال القلوب بأعمال الجوارح، وتعلقها بها، وإلا لم يفهم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقع الخبط والتخبيط.
فاعلم أن هذا النفي العام للشرك -أن لا يُشرك بالله شيئًا- *لا يصدر من مُصرّ على معصية أبدًا، ولا يمكن لمُدمن الكبيرة و المصر على الصغير أن يصفو له التوحيد، حتى لا يشرك بالله شيئاً، هذا من أعظم المحال* ، ولا يلتفت الى جَدَلٍّي لا حظَّ له في أعمال القلوب. بل قلبه كالحجر أو أقسى، يقول: وما المانع؟ وما وجه الإحالة؟
فدع هذا القلب المفتون بجدله وجهله، واعلم أن الإصرار على المعصية يُوجِب من خوف القلب من غير الله ورجائه لغير الله، وحبّه لغير الله، وذُلّه لغير الله، وتوكّله على غير الله *ما يصير به منغمسًا في بحار الشرك* .
والحاكم في هذا ما يعلمه الإنسان من نفسه -إن كان له عقل- فإن ذلّ المعصية لا بد أن يقوم بالقلب فيورثه خوفًا من غير الله، وذلك شرك. ويورثه حبّا لغير الله واستعانتا بغيره في الأسباب التي توصله إلى غرضه، فيكون عمله لا لله ولا له، وهذا حقيقة الشرك.