أنابيش الكنانيش
أنابيش الكنانيش
February 10, 2025 at 07:13 PM
إقطاع الضيعة من مقدمة تحقيق "العلامة الدالي" لـ"جواهر القرآن ونتائج الصنعة"! منذ صدر، تحقيق العالم العلامة محمد أحمد الدالي -بل الله ثراه وابل الرحمات-، للمعلمة العالمة "جواهر القرآن ونتائج الصنعة"، وأنا في تلهف دائم، وتسآل متوائم، وبحث دائب في مهايع الشبكة ومجاهلها ومتايهها؛ علّي أظفر به، فأثافنه وأثاقفه! ولكن، لما! حتى كان قبل ليال؛ فُسح له في مجالس الشبكة، فحيا به ومرحى بين إخوته الأضياف الألطاف، من الأعيان والعلات والأخياف! وإنما عبرت بالأضياف؛ تفاؤلاً بحوز مكتبة قارة مقررة مستقرة، "وما ذلك على الله بعزيز"؛ فيصلح أمر بلدي، ويلم الشمل، ويلتم الشعث، ويلتام الجمع، ويلتئم الفتق! اللهم عليك التوكل، وبك الثقة. أقول: شغفت به حبا، وفتحته -منورا منورقا- على هاتفي، فإذا هو يبرق نصاعة، ويلمع فصاحة، وكأنه يحادثني! وما كنت أبغيه؛ هو التحقيق لا الكتاب؛ فإن الكتاب متاح منذ أمد، بتحقيق العالم إبراهيم الأبياري، بعنوان "إعراب القرآن المنسوب إلى الزجَّاج" لكنه كان "سقيما، متنوع العلل والأدواء، كثير وجوه الخلل في غير قليل من مادته"! -كما قال العلامة الدالي-. ولما تصفحت مقدمة التحقيق؛ أكبرت خلق هذا العالم الجليل، وأعظمت نفسه النفيسة التي نأت عن الدنو، وتناءت عن الدون، فجاورت المجرة، وجاوزت الجوزاء، وأرجو أن يكون هذا من تصديق القول العمل! أقول: إن الدالي، الخريت الحاذق، معلوم لدى الورى، ولم يختلف في ذلك أو يمترى، فهو بعيد الشوط، واسع الخطو، قد ملأ إهابه، وأوعب عيبته، وصار المجلي والمصلي في هاته البابة الشائقة الشائكة! وللدالي نيقة في الاحتشاد والاحتفال لتحاقيقه، فيجمع جراميزه، ويخلع الونى، ويفارق الدعة، فيعمل "من طب لمن حب". إذا طلبت عظيماً فاصبرن له *** أو فاحشدن رماح الخط والقضبا وحسبك قيله في ختم مقدمة تحقيقه لـ"جواهر القرآن ونتائج الصنعة": "ثم قرأت مادة الكتاب ومسائله في كل علم من العلوم التي اشتمل الكتاب على شيء منها، وقابلتها بالمصادر المصنفة في هذه العلوم، ومنها: كتب العربية والتفسير والقراءات ومعاني القرآن وإعرابه واللغة والوقف والابتداء وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والفقه ودواوين الشعر وشروحها والمختارات الشعرية وكتب الأدب وغيرها، وعلقت منها ما رأيت في تعليقه فائدة. ثم اتبعت في تحقيقه والتعليق عليه ما جريت عليه، فيما نشرت من منهج بسطته في مقدمة تحقيق (كشف المشكلات وإيضاح المعضلات) فلا أعيده، وتعاليقي عليه متحدثة به وبغيره من فنون هذه الصناعة. ثم صنعت له الفهارس التي تيسر السبيل إليه، وهي متنوعة تنوع مادة الكتاب، وعدتها ۲۸ فهرساً، وكان أشقها صناعة فهرس مسائل العربية في الكتاب"! هذا صنيعه الحاق في تحاقيقه الحقة.. وإنما أردت في مقولتي هذه؛ أن ألمع وألمح عن الدالي، كبير النفس، عظيم الخلق، شفيف الروح، حسن العشرة، جميل الود، حافظ الجميل، وهاك الشاهد والمشاهد: -تلمسه في تحقيقه هذا وغيره؛ رصين القول، ثابت الخطى، يمضي الهوينا، متحدثا عن مجريات التحقيق، دون بأوٍ أو تنفج.. فاسمعه في ختام مقدمته، يقول: "وهذا وما إليه مما تراه في التعاليق على الكتاب؛ إن هو إلا آثار ونتائج لما أحاوله من فهم كلامهم في مصنفاتهم ... فمن كلام أئمتنا في علومهم علقت ما علقت واخترت ما اخترت، وبما بسطوه وشرحوه من أصول العربية واحتجوا لها، خالفتهم فيما خالفوه في بعض أقوالهم، ورأيت غير ما رأوا". وقال: "ولا أزكي عملي، ولا أوكد الثقة به"! -يشيد بسابقيه.. فقد رأيته هنا؛ يشيد بتحقيق العالم إبراهيم الأبياري، ويعتذر له، ويقول: "ولا يعلم ما بذله من جهد في نشره إلا من وقف على المخطوطة التي نشره عنها" وشهد له؛ أنه كان على معرفة بالعلوم التي اشتمل عليها الكتاب. بل زاد إحسانا؛ فأثبت أرقام طبعته على هوامش تحقيقه! فلم يشأ أن يطمس تحقيق من قبله أو يزري به أو يدعو للإعراض عنه، ولو شاء؛ لفعل، ولكنه، الخلق الأجل. لا ما يصنعه بعض من يهضم من قبله، بل ويقضمه حتى يكظمه، فالله القاسم. سبحان من قسم الحظوظ *** فلا عتاب ولا ملامه! وأرى أن السن محك الرزانة والحلم، والنأي عن الأحساد، ومقارعة الأقران، والتجافي عن التصابي، كما قال ابن الرومي: عقلت فودعت التصابي فإنما *** تصرم لهو المرء أن يكمل العقل وإن كان بعضهم، لا يرعوي وإن كبر سنه، كما قال الألبيري: ويقبح بالفتى فعل التصابي *** وأقبح منه شيخ قد تفتى -يشكر أهله وما هيؤوه له من راحة وهدوء، "شكر الله لهم، وأثابهم أحسن ثوابه، وجزاهم خير جزائه"، وإن كانت هذه جادة مطروقة، إلا أنها تشي بإكبار، وتنم عن سماحة. وليس كمن وصفتهم زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفي السلم أعياراً جفاء وغلظة *** وفي الحرب أمثال النساء العوارك -يذكر ويشكر من أعانه أو شاركه أو صور له أو أشار إليه أو أفاده، وإن كان مغمورا لا يعرف! بل إن بعض من ذكرهم، لم يعرفوا إلا منه، وهذا غاية حفظ الجميل. وصدق شيخ العربية، في شكره: "وحفظ الجميل؛ أدب لا ينبغي التهاون فيه"! يقول في خاتمة تقدمته: "وإني لأشكر كل من وقف في عملي في هذا الكتاب أو غيره على خطأ فأنبهني على صوابه، وهو حق علي من يعلمه"! وقد كرر ذكر الأخوين الفاضلين: فهد الرومي، ومحمد الزمامي! وأخبر أن من اكتشف نسخة قونية، لـ "جواهر القرآن ونتائج الصنعة" هو الأستاذ عبد العاطي الشرقاوي، على إخبار الرومي والزمامي له، ولم يكن منه كفاحا، فاعجب أكثر! شكرتُك إنّ الشكر حبل من التقى *** وما كل مَن أوليتَه نعمة يَقْضي -يشيد بشيوخه كثيرا، ويحليهم بأبهى الشيات، ويصفهم بأزهى السمات.. فقد ذكر شاكر الفحام، ووصفه قائلا: "أستاذنا العلامة الدكتور ... شكر الله له، وجزاه الجزاء الأوفى" وذكر أنه هو من صور له المخطوطة من دار الكتب المصرية، عام ١٤٢١. وقال عن النفاخ "أستاذنا العلامة رحمه الله رحمة واسعة ... وأجزل مثوبته"؛ وعزا إليه حدسه في محاولة الكشف عن عنوان الكتاب وصاحبه، وأشار إلى مقالتيه ووصفهما، بـ"الفذتين" واقتضب منهما، مستشهدا. إن الأمور إذا الأحداث دبرها *** دون الشيوخ ترى في بعضها خللاً -يذكر زملاءه، ويصفهم بالأصدقاء، ويحليهم بالكنى، وفيه من اللطف ما لا يخفى على رفيف النفس، شفيف الروح، كالأستاذ عبد الإله نبهان، والأستاذ حاتم الضامن، ويختم بالدعاء -كعادته-. وقال عن الأستاذ محمد عبد المجيد الطويل، "أخي الصديق العالم الطلعة" هذا وهو يقدم لكتاب "جواهر القرآن ونتائج الصنعة" الطبعة التي صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، مصورة عن طبعة الأبياري، وهو يعلم اشتغال صديقه الدالي بتحقيقه! ولعله لم يشر إليه! فقل ما شئت فيّ فلي لسان *** مليء بالثناء عليك رطب -يذكر تلامذته، ويحليهم بالألقاب الفخمة، ويبجلهم بالكنى، ويختمهم بالدعاء، بل وجعل بعضهم صديقا وصاحبا، ولا يخفاك حسن ذا وحسينه: أكنيه حين أناديه لأكرمه *** ولا ألقبه، والسوءة اللقب قال عن الأستاذ محمد عبد الله قاسم: "أخي وصديقي وصاحبي وتلميذي الطلعة المدقق المحقق" وليس هو فحسب، بل هو سننه في تلاميذه، فقد وصف الأستاذ زياد ديب السروجي؛ بالأخوة والصداقة أيضا. إِذا أنا لم أشكر على الخير أهله *** ولم أَذمُمِ الجَبْسَ اللئيم المذمما ففيمَ عرفت الخير والشر باسمهِ *** وشق لِيَ الله المسامع والفما! -ينسب الفضل لأهله، دون تكره أو امتعاط، بل يعطيهم حقهم كاملا دون بخس ولا وكس ولا شطط، ومن ذلك: *نسبة الفضل إلى أستاذه العلامة أحمد النفاخ، في حومانه حول الاسم الصحيح، للكاتب والكتاب. *نسبة الفضل إلى الأستاذ عبد العاطي الشرقاوي، في كشفه نسخة قونية. *نسبة الفضل إلى المحقق الدكتور زكريا سعيد علي، في وقوفه ثم إيقافه على تصريح ابن الحنبلي باسم الكتاب ونسبته إلى الباقولي، وأنه كتب إليه بذلك. وتراه يدعو بالرحمة لمن سبقه إلى دار البقاء، مورخاً وفاته باليوم والشهر والسنة، وفي هذا ملمح وفاء، وملمع حياة؛ فـ"من ورخ مؤمناً، فكأنما أحياه" ويختم مقدمته؛ معلنا دون توار أو توارب: "وقد أفدت من جهود كل من حقق كتابا من المصادر التي عولت عليها في تعاليقي على الكتاب". هذا ما أردت قوله ونقله؛ علّه يقتدى ويحتذى، و"إن في ذلك لذكرى". وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي ١٤٤٦/٨/٨ #مقولاتي_ونقولاتي #أنابيش_الكنانيش https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X
❤️ 1

Comments