
أنابيش الكنانيش
110 subscribers
About أنابيش الكنانيش
أنابيش الكنانيش قناة علمية ثقافية لغوية أدبية؛ تُعنى، بنشر شتيت الفوائد والفرائد، ولفيف المقولات والنقولات! وتعتني بضمائم الفوائد، وإضمامات الفرائد، وضميمات الشوارد، وأضاميم الخرائد! ولا أبثّ -بإذن الله وحوله- إلا ما تأكدت من صحته، وتوكدت صدق عزوه. لعل فيها منفعة ومتاعاً إلى حين. والمعين معين. رب يسر وأعن، وسهل واغن (أبو نعيم وليد الوصابي) للانضمام.. اضغط الرابط أدناه👇👇 https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X
Similar Channels
Swipe to see more
Posts

مقطّع السراويل! ذهبت أشتري أغراضاً وأعراضاً.. فإذا أمامي شاب طوال، منفوش الشَّعر، مقطع السراويل! (وسراويل أعجمية معرّبة، وهي مؤنثة، وقد تذكّر، في لغة قليلة. وهي جمعٌ لا مفرد، وإن جاءت على أحد أوزان الجمع، ولم تفرد إلا في لغة قليلة جداً، وجمعها: سراويلات. ومنهم: من جعلها جمعاً، لـ سروالة. وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعاً: (لا يلبس المحْرِم: القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات ...) وفي الصحيحين أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً: (... ومن لم يجد إزاراً، فليلبس السراويل))(١) أعود إلى صاحب قصتي -هداه الهادي- جاوزته، وأنا في أعاجيب وتساؤلات: هل أنا على يقين من أن سراويله مقطع مقطوع؟ وإن كان، فهل يعلم المسكين بهذا التقطيع الفظيع، وإن كان يعلم، فما هو الصنيع؟! درت دورة؛ لأشتري حاجتي.. فإذا هو مواجهي أخرى، فتأكدت وتوكدت من تهرؤ سراويله وتقطعه قطعاً مبيناً مشيناً، حتى ظهر منه بشَرته، لا أدري بياضها من سوادها، إلا أن القطع باد للعيان، دون تنعم أو إمعان! والشاب سادر صادر.. لا يلوي على شيء، وغير مبالٍ ولا آبهٍ بحاله، فزاد ضغثاً على إبالة؛ لأنه يرى نفسه أحسن وضعاً، "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً" ثم انتبهت وتنبهت.. أن هذه ما يسمونها (الموضة) الجديدة، وهي خديدة بديدة! ولعمري، إنها زيف وحيف.. غزت ديار المسلمين؛ فأخرجتهم عن هديهم، وأبعدتهم عن سمتهم، وشوهت حالهم، ونفشت شعورهم، وغيّرت أبشارهم، ولونت أظفارهم، وكشفت عوراتهم، وثورت شهواتهم! فيا غوثاه. جبنت -حقيقة- عن نصحه؛ لأسباب، أرجو الله تعالى.. أن يكون لي فيها معذرة إليه سبحانه، "معذرة إلى ربكم" وإن عجزت عن نصحكم! رجعت إلى نفسي؛ حامداً لله وشاكراً، قائلاً -كما في الأدب النبوي، الذي رواه الترمذي بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه-: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير من خلقه تفضيلا) ودعوت الله له وأمثاله، بالهداية والمثالة. ثم أردت خط هاته الكلمات؛ لتكون تسلية لنفسي، وتجلية لبني جنسي.. أن نتحبب إلى اللباس الساتر، ونتجنب اللباس السافر. "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب". وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي ١٤٤٣/٦/٢٢ ح..... (١) للتوسع، ينظر: (المذكر والمؤنث: ١/ ٤١٢) لابن الأنباري، و(خزانة الأدب: ١/ ٢٢٩) للبغدادي، و(شرح السيرافي: ٣/ ٤٩٦) و(المقتضب: ٣/ ٣٤٥) للمبرد، و(شرح المفصل: ١/ ٦٤) لابن يعيش، و(شرح الألفية) للشيخ العثيمين. #مقولاتي_ونقولاتي #أنابيش_الكنانيش https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X

سَيْر الدُّلْجة في عشر ذي الحجة! https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X #أمالي_عشر_ذي_الحجة #مقولاتي_ونقولاتي #أنابيش_الكنانيش

أيقتل العالِم صاحب المعالم؟! فجأَنا اليوم -يوم عرفة- نبأ قتل الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الملك بكر قاضي، الأستاذ السابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وما ألمني؛ أن مات غدراً وغيلة، فبعد أن أمن الشيخُ هذا القاتل الغائل الفائل، على متاعه وأعماله، أنشب مخالبه في كبده، ونهش جسده العليل، وهو الشيخ الكبير المقعد! فأي مروءة أبقاها هذا الغادر .. وأي رحمة تركها .. بل أي دين يحمله؟! إن الحيوان البهيم، يحفظ المعروف، ويدوم على العهد، ولا ينكث أو ينقض، فكيف ببعض بني آدم الفهيم، عفوا: اللئيم؟! وما زال يرعى ذمتي ويحوطني *** ويحفظ عرسي، والخليل يخونُ فيا عجباً للخل يهتك حرمتي *** ويا عجباً للكلب كيف يصونُ كانت العرب في الجاهلية، لا تقاتل إلا كفاحا كفاءا، فكيف تسفّل بعض الناس في جاهليتهم هاته، فقتلوا الأعزل والأشل الأعل، وسطوا على من لا جانب له ولا جوار؟! ولم يكف هذا البائر، أن رأى أشلاء الشيخ ممزعة، وأعضاءه ممزقة ولم يكتف بجريمته الشوهاء، بل استل خنجره اللئيم، ليغرزه أخرى في جسد زوج الشيخ المسكينة التي فجعت بحبيبها مضرجا بدمائه، فأبى إلا أن يسقيها بمثل ما سقى به زوجها، ولا زال بها أرماق حياة -أحياها الله وشفاها-! أف له وتف، وانتقم الله من قاتله، وحسبه الآن، ما هو فيه من رهاب نفسي، وعذاب جسدي! وتالله، إن الخيانة، لتدل على هجانة أصل، ورذالة عنصر.. قال ابن حزم: "ومن حميد الغرائز، وكريم الشيم، وفاضل الأخلاق في الحب وغيره؛ الوفاء، وإنه لمن أقوى الدلائل، وأوضح البراهين- على طيب الأصل، وشرف العنصر". (مجموع رسائل ابن حزم: ٢٠٥/١) إن الوفاء على الكريم فريضة *** واللؤم مقرون بذي الإخلافِ وترى الكريم لمن يعاشر منصفاً *** وترى اللئيم مجانب الإنصافِ وأي حال وصل إليه الناس اليوم، فما بين آونة وأخرى، نسمع بمصيبة صابة مصبوبة، ونكبة نكباء منكوبة.. وأغلب الأسباب، هي: الحصول على المال، والحرص على لعاعة الدنيا الدنية، ولو كان هناك إيمان ورضا وتسليم، لما جرت هاته البلايا والرزايا! فاللهم سلم. ولم أشرف بلقي هذا العالم العَلم بله معرفته، حاشا معرفة العلم، وآصرة المعرفة، فقد عرفته من بعض معالمه الكبيرة، لا سيما: "المؤلفون في السنة والسيرة النبوية" وهو عمل ضخم فخم، لغب فيه وتعب، وجمع له جراميزه وجحافله، واحتشد له واحتفل، وبذل فيه همه وسدمه! وله أيضا: "موسوعة الحديث النبوي" وختم حياته بسيرته الذاتية، المسماة: "أربعون عاماً في خدمة السنة"! وقد أقام مبرة خيرية لدعم وتوزيع كتبه على طلبة العلم في جميع الدول العربية. ولم يخلف أولادا يحملون اسمه، لكنه خلف أثباتا يثبتون اسمه ورسمه! وأبشر بطول حياة للكتاب! فجزاه الله خيرا كفاء ما ألف وصنف وأوقف، ورحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار. وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي عيد أضحى ١٤٤٦ #وفاة_علم #أنابيش_الكنانيش https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X

الرحلة النبوية لحج بيت رب البرية بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده، وعلى آله وصحبه وجنده. وبعد: فإنني في هذه المقالة، أردت لنفسي تشريفاً، ولغيري تعريفاً، بـ (رحلة نبينا عليه الصلاة والسلام، إلى بيت الله الحرام)؛ لتكون لنا رائداً ومحتدى، وقائداً ومقتدى. وقد جرّدت مقالتي من كل شيء، سوى ذكره عليه الصلاة والسلام؛ لينسجم قارئها، فيمتع لبه، ويريح قلبه، بأعظم رحلة في التاريخ. وأنا في هذا مرتشف من معين العلماء، ومحتذٍ فقه الفقهاء، فليس لي فيها إلا الرصف، ولكم الرشف. وعلى الله قصد السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وها كم بدء الرحلة: خرج عليه الصلاة والسلام، من مقامه في المدينة، بجميع نسائه، وطاف عليهن ليلته تلك، ومعه جمع غفير من الصحب الكرام. ثم توجهوا إلى ميقات المدينة (ذي الحليفة)، فأَهَلّ من ميقاتها ما بين الظهرين، وصلى بها العصر ركعتين، وذلك بعد أن اغتسل عليه الصلاة والسلام؛ وتطيّب لحله قبل حرمه، طيّبته زوجه عائشة رضي الله عنها، وباتوا ليلتهم بذي الحليفة. ثم أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مصلاه، فأهّل بالتوحيد: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك). ثم ركب عليه الصلاة والسلام، ناقته القصواء، ولبّى، ثم رقى البيداء؛ وأهلّ -متابعاً- بالتوحيد، وتابع التلبية، ولم يزل يُلَبِّي حتى استلم الحَجَر. وأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، حينما بلغوا فَجّ الرَّوْحاء حتى بُحّت أصواتهم -وفَجّ الرَّوْحاء: يبعد عن المدينة نحواً من سبعين كيلاً-. ثم انطلق عليه الصلاة والسلام، حتى إذا أتى سَرِف، وهو: وادٍ قبل مكة -ويسمى اليوم بـ (النوارية)- حاضت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وبكت؛ فطمأنها الرسول عليه الصلاة والسلام. ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نَزَلَ بـ (ذي طُوَى) ويقال لها: (آبار الزاهر) فباتَ بها ليلة الأحد لأربعٍ خلون من ذي الحجة، وصلى بها الصبح، ثم اغتسل من يومه، ودخل مكة نهاراً من أعلاها من الثنية العُلْيا- التي تشرف على الحجون. وأول ما ابتدأ به عليه الصلاة والسلام، حين دخل المسجد هو: طوافه بالبيت، ولم يركع تحية المسجد؛ لأن تحية البيت؛ الطواف. ولما حاذى الحجر الأسود؛ استلمه ولم يزاحم عليه، ولم يذكر له ذكراً خاصاً به. فطاف عليه الصلاة والسلام، السبعة الأشواط، مبتدئاً باستلام الحَجَر، ثم اضطبع، ورمل الأشواط الثلاثة الأُوَل، ومشى الأربعة الباقية، وكان يقرأ بين الركنين: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". ثم إنه صلى الله عليه وسلم، كان كلما حاذى الحجر الأسود؛ أشار إليه أو استلمه بمحجنه، وقبّل المحجن، وقال: الله أكبر. (والمحجن: عصاً محنية الرأس). وأما الركن اليماني؛ فإنه كان عليه الصلاة والسلام، يستلمه، ولم يثبت عنه أنه كان يقبّله، ولم يقبّل يده عند استلامه. وبعد أن فرغ عليه الصلاة والسلام، من طوافه بالبيت؛ أتى المقام، وجعله بينه وبين الكعبة، ثم تلا الآية: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى". ثم كبر، فصلى عليه الصلاة والسلام، ركعتين، قرأ في الأولى: بسورة (الكافرون) وفي الثانية: بسورة (الإخلاص). ثم أتى زمزم؛ فشرب منها، ثم رجع وقبّل الحجر، ثم انطلق إلى الصفا، فتلا الآيات قبل أن يرقى جبل الصفا: "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم"، ثم قال: (أبدا بما بدأ الله به). ثم رقى الصفا، حتى رأى البيت؛ فاستقبله، فكبّر الله عز وجل ثلاث تكبيرات، ثم قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأنجز وعده، وهزم الأحزاب وحده). ثم دعا عليه الصلاة والسلام، ثم رجع مرة ثانية، وكبر ثلاث مرات، ثم هلل مرتين، ثم دعا، ثم رجع مرة ثالثة، فكبر ثلاثاً، وهلل مرتين ودعا، وابتدأ سعيه ماشياً، ثم ختمه راكباً؛ لازدحام الناس عليه. ولما فرغ من دعائه عليه الصلاة والسلام؛ نزل الوادي، وخبَّ وسعى واشتد سعيه، والرداء يدور على ركبته من شدة سعيه. وقال وهو يسعى: (أيها الناس: إن الله كتب عليكم السعي؛ فاسعوا). ثم رقى المروة؛ وصنع عليها مثل ما صنع على الصفا، واحتسب سبعة أشواط، مبتدئاً بالصفا، ومنتهياً بالمروة. وكان يُصلي مدة مقامه بمكة، وهي أربعة أيام، الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء، إلى يوم التروية بمنزله، بظاهر مكة، بالمسلمين، يَقْصُر الصلاة. فلما كان اليوم الثامن -وهو يوم التروية- وهو يوم الخميس، توجّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى مِنى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وكان بياته عليه الصلاة والسلام فيها، وكانت ليلة الجمعة. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد صلاة الفجر إلى عرفات من طريق ضب -وهو الطريق الذي بأسفل جمرة العقبة- فلما وصل عرفات؛ نزل بـ نمرة، بعد صلاة الظهر والعصر -ونمرة هو: المنبسط الفسيح الذي بين حدود الحرم، ووادي عُرَنة، وهو يقرب من خمسائه متر، وليست من عرفة-؛ ضُربت له القبّة في ذلك الموضع؛ فنزل فيه، ولما زالت الشمس، حرّك ناقته القصواء، وأتى وادي عرنة، وخطب الناس خطبته المشهورة الفردة، التي تعرف بخطبة (حجة الوداع) وقد أحاط فيها بمقاصد الإسلام، وأوصى بالنساء والذِّمام، وحرّم انتهاك الأعراض والأموال والدِّماء. واجتمع له فيها؛ قرابة مائة وعشرين ألف من الصحابة. ومما قال فيها عليه الصلاة والسلام: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم؛ عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.. ألا هل بلغت؛ اللهم فاشهد) وكان يرفع أصبعه، ثم ينكتها على الصحابة، قائلاً: (اللهم فاشهد). وبيّن فيها عليه الصلاة والسلام، عظيم الحرمات، قائلاً: (إن رِبا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضعه، ربا عمي العباس بن عبد المطلب). ثم استقبل القبلة، وجعل حبل المشاة بين يديه، ثم رفع يديه، وما زال يتضرع ويدعو؛ حتى غابت الشمس. فلما أتمَّ الخطبة؛ أمَر بلالاً فأذَّن، ثم أقام الصلاة، فصلَّى الظهر ركعتين أسَرَّ فيهما بالقراءة -وكان يوم الجمعة- ثم أقام، فصلى العصر ركعتين، ومعه أهل مكة، ولم يأمرهم بالإتمام، ولا بترك الجمع. وكان يكثر أن يقول: (خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) وحثّ الناس على ذلك. ثم مشى إلى عرفة، ووقف في ذيل الجبل عند الصخرات، ووقف بها، وقال: (وقفت هاهنا، وجَمْع كلها موقف). فكان نزوله بـ نمرة، وخطبته بـ عرَنة، ووقوفه بـ عرفة، وهذا مفرق دقيق، يغيب عن البعض ويعزب. وفي عرفة؛ نزلت آخر آية، من القرآن: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" وكأن فيها إشارة؛ إلى أن الحج كان متمماً للإسلام، فلما قضي أهم أركانه، وهو: الوقوف بعرفة؛ كان الإكمال والتمام والرضى -فلك اللهم الحمد والمنة-. وبعد أن فرغ من الدعاء؛ انتظر حتى غابت الشمس، ثم دفع إلى مزدلفة، بعد مغيب الشمس وذهاب الصفرة التي تلي المغيب، وهو يسير العَنَق -وهو السير الذي بين الإبطاء والإسراع- فإذا وجد فجوة؛ نص -والنص: فوق العنق-. وكان الناس أمامه ووراءه، ويمينه وشماله -عليه الصلاة والسلام- يمدّ بصره، ويقول: (أيها الناس: السكينة السكينة، فإن البِّر ليس بالإيضاع) -والإيضاع: هو تكلف الإسراع في السير-. وأخَّر المغرب والعشاء إلى مزدلفة، فلما أتى الشعب -وهو الذي قبل المشعر- دخل عليه الصلاة والسلام، فيه، وقضى حاجته، ثم توضأ وضوءاً خفيفاً، وكان رديفه: أسامة بن زيد رضي الله عنهما. ثم أمر عليه الصلاة والسلام، بلالاً؛ فأذن، ثم أمره فأقام، فصلّى صلى الله عليه وسلم، بالناس المغرب، ثم انتظر بقدر ما يحط الرَّحل، ثم أمره أن يقيم؛ فصلى بالناس العشاء، ولم يسبّح بينهما، ولا على إثرهما. ونام حتى أصبح، ثم في صبيحة يوم العيد؛ غَلَّس -عليه الصلاة والسلام- بصلاة الفجر، فصلّى صلاة الفجر في أول وقتها؛ لأجل الدعاء. وفي طريقه؛ أمَر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن يَلْقُط له حصى الجمار، سبع حصيات؛ فجعل ينفضهن في كفه، ويقول:(بأمثال هؤلاء؛ فارموا، وإياكم والغلو في الدِّين). ثم مضى عليه الصلاة والسلام، إلى مِنى، وكان رديفه: الفضل بن العباس رضي الله عنهما، فلما بلغ وادي مُحسِّر؛ أسرع عليه الصلاة والسلام، ولما أتى منى؛ حيّاها برمي جمرة العقبة. ولم يزل يُلبّي، حتى رمى جمرة العقبة بسبع حصيات راكباً، بعد طلوع الشمس، من بطن الوادي، وجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، يكبّر مع كل حصاة. ثم رجع منى؛ فخطب الناس خطبةً بليغة، أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وفضله، وحرمة مكة، وأمرهم بالسمع والطاعة لمن قادهم بكتاب الله، وعلّمهم مناسكهم. وبعد أن رمى عليه الصلاة والسلام؛ نحَر ثلاثاً وستين بدنة بيده الشريفة -بعدد عمره المبارك- ووكَّل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن ينحر سبعاً وثلاثين بدنة؛ لتتم المائة. وأمره، أن يتصدق بها في المساكين، وأن لا يعطي الجزار في جِزارتها شيئاً منها. ثم حلَق رأسه عليه الصلاة والسلام؛ فأعطى الحلاّق شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، ودفع شعره إلى أبي طلحة رضي الله عنه، وقال: (اقسمه بين الناس) ودعا للمحلِّقين بالمغفرة ثلاثاً، وللمقصِّرين مرة، وطيّبته عائشة رضي الله عنها، قبل أن يحل. وتحلل التحلل الأول؛ فباح به وله كل شيء، إلا النساء. وبعدها: وقف عليه الصلاة والسلام، للناس يسألونه؛ فخففّ عليهم ويسّر، ثم مضى إلى البيت، وطاف يوم النحر طواف الإفاضة، راكباً؛ ليبرز للناس، فيروا ما يفعله -عليه الصلاة والسلام- في مناسكه، وهو القائل: (لتأخذوا عني مناسككم). ولم يطفْ غيره، ولم يسعَ معه، ولم يرمل فيه، ولا في طواف الوداع، وإنما رمل في القدوم فقط. ثم جاء سقاية بني العباس؛ فشرب منها -عليه الصلاة والسلام- ثم انطلق إلى منى، وصلى بها الظهر والعصر، وبات بها ليلة الحادي عشر، فمكث حتى إذا زالت الشمس؛ بدأ بالجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخيف، فرماها بسبع حصوات، ثم أسهل جهة الوادي، فرفع كفيه، ودعا -عليه الصلاة والسلام- دعاء طويلاً، قدر سورة البقرة. ثم انطلق؛ فرمى الجمرة الوسطى بسبع حصيات، ثم أسهل ودعا -عليه الصلاة والسلام-، قريباً من دعائه الأول. ثم رمى جمرة العقبة من بطن الوادي، فأتمّ الرمي للجمرات الثلاث، وانصرف عنها، ولم يقفْ داعياً. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، بات ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني عشر، ولم يتعجل في يومين، بل تأخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثة، وأفاض بعد الظهر إلى المحصّب، فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ورقد رقدة، ثم نهض إلى مكة، فطاف للوداع ليلاً سَحَراً. ثم طاف -عليه الصلاة والسلام- طواف الوداع، ولم يرمل في طوافه هذا، ثم مضى إلى المدينة -عليه الصلاة والسلام-. وبعد.. فهذا مجمل رحلته عليه الصلاة والسلام، إلى حج بيت الله الحرام، وهي حجته الأولى والأخيرة، فلم يحج -عليه الصلاة والسلام- غيرها، بل ظهرت مؤشرات موته، ومبشرات عمله، فودّع ذلك الجمع المهيب، وكان الوداع الأخير. أسأل الله بمنه وكرمه، وفضله وإحسانه.. أن يمنّ علينا بحج بيته الحرام، عاماً بعد عام، ونحن في أمن وسلام، وفضل وإنعام، إنه سبحانه جواد كريم، بر رحيم. "وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين"، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين. وانتخب: وليد بن عبده الوصابي ١٤٣٧/١٢/٧ #أمالي_الحج #مقولاتي_ونقولاتي #أنابيش_الكنانيش https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X

آلاءٌ وتِجار لـ آلاء النجار! https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X/167

الرحلة النبوية لحج بيت رب البرية! https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X #أمالي_الحج #مقولاتي_ونقولاتي #أنابيش_الكنانيش

ذاكرة نادرة! قال العلامة ابن عبيد الله، عن شيخه العلامة محمد بن محمد باكثير: "قال لي مرة -عن تدبير والدي-: (إن حفظت لامية الأفعال؛ فلك ريال) فقرأتها عليه في الصباح، ثم قلت له من العشي: اسمعها، وسردتها عن ظهر قلب، وتسلّمت الريال"! قال أبو نعيم: اعجب أشد العجب، وأنا أيضا: أعجب غاية العجب، من هذه الهمة القعساء، ومن هاته الحافظة القادرة.. وذلك؛ أن "لامية الأفعال" في ١١٤ من بحر البسيط، وقد جعلها ابن مالك؛ تتمة لما فاته من تصريف الأفعال في ألفيته! وهي كالزبدة لما سبقه من صنف في علم الصرف. قال ابن مالك في مقدمة لاميته: وبعد: فالفعل من يحكم تصرفه *** يحز من اللغة الأبواب والسبلا فهاك نظما محيطا بالمهم، وقد *** يحوي التفاصيل من يستحضر الجملا ولما كانت ملخصة لما مضى.. جاءت ريا الجوانب، بطينة الأنحاء، لكنها، حزْنة التركيب، صعبة القراءة! وقد يفدم الكثير عن قراءتها دون شكل؛ لأنها قد تشكل! حتى قال بعض من حفظ ألفية ابن مالك: إن الوقت الذي حفظت فيه الألفية، لم أتمكن به من حفظ اللامية -مع فارق العدد الفائق-؛ لأن الأولى أسهل ألفاظا، وأسلس أبياتا. فاللهم ذاكرة واعية حافظة غير فظة ولا لافظة! ملاحظة: النص فسيح مليح، لكني، أوردت منه ما أردت، وما به استشهدت. وهو يحوي فوائد وفرائد، أرجو أن يقدرني القادر القدير على العودة إليه، والتعليق عليه. وحسبك به صاحبه! #أنفاس_يمانية #أنابيش_الكنانيش https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X

أيقتل العالِم صاحب المعالم؟! https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X/174 #وفاة_علم #أنابيش_الكنانيش

سَيْر الدُّلْجة في عشر ذي الحجة! الأيام العشر الأولى، من شهر ذي الحجة.. أيام عظيمة معظمة، أقسم الله بها في كتابه الكريم، والإقسام بالشيء، دليل تعظيمه وتفخيمه. قال تعالى: "والفجر وليالٍ عشر". قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير: "وهو الصحيح" (تفسير ابن كثير: ٨/ ٤١٣) بل ذهب جمهور أهل العلم، إلى ذلك، بل نقل ابن جرير، الإجماع عليه، فقال : "هي ليالي عشر ذي الحجة؛ لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه". (تفسير ابن جرير: ٧/ ٥١٤) تنبيه: أطلق على الأيام (ليالي)؛ لأن له وجهاً في اللغة العربية، فقد تطلق الليالي ويراد بها الأيام، والأيام يراد بها الليالي. وكان من كلام السلف: (صمنا خمساً) يريدون: الليالي. ينظر: (أحكام القرآن: ٤/ ٣٣٤) لابن العربي المالكي، و(لطائف المعارف: ٤٧٠) لابن رجب الحنبلي. والعمل في هذه الأيام.. محبوب إلى الله سبحانه وتعالى، مرغب فيه.. فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح، فيهن أحب إلى الله، من هذه الأيام العشر. فقالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه، وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء). رواه البخاري. وقد كان السلف رضوان الله عليهم.. يجتهدون اجتهاداً عظيماً في هذه العشر؛ حتى أن سعيد بن جبير: يبلغ به اجتهاده، حتى ما يكاد يقدر. أي: أنه يتكلف العبادة فيها؛ خشية الفوات! وإنما بالغوا في اجتهادها؛ لعلمهم: أن العمل في هذه الأيام، أحب إلى الله من العمل في غيرها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "واستيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة، ليلاً ونهاراً، أفضل من جهاد لم يذهب فيه نفسه وماله، والعبادة في غيره، تعدل الجهاد؛ للأخبار الصحيحة المشهورة، وقد رواها أحمد وغيره". (الفتاوى الكبرى: ٥/ ٣٤٢) والأعمال الصالحة، في هذه العشر، عامة مطلقة، في شتى الأنحاء والأشياء والأرجاء، ولكن جاء تخصيص بعضها. فمن ذلك: -الصيام، وقد اختلف العلماء في استحباب صيامها.. ففي سنن أبي داود، والنسائي وغيرهما، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر). هذا، ولكن جاء عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، صائماً في العشر قط). وفي رواية: (لم يصم العشر). رواه مسلم. فعلى من قال بصحتهما.. يترجح الجمع بينهما، وهو أن حديث عائشة، يحمل على أنها لم تره هي صائماً، أو لم يصمه لعارض مرض أو سفر. ويحمل حديث هنيدة، على أنه عليه الصلاة والسلام، صامها، ولم تعلم بذلك عائشة، وهذا إثبات "والمثبت مقدم على النافي"؛ لأن عنده زيادة علم. قال النووي: "قال العلماء: هذا الحديث، مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحباباً شديداً، لا سيما التاسع منها ... فيتأول قولها: (لم يصم العشر)، أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر". (شرح صحيح مسلم: ٤/ ٣٢٨) وعلى من قال بضعف حديث هنيدة.. فيندرج الصيام تحت الأعمال الصالحة؛ إذ هو من أفضل الأعمال، ولا مخرّج له من جملة صالح الأعمال. وعلى فرض عدم صيام الرسول عليه الصلاة والسلام، لها؛ فلا يدل على عدم شرعية صيامها؛ إذ أنه عليه الصلاة والسلام، حثّ على صيام المحرم كاملاً، ولم يصمه صلى الله عليه وسلم. زد على ذلك: صيام بعض الصحابة لها، كابن عمر، وبعض التابعين كالحسن وغيره، كما في (مصنف عبدالرزاق) وصرح المالكية والشافعية: بأنه يسن صوم هذه الأيام للحاج أيضاً، واستثنى المالكية من ذلك، صيام يوم التروية للحاج. فيترجح: أن صيام التسع، سنّة، ولا حجة -حسب علمي- لمن قال بعدم مشروعية صومها، أو ببدعيتها، بل لقد أبعد النجعة، وجاوز الشنعة. ولا أعلم -حسب بحثي- من قال بهذا القول، إلا رسالة لأحد الأفاضل المعاصرين، ورأي لفاضل آخر، في عدم الشرعية، ولكن الكفة راجحة عليهم. والله أعلم. ومنها: ذكر الله بالتكبير والتهليل ونحوه. قال تعالى: "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات". والأيام المعلومات: هي عشر ذي الحجة. وقال تعالى: "واذكروا الله في أيام معدودات". والأيام المعدودات: هي أيام التشريق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق.. أيام أكل، وشرب، وذكر الله عز وجل). رواه مسلم. قال ميمون بن مهران: "أدركت الناس، وإنهم ليكبِّرون في العشر، حتى كنت أُشبِّهُه بالأمواج من كثرتها". (فتح الباري: ٩/ ٩) لابن رجب. وقال ابن القيم: "والأفضل في أيام عشر ذي الحجة.. الإكثار من التعبد، لا سيّما التكبير والتهليل والتحميد، فهو أفضل من الجهاد غير المتعين". (مدارج السالكين: ١/ ١١٠) والتكبير: مطلق، ومقيد.. فالمطلق: هو الذي لا يتقيد بوقت أو زمن معين، بل يُسن دائماً دون تحديد أو تعيين أو تخصيص. فيُستحب التكبير المطلق في عشر ذي الحجة، وسائر أيام التشريق، وتبتدئ من دخول شهر ذي الحجة، إلى آخر يوم من أيام التشريق، وهو الثالث عشر. والمقيد: وهو المقيد بأدبار الصلوات. فإنه يبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق. هذا لغير الحاج. أما الحاج: فيبدأ التكبير المقيد في حقه، من ظهر يوم النحر. ويجوز أن يذكر الله بأي صيغة تعظيم، وإن اقتصر على الوارد عن بعض الصحابة، كان أفضل. ومما ورد: -(الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد) -(الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد) -(الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد) -(الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر كبيرا) والأمر واسع في هذا؛ لعدم وجود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد صيغة معينة. ينظر: (مجموع فتاوى ابن باز: ١٧/ ١٣) و(الشرح الممتع: ٥/ ٢٢٠) ومنها: الحج. فتبدأ أعمال الحج، من اليوم الثامن، وهو يوم التروية، إلى آخر أعمال الحج. وقد كتبت فيها مقالا عنونته: "الرحلة النبوية لحج بيت رب البرية"! ومنها: الأضحية. وهي: ما يذبح من بهيمة الأنعام، في أيام الأضحى، من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق، تقرباً إلى الله عز وجل. والجمهور.. أنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا واجبة، والأدلة على ذلك، يجدها من أرادها، أقرب من فتر. قلت: ولا يقتصر العمل في العشر، على ما ذكر من أعمال، بل على الإنسان، أن يكثر من الأعمال الصالحة، فإن الأجر جليل، والجزاء جزيل. ومن الأعمال الصالحة المطلقة، التي يحسن بالمسلم، الاستزادة منها في هذه العشر؛ لشرف الزمان: قراءة القرآن وتعلمه ـ والصلاة - والبر ـ وحفظ اللسان ـ والإحسان ـ والإكرام ـ والإنفاق ـ وقضاء الحوائج ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ والدعاء ـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن المحارم ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف - والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر - وترك الشحناء ـ والرفق بالبنين والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير الأولى والأخرى.. إلى غيرها من أعمال البر والتقوى. قال الحافظ ابن رجب: "وأما نوافل عشر ذي الحجة؛ فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة، تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره". (فتح الباري: ١٦/٩) وقال ابن رجب: "لما كان الله سبحانه وتعالى، قد وضع في نفوس المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادراً على مشاهدته في كل عام؛ فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين والقاعدين؛ فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته، يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج". (لطائف المعارف: ٣٨١) وإنما مازت هذه العشر غيرها؛ لاجتماع الطاعات فيها. قال ابن حجر: "والذي يظهر: أن السبب بامتياز عشر ذي الحجة؛ لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره". (فتح الباري: ٢/ ٤٦٠) والعشر الأوائل من ذي الحجة، أفضل من العشر الأواخر من رمضان.. عند طائفة! وهو اختيار ابن رجب. وهي مساوية لها، عند طائفة! وهو اختيار ابن حبان. وفصلت طائفة، فقالوا: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم. وقد اجتمع في هذه العشر، أيام فضائل، لم تجتمع في غيرها، وهي: -يوم عرفة، وهو اليوم التاسع، وهو يوم عظيم، به يكمل الحج، فإن الوقوف بعرفة، ركن الحج الأعظم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة). رواه الترمذي. ولا يقتصر فضل هذا اليوم على الحاج، بل جعل الله فضله عاماً على الجميع، فكما أن الحاج، يقف فيه بجبل عرفات، ولم يستحب له صيامه؛ ليتقوى على العبادة فيه= اُستحب صومه لغير الحاج، استحباباً شديداً.. فعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن صيام يوم عرفة، فقال: (يكفر السنة الماضية، والسنة القابلة). رواه مسلم. قال النووي: "ﻓﻬﺬا اﻟﻴﻮﻡ، ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻠﺪﻋﺎء، ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺤﺞ ﻭﻣﻘﺼﻮﺩﻩ ﻭاﻟﻤﻌﻮّﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻔﺮﻍ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺳﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﺬﻛﺮ، ﻭاﻟﺪﻋﺎء، ﻭﻓﻲ ﻗﺮاءﺓ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﺄﻧﻮاﻉ اﻷﺩﻋﻴﺔ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﺑﺄﻧﻮاﻉ اﻷﺫﻛﺎﺭ، ﻭﻳﺪﻋﻮ ﻟﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻳﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻭﻳﺪﻋﻮ ﻣﻨﻔﺮﺩاً، ﻭﻣﻊ ﺟﻤﺎﻋﺔ، ﻭﻳﺪﻋﻮ ﻟﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻭاﻟﺪﻳﻪ، ﻭﺃﻗﺎﺭﺑﻪ، ﻭﻣﺸﺎﻳﺨﻪ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ، ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ، ﻭﺃﺣﺒﺎﺑﻪ، ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻟﻴﺤﺬﺭ ﻛﻞ اﻟﺤﺬﺭ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬا اﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺪاﺭﻛﻪ، ﺑﺨﻼﻑ ﻏﻴﺮﻩ". (كتاب الأذكار: ٣٤٢) -يوم النحر، وهو يوم العيد، وهو يوم الحج الأكبر، وهو العاشر من ذي الحجة. قال ابن القيم: "خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر، كما في سنن أبي داوود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم الأيام عند الله.. يوم النحر)". (زاد المعاد: ١/ ٥٤) وذلك؛ لأن معظم أعمال الحج تكون في هذا اليوم، ففيه: -رمي جمرة العقبة. -النحر. -الحلق أو التقصير. -الطواف. -السعي. -يوم عيد المسلمين. قال صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق.. عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب). رواه الترمذي. -يوم القر، وهو اليوم الأول من أيام التشريق، وسمي يوم القر؛ لأن الناس يقرّون -أي يستقرون- فيه بمنى، بعد أن يفرغوا من طواف الإفاضة والنحر. والقرّ: بفتح القاف وتشديد الراء. عن عبد الله بن قرط رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى، يوم النحر، ثم يوم القر). رواه أبو داوود. -يوم النفر الأول، وهو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي ينفر الناس فيه من منى، ويجوز النفر لمن أراد التعجيل؛ بشرط أن ينفر قبل الغروب. -يوم النفر الثاني، وهو يوم الثالث عشر من ذي الحجة، وفيه ينفر الناس لطواف الوداع. والتعجل أو التأخر.. مجمع عليه؛ لقوله تعالى: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه". هذه بعض الأحكام، عن هذه العشر المباركة.. أرجو أن يكون فيها سِداداً وسَدادا، والله الموفق والمرشد. وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي ٢ ذو الحجة ١٤٣٥ #أمالي_عشر_ذي_الحجة #مقولاتي_ونقولاتي #أنابيش_الكنانيش https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X

آلاءٌ وتِجَار لـ "آلاء النجار"! مصيبة جلى، وصبيبة قلّى، حلت بطبيبة تواسي الجرحى، وتؤاسي الكلمى.. إنها آلاء النجار، التي فقدت تسعة من أطفالها، في قصف يهودي يبودي .. صهيوني جنوني .. غاشم ظالم .. كافر بائر.. لو جمعت كل كلمات الفجر والعهر والغدر من كافة القواميس، وبكل لغات ولسان، وفي كل زمان ومكان، لما أغنت عنهم شيا، إنهم تجاوزوا كل الفجور والغرور والشرور والضرور .. إنهم أقذر من أخس البهائم وأحطها، فما الرخم .. وما الحمر .. وما الجعلان .. وما الضربان؟! يا جبار، نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم. فواعجباً لمن مسخوا قرودا *** جزاء الكافرين المعتدينا ومن عبدوا على الأهواء عجلاً *** على دنس الضلالة مبلسينا فثم عموا وصموا واستحلوا *** دماء الأنبياء المقسطينا وما تركوا على الأيام شراً *** وما حفظوا لعهدهم يمينا إن ما جرى لأختنا الطبيبة "آلاء".. تعجز الكلمات عن التصوير، ويفدم القلم عن التحبير.. ماذا نقول، وماذا يقال، وكيف نواسي، وكيف نعزي؟! فالمصيبة فادحة، والكارثة عظيمة، والرزية شديدة، ولكن، "إنا لله وإنا إليه راجعون" هي أصدق كلمة عزاء، وأحق كلمة سلاء، ففيها تطييب القلوب، وترطيب الأفئدة، وهي مرهم للجروح، وبلسم للقروح! كل المصائب إن جلّت وإن عظمتْ *** إلا المصيبة في دين الفتى جللُ (إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى) وكل شيء بقضاء وقدر، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، "إنا كل شيء خلقناه بقدر". وهكذا هي الحياة: على أنها الدنيا تدور صروفها *** على الناس حتى ينتهي الدورانُ من أمس وأنا في حزن وأسى، من هول ما سمعت، ومن فدح ما رأيت، وإذا رأيت صورة لهم، أفرّ منها؛ لتعب قلبي، وقهر النفس، ثم إني لا أملك شيئا، فلم إذن إطالة النظر، وزوغان البصر! اللهم لا تواخذنا، فإنا عاجزون! إن مصيبة هذه الطبيبة "آلاء النجار" عصيبة، ولكن، العظيم العليم الذي قدّر هذا القضاء المبرم المحتم؛ هو الذي ينزل عليها من الرحمة واللطف أضعاف ما نزل بها من البلاء! وما رونق الدنيا بباقٍ لأهلها *** وما شدةُ الدنيا بضربةِ لازمِ لهذا وهذا مدةٌ سوف تنقضي *** ويصبح ما لاقيتَه حلم حالم ونسأله سبحانه؛ أن يربط على قلبها، ويؤنس وحدتها، ويشفي جرحاها، ويداوي كلمها، ويبري علتها، ويبل صداها، ويرفع درجتها، ويعوضها أمثال ما فقدت؛ فهو الذي يقول للشيء كن فيكون، سبحانه جل وعلا. ويا آلاء، لك من اسمك نصيب، "آلاء" فآلاء الله ستترادف عليك، ونعمه ستتقاذف إليك، وما عليك إلا صبر النفس وحبسها عن الجزع والسخط، وأبشري بالعوض والجبر والخير. وإنه لتجار لك مع الله تعالى، فـ"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم" ونرجو الله؛ أن يكون بعضك قد سبقك إلى الجنان! وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه: بيت الحمد). رواه الترمذي. فكيف إذا كان المقبوض تسعة؟! اللهم صبرا وجبرا وسترا وسعة.. فِتية لم تلدْ سواها المعالي *** والمعالي قليلة الأولادِ! ويحسن قراءة كتاب "برد الأكباد عند فقد الأولاد" للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي، وكتاب "فضل الجلد عند فقد الولد" للإمام جلال الدين السيوطي. ففيهما عظات ومواعظ، وحكم وشواهد، وأشعار وأمثال، وقصص وأخبار. ودعاؤنا لأختنا آلاء وجميع أهل غزة وجميع المسلمين المستضعفين؛ أن يرفع الله عنهم البلاء واللأواء، ويقشع عنهم هذا الظلم والظلمات، ويكشف عنهم هذه الأحزان والأشجان التي طالت ودامت. يا رب لك العتبى حتى ترضى ولا قوة إلا بك. يا رب قل الناصر، وعدم النصير، ونزر المعين، وندر المعاون، وليس إلا أنت المعين والنصير، فانصرهم نصرا مؤزرا، وأبدل خوفهم أمنا، وجوعهم شبعا، ومرارتهم حلاوة، وهمهم فرجا. يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب. ثم دعاؤنا الذي لا يهي ولا ينتهي على أولئك الأقزام الأفدام، الكفرة الفجرة، الطغام اللئام- الذين فعلوا الأفعال المضجة للقيم، والمضرجة للدم، ولم يخافوا حسيبا ولا رقيبا، وقد أكثروا في الأرض الفساد، فيا رب صب عليهم سوط عذاب. إنك الجبار القوي المنتقم. وكتب: وليد أبو نعيم ١٤٤٦/١١/٢٧ #مقولاتي_ونقولاتي #أنابيش_الكنانيش https://whatsapp.com/channel/0029Vb0E5aX1noz76YkMqz1X