
Muhammed Yorgancıoğlu
February 15, 2025 at 09:58 AM
*أدب [ فقه ] التناصح في الدبلوماسية النبوية*
فقه التناصح في الدبلوماسية النبوية وانعكاساته على السياسة السورية: ما هي المسؤوليات الملقاة على عاتقنا وعاتق الحكام؟
إن النصح للحكام والنقد البنّاء في الإسلام مسؤولية دينية وواجب اجتماعي، ويستند هذا الواجب إلى فقه التناصح الذي تشكّل في أفق الدبلوماسية النبوية. قال رسول الله ﷺ: "الدين النصيحة". هذا المبدأ يحدّد مسؤوليات المسلمين تجاه الحكام، ويهدف إلى الحفاظ على وحدة المجتمع واستقراره. ومع ذلك، ينبغي أن يكون شكل النصيحة وأسلوبها وتوقيتها متوافقاً مع الأصول الشرعية وآدابها.
وخاصة في مرحلة الانتقال السياسي في سوريا، فإن الفهم الصحيح لهذا الفقه وتطبيقه بشكل سليم يتطلب إعادة تقييم المسؤوليات لكل من المجتمع والحكام. في هذه المقالة، سنناقش الأُسس الشرعية للنصيحة للحكام وأدبها، وكيفية انعكاس هذه المبادئ على السياسة السورية، وما هي المسؤوليات التي تقع على عاتقنا وعاتق الحكام في هذا السياق.
*الأُسس الشرعية وأدب النصيحة للحكام في الإسلام*
النصيحة من أهم أركان الدين في الإسلام. قال رسول الله ﷺ: "الدين النصيحة". فقال الصحابة: "لمن يا رسول الله؟" قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" (رواه مسلم).
هذا الحديث الشريف يؤكد على أهمية المسؤولية المشتركة بين المسلمين، وخاصة العلماء، في نصح الحكام وتنبيههم إلى الأخطاء.
*أسلوب النصيحة: نصيحة سرية أم علنية؟*
يختلف أسلوب النصيحة بحسب الظروف والمصلحة المترتبة عليها. في بعض الأحيان، تكون النصيحة العلنية ضرورية لإظهار الأخطاء وتصحيحها علناً. ولكن أحيان اخرى، تكون النصيحة السرية أكثر فعالية، خاصةً عندما تكون المحبة والأخوة الإسلامية في المقام الأول. لذلك، فإن التجربة أثبتت أن النصيحة السرية للحكام تكون أكثر نفعاً وأقل إثارة للفتنة.
*أهمية التناصح في مرحلة إعادة بناء سوريا*
في مرحلة إعادة بناء سوريا، يتوجب على المسلمين أن يثقوا في إخوانهم الذين تحملوا عبء الحكم وأن يقفوا مهم و يكونو سندا لهم.
من الطبيعي أن تحدث أخطاء في هذه المرحلة؛ لذا فإن مسؤوليتنا الإسلامية تتمثل في نصيحة إخواننا، والدعاء لهم، والصبر على ذلك.
*الموقف الإسلامي تجاه الأخطاء والمخالفات*
عند ظهور أخطاء أو مخالفات، يتطلب الموقف الإسلامي اتخاذ خطوات ثلاث:
1. التغيير باليد: إذا توفرت القدرة على تصحيح الخطأ بالفعل.
2. التغيير باللسان: إذا تعذّر التصحيح باليد، يتم النصح والتوجيه بالكلام.
3. الكراهية بالقلب: إذا لم يكن بالإمكان القيام بأي من الخطوتين السابقتين، يُكتفى بإنكار المنكر بالقلب. (البغض)
*مسؤوليات الحكام و الناصحين*
على الناصح أن يكون حكيماً في أسلوبه، مبتعداً عن التجريح والإهانة. وفي المقابل، ينبغي على الحكام أن يتقبلوا النصيحة بتواضع وسعة صدر، فالتواضع وسعة الصدر من أهم صفات الحكام في الإسلام.
*الحفاظ على روح الوحدة والتضامن*
يجب أن لا تؤدي الأخطاء إلى تفرقة الصفوف، خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة و الحرجة. وعند تقديم النصيحة، إذا قوبلت بالقبول فنحمد الله، وإذا لم تُقبل، فيجب أن نستمر في دعم إخواننا مع إبراء الذمة من الخطأ.
قد يُقال: "أخطاء الحكام لا تُعد أخطاء فردية لأنها تؤثر على الأمة". هذا صحيح، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار واقع المجتمع السوري، والظروف و ما تعرض له من ضغوط واستهداف للقيم الإسلامية والأخلاقية. لذا، ينبغي التعامل مع هذه الأخطاء بمنظور "فقه المرحلة الانتقالية" الذي يعتمد على التدرج، والصبر، والدعوة، والتربية الإسلامية.
*الوعي بالمسؤولية الإسلامية*
النصيحة للحكام ليست مجرد واجب، بل مسؤولية إسلامية. ولكن يجب أن تُقدّم النصيحة بحكمة وبأسلوب مناسب، مع مراعاة السرية والمصلحة العامة.
وفي مرحلة إعادة بناء سوريا، يجب على الجميع أن يتحلى بالصبر والحكمة، وأن يتعاونوا من أجل الحفاظ على الوحدة والتضامن.
يجب أن نتذكر أن هذه المرحلة الانتقالية ليست فقط مرحلة لإعادة بناء سوريا، بل هي أيضاً مرحلة مفصلية في مستقبل الأمة الإسلامية.
"الدين النصيحة"، وهذه النصيحة من أهم ركائز استقرار المجتمع الإسلامي ووحدته. لذلك، ينبغي أن نؤدي هذا الواجب برفق وتدرج، آخذين في الاعتبار متطلبات المرحلة الانتقالية.
*محمد يورغانجي أوغلو*
❤️
💚
3