مكتب المحامي أحمد فضل أحمد السريحي( الحمودي للمحاماة )
مكتب المحامي أحمد فضل أحمد السريحي( الحمودي للمحاماة )
February 5, 2025 at 09:54 PM
♦️اختصاص القضاء الجزائي يستغرق اختصاص جهات القضاء الأخرى عند التعارض♦️ ------------------------------- القاضي مازن امين الشيباني -------------------------------- رابط القناة على تليجرام https://t.me/mazenshaibany -------------------------------- رابط القناة على وتس آب https://whatsapp.com/channel/0029VaIo4AuKGGGAtMv2Nw1y ------------------------------- اختصاص القضاء الجزائي (نيابة عامة ومحكمة جزائية) ضابطه وجود الجريمة، فاختصاص القضاء الجزائي يتعلق دوما بوجود جريمة، فاينما وجدت جريمة وجدت النيابة العامة، واينما وجدت جريمة كان قانون الاجراءات الجزائية ومن خلفه قانون العقوبات هما القانون الواجب التطبيق، لأنه عندما توجد جريمة، هنا ينشأ حقا عاما للمجتمع بمعاقبة الجاني ضمانا لاستمرار استقرار المجتمع ورادعا لمن تسول له نفسه بارتكاب جريمة ولم يرتكبها بعد، ولذلك، ولأن المصلحة العامة مقدمة على المصالح الخاصة التي قد تحقق نفعا لاشخاص (عاديين او اعتباريين) على حساب أمان واستقرار المجتمع، بينما تعتبر المصلحة الجماعية اولى بالاحترام من المصالح الفردية او الخاصة، ومع تقدم وتعدد انواع التعاملات والوقائع، فانه قد يحدث وان توجد واقعة او تصرف يكون محكوم وخاضع لأكثر من قانون، ويتبعه تعدد للجهات القضائية التي يجوز لها ان تنظره، وهنا يكون البحث عن القانون الأولى بالتطبيق، والمحكمة المحتصة بنظر النزاع، ولا تنشأ مشكلة اذا كانت الواقعة او التصرف محكوم بأكثر من قانون طالما لم يكن القانون الجزائي من بينها، لأن لتعارض القوانين معايير في اعمالها وانفاذها، وانما تنشأ المشكلة اذا كان القانون الجزائي من بين القوانين التي تخضع لها الواقعة او التصرف، وكان القضاء الجزائي مختص تبعا لذلك بنظر الدعوى، والسبب انه متى وجدت علاقة او واوقعة او تصرف فردي محكوم بعدة قوانين وكان من بينها القانون الجزائي، فان القانون الجزائي هنا مقدم في التطبيق على القوانين الاخرى، ولا مجال للاختيار، وهو ما يعني انه لا مجال للدفع بعدم الاختصاص امام النيابة العامة او المحكمة الجزائية بنظر الدعوى، وهنا المشكلة بذاتها كون كثير من رجال وسيدات القانون لا يفهمون هذا الأمر، وهذه القاعدة التي نتحدث عنها لا ترتبط بفرضية *(اذا كان الحكم في الواقعة الجزائية غير ممكن الا بعد الفصل بواقعة غير جزائية)* فهذا الفرض يكون عندما تكون هناك مجموعة وقائع وتخضع كل واقعة لقانون مختلف وكانت الواقعة التي تخضع للقانون الجزائي غير قابلة للفصل والحسم الا بعد الفصل بالواقعة التي تخضع لقانون غير الجزائي، اما حديثنا هنا فهو حول واقعة واحدة او تصرف محدد يخضع لمجموعة قوانين من بينها القانون الجزائي، والقاعدة هنا هي ان القانون الجزائي هو الأولى بالتطبيق، والاختصاص للقضاء الجزائي هو الأولى بالآحترام، السبب في ذلك ان القانون الجزائي (عقوبات واجراءات جزائية) كما يضمن حماية المصالح العامة للمجتمع، فانه بنفس القدر يضمن حماية المصالح الخاصة للأفراد، وذلك من خلال اتاحته للمدعي المدني المتضرر من الجريمة ان يلحق بسفينة الدعوى العامة ويقدم دعواه بالحق المدني التبعي لتنظر مع الدعوى العامة، وبالتالي فالحق العام والحق الخاص مكفولان امام القاضي الجزائي بينما غيره من القوانين الخاصة( مدني- تجاري- شخصي- اداري...الخ) ينظم ويحمي المصالح الخاصة للأشخاص دون ان يكون له دور في حماية مصالح المجتمع، ولا يستطيع القاضي في الدعوى الخاصة ان يحكم لمصلحة المجتمع بشيء باعتبار انه ليس طرفا في الخصومة ولم يمثله فيها احد. ومن ابسط تطبيقات ذلك مانص عليه القانون التجاري في المادة ٨٠٦ منه التي قال فيها *(اذا أقيمت على الساحب دعوى جزائية طبقا لأحكام المادة جاز لحامل الشيك الذي ادعي بالحق المدني أن يطلب من المحكمة الجزائية أن تقضي له بمبلغ يعادل المقدار غير المدفوع من قيمة الشيك والفوائد القانونية عن هذا المقدار محسوبة من يوم تقديم الشيك للوفاء، مع التعويضات التكميلية عند الاقتضاء. وتقوم النيابة العامة أو من يقوم مقامها بنشر أسماء الأشخاص الذين تصدر عليهم أحكام بالادانه طبقا للمادة السابقة في الجريدة الرسمية مع بيان مهنهم وموطنهم ومقدار العقوبات المحكوم بها عليه)* وفي الواقع كشفت الحياة العملية عن كثير من الوقائع والتصرفات تخضع لأكثر من قانون ويكون من بينها القانون الجزائي و ينعقد فيها الاختصاص لأكثر من جهة قضائية من بينها القضاء الجزائي، على سبيل المثال:- عملية تحرير شيك تعتبر عملا تجاريا وفق المادة (١٠) من القانون التجاري ولكن اذا تبين ان الشيك بدون رصيد فاننا نكون هنا بصدد واقعة جنائية باعتبارها تشكل جريمة (شيك بدون رصيد) والمعاقب عليها بنص المادة ٣١١ من قانون الجرائم والعقوبات، وهذه الواقعة مع كونها من جرائم الشكوى فانه اذا قامت النيابة بتحقيقها بناء على شكوى المجني عليه فيها فانه لا يجوز الدفع بعدم اختصاص القضاء الجزائي على اساس ان الواقعة تعد عملا تجاريا او ترتبط بعمل تجاري وان المختص بنظرها القضاء التجاري، فيعتبر اختصاص القضاء الجزائي بتحقيق الوقائع التي تشكل جريمة في هذه الحالة اختصاصا مقدما على اختصاص القضاء التجاري، ومثلها اذا قام زوج بقذف زوجته بالزنا، فان هذه الواقعة تخضع لاحكام قانون الاحوال الشخصية باعتبارها توجب اللعان وفقا لنصوص المواد ١٠٨ و١٠٩ من قانون الاحوال الشخصية الا انها ايضا تخضع للقانون الجزائي باعتبارها تتضمن (جريمة قذف او جريمة زنا) فللزوجة ان تتقدم بشكوى ضد زوجها لأنه قذفها بالزنا وللزوج الادعاء ضد زوجته بالزنا امام النيابة العامة كذلك ولذلك اذا تم رفع طلب اللعان الى قاضي الأحوال الشخصية فانه يكون متعذرا عليه تطبيق حد القذف اذا تراجع الزوج عن يمين اللعان، ويكون متعذرا عليه كذلك تطبيق حد الزنا اذا تراجعت الزوجة عن حلف يمين اللعان، والسبب بكل تأكيد عدم وجود دعوى عامة مقامة امامه من النيابة العامة، وطبقا لنص المادة (٤) من قانون الاجراءات الجزائية التي نصت بالقول *(ولا يقضى بالعقاب الا بعد محاكمة تجري وفقا لأحكام هذا القانون)* وكذا ما اكدته المادة (٤٦٩) من قانون الاجراءات الجزائية التي نصت بقولها *(لا يجوز تنفيذ العقوبات والتدابير المقررة بالقانون لأية جريمة الا بمقتضى حكم قضائي نهائي واجب التنفيذ صادر من محكمة مختصة)* خصوصا واننا نتحدث هنا عن عقوبات حدية نظم قانون الاجراءات الجزائية شروط واجراءات تنفيذها، ومادام ان قانون الاجراءات الجزائية هو من نظم اجراءات وشروط تنفيذ العقوبات الحدية وأكد ان الجهة المختصة بالتنفيذ هي النيابة العامة ووفق احكام صادرة من المحكمة المختصة، فان هذا يعني ان قانون الاجراءات الجزائية هو القانون الواجب التطبيق، وطالما ان قانون الاجراءات الجزائية هو القانون الواجب التطبيق، فان القضاء الجزائي يكون هو المختص بنظر دعوى تتعلق بعقوبة من عقوبات الحدود، وبالتالي فان اختصاص القضاء الجزائي يكون مقدما على اختصاص قاضي الأحوال الشخصية عند اتهام الزوج زوجته بالزنا، لأن مثل هذه الدعوى يترتب عليها عقوبة حدية اذا نكل احدهما عن يمين اللعام اما حد القذف او حد الزنا، وهذه الحدود لا يحكم بها بدون دعوى عامة تقام من النيابة العامة. ومن امثلة ذلك على ارض الواقع كذلك عملية ايداع مبالغ مالية في حساب المودع لدى محل للصرافة ، هذا العمل يعد تجاريا، بصرف النظر عن مشروعية ذلك من عدمه، وانما ننظر للأمر من زاوية طبيعة التعامل، وطالما ان هذا العمل يعد تجاريا فإن اي منازعة تنشأ بسبب هذا التعامل يكون الاختصاص فيها للمحكمة التجارية، ولكن اذا انطوى التعامل السابق بين الطرفين على جريمة او ترتبت عليه جريمة مثل قيام الصراف بتبديد الوديعة حتى اصبح عاجزا عن تسليمها للمودع في الوقت المحدد فاننا هنا صرنا بصدد جريمة والتي قد يكون تكييفها (خيانة أمانة) او اي تكييف اخر، لأن امتناع الصراف عن تسليم الوديعة للمودع في الوقت المحدد او عند الطلب حسب الاتفاق لا يعني فقط ان (المودع لديه) اخل بالتزامه، بل يعد ذلك قرينة على قيامه بالتصرف بالوديعة، وقيامه بالتصرف بالودائع الى درجة جعلته عاجزا عن تنفيذ التزاماته تجاه المودعين يعني قيامه بضمها الى ملكه والتصرف بها تصرف المالك، وبالتالي فإننا هنا نكون بصدد جريمة تعطي الأولوية لقانون الاجراءات الجزائية، وتجعل اختصاص القضاء الجزائي مقدم على اختصاص القضاء التجاري وذلك للمبررات التي ذكرناها في مقدمة هذا المقال، وهو ان الواقعة اذا كانت تشكل جريمة فانها تكون سببا للدعوى العامة والدعوى العامة لا تملك فيها النيابة العامة خيارا بتحريكها او عدم تحريكها باستثناء في الحالات التي يفرض فيها القانون بعض القيود (جرائم الشكوى- حالات الاذن والطلب)، ولذلك اذا وجد جانب جزائي في الواقعة فانه ليس امام النيابة خيار الا القيام بتحريك الدعوى الجزائية، وبالتالي لا يصح الدفع بعدم اختصاص القضاء الجزائي وهناك واقعة تشكل جريمة، حتى وان كانت خاضعة لاي قانون آخر كالقانون المدني او التجاري او الاحوال الشخصية، ومثل هذا الدفع لا يقوم على اي اساس من القانون. والله تعالى اعلم دمتم برعاية الله

Comments