شريف طه
شريف طه
February 5, 2025 at 07:20 PM
الأصل في العبادات كلها أن تؤدى ابتغاء وجه الله، ولا يريد بها شيئا من الدنيا. وأخذ الأجرة أو الرزق على العبادات، يجوز ولكن عليه مراعاة أمرين : الأول : - أن يكون هذا فيما أباح الشرع أخذ الأجرة عليه، على خلاف بين الفقهاء في ذلك. ولعل الأقرب هو جواز أخذ الاجرة على ما يتعدى نفعه من الأعمال غير المتعينة على المسلم. الثاني : أن تكون نيته الآخرة ويستعين بالدنيا على الآخرة. فمن كان هذا حاله كان من أهل الآخرة، لا من أهل الدنيا. بخلاف من غرضه الدنيا، ويتوسل بالآخرة للدنيا. فهذا من أهل الدنيا، إذا أعطي رضي وإن لم يعط سخط. فمثلا : أباح الشرع أخذ الغنيمة على الجهاد، ولكن هناك من غرضه الآخرة ونصرة دين الله، ويستعين بالغنيمة على ذلك، فهذا من أهل الآخرة، بخلاف من غرضه الدنيا ويستخدم الجهاد وسيلة لذلك، فهذا من أهل الدنيا. كذلك فرق بين من غرضه تعليم العلم وإمامة الناس، ويستعين بالأجر أو الراتب الحكومي على ذلك، ومن غرضه المال ويستخدم العمل في ذلك وسيلة للوصول للمال. الأول من أهل الآخرة، والثاني من أهل الدنيا. فإن قيل : هل الأفضل أن يأخذ أجرا أم لا؟ فالجواب : هذا يختلف باختلاف الأحوال، فإن كان يمكنه الاستمرار في العمل من غير أخذ مقابل، فلا شك أن هذا أفضل، من عدة وجوه : أولها : أن هذا أكمل لثوابه بلا خلاف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الغزاة إذا أخذوا الغنيمة فقد تعجلوا ثلثي أجرهم). مع أن الغنيمة رزق مباح وكسب طيب، ومع ذلك تنقص أجر المجاهد. ثانيها : أن في ذلك خروجا من خلاف من منع من أخذ الأجرة على القرب كالحنابلة. ثالثها : أن هذا قد يضعف النية فيما بعد. - وأما إن كان إذا ترك أخذ الأجرة انقطع وترك العمل لاشتغاله بكسب الرزق، فالأفضل له أن يقبل حرصا على عدم انقطاع الأعمال. والله أعلم.

Comments