
أم حفص الحضرمية العدنية
February 28, 2025 at 03:50 AM
🍂🍃🍂🍃🍂🍃
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
#سلسلة_المحاضرات
#رمضانيات
محاضرة *أم حفص الحضرمية العدنية بنت عمر بِنْ سِلْم*
*🔴رمضان مبارك🔴*
قال الله تعالى: *{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}* [البقرة: 185].
*شهر مبارك*
جاء عند أحمد في المسند عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: *«قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا، فَقَدْ حُرِمَ»*.
هذا الشهر كان اسمه في اللغة القديمة: *ناتق*.
*قيل:* سموه ناتقًا لأنه كان ينتقهم، أي: يزعجهم إضجارًا بشدته عليهم.
*↕سبب تسميته برمضان*
*قيل:* لـمَّا نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر.
*وقيل:* لأنه يرمض الذنوب، أي: يحرقها، أو يهلكها.
*وقيل:* لارتماض الناس فيه من حر الجوع، ومقاساة الشدة.
⁉ *هل صيام شهر رمضان خاص بهذه الأمة؟*
الصيام معروف في الأمم السابقة إلا أن هذه الأمة خصت بالصيام في هذا الشهر، والله أعلم.
قال تعالى: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ• أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}* [البقرة: 183، 184].
هي أيام يقللها لنا المولى جل شأنه بقوله: *{أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}* يحصل فيها التقوى وتسمو فيها النفوس وتطهر القلوب.
ما هي إلا أيام فلنستغلها بالازدياد من الطاعات وتجنب المعاصي، أيام لا ندري هل ندركها في هذا العام أو من العام الذي يليه؟!!!
الله أعلم.
وقد اقتضت حكمة الله جل شأنه التفاضل بين مخلوقاته: تفضيل بعض الناس على بعض، وبعض الأماكن على بعض، وبعض الأزمنة على بعض.
*{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ}* [القصص: 68]
*🍃لشهر رمضان فضائل🍃*
1⃣ هو شهر القرآن، قال الله تعالى: *{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}* [البقرة: 185].
فقد نزل القرآن إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر، قال تعالى *: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}* [القدر: 1].
وكان جبريل عليه السلام يدارس النبي ﷺ القرآن في رمضان، ففي صحيح البخاري
▪ عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.
وفي العام الذي توفي فيه دارسه مرتين،
▪ففي مسند أحمد عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جَبْرَيلَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ.
ولقد كان سلفنا الصالح يقبلون على القرآن إقبالًا شديدًا، حتى يذكر عن الإمام الشافعي أنه كان يختم ستين ختمة في الشهر. والآثار في ذلك كثيرة.
2⃣ تصفد فيه الشياطين * وتغلق أبواب النيران * وتفتح أبواب الجنان * ويكون لله فيه عتقاء من النار* وينادي منادٍ: ليقبل أهل الخير ويقصر أهل الشر.
▪ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: *«إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»* .
وفي رواية: *«وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»*
ولمسلم: *«فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَة»*.
▪وعند الترمذي: *«إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ»* .
*صُفِّدَت:* والصفد هو الغُل، أي: أثقلت بالأغلال.
3⃣ فيه ليلة القدر: قال الله تعالى: *{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}* [القدر: 1 - 3].
وهذه الليلة في رمضان، وهي خير من ألف شهر، قدرها أهل العلم بما يعادل: *ثلاثة وثمانين سنة وأربعة أشهر.*
من قام هذه الليلة غفر له ما تقدم من ذنبه.
▪ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: *«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»* .
وكما تقدم في حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : *«مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ»* .
4⃣ هو شهر القيام: يشرع فيه صلاة الليل جماعة، وتسمى تراويح؛ لأن السلف رحمهم الله كانوا إذا صلوها استراحوا بعد كل ركعتين أو أربع، لأنها صلاة طويلة يحرصون فيها على طول القيام طلبًا للأجر في هذه الأيام الفاضلة.
▪ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: *«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»* .
5⃣ شهر الصدقة والإحسان، فقد كان رسول الله ﷺ أجود ما يكون في رمضان كما تقدم في حديث ابن عباس. وروى الترمذي عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: *«مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا»* .
6⃣ العمرة في رمضان تعدل حجة،
▪ففي الصحيحين عن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أن رسول الله ﷺ قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ: *«فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي»* .
7⃣ شهر الاعتكاف، فقد كان النبي ﷺ يعتكف في هذا الشهر في العشر الأواخر منه، كما في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة.
8️⃣ *شهر الغفران،*
▪ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: *«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»*.
وجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَقَى الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ» ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا؟ فَقَالَ: قَالَ لِي جِبْرِيلُ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»
[[الأدب المفرد]] (٦٤٦)
9️⃣ *وهو شهر الصيام*، قال الله تعالى: *{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}* [البقرة: 185].
*🍃للصيام فضائل🍃*
*(١)* ركن من أركان الإسلام، كما في الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: *«بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»* .
*(٢)* يعين على التزود بالتقوى، قال تعالى: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}* [البقرة: 183].
*(٣)* الصوم من العبادات التي اختصها الله لنفسه.
* وهو جنة ووقاية للإنسان من الوقوع في المعاصي.
* وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
* وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه.
▪ففي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: *«قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»* .
*(٤)* سبب لغفران الذنوب،
▪ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: *«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»* .
*(٥)* يبعد عن النار،
▪ففي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: *«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»* .
وعند أحمد عن حذيفة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أن رسول الله ﷺ قال: *« مَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»* .
*(٦)* طريق إلى الجنة عبر باب الريان،
▪ففي الصحيحين عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: *«إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ»* .
*(٧)* الصوم وجاء، فهو يضبط ثوران الشهوة ويهذب النفوس،
▪ففي الصحيحين عن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله ﷺ: *«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»* .
*(٨)* صيام رمضان يعدل صيام عشرة أشهر،
▪روى أحمد من حديث ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: *«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ»*
*(٩)* دعوة الصائم مستجابة، لما
▪رُوي عند أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: *«إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ»*.
شهر اجتمعت فيه كل هذه الفضائل كيف نجعله للملهيات والشهوات ومشاهدة التلفاز والفضائيات؟!
كيف نجعله شهر فوازير ومسلسلات ومسابقات وتجول في الأسواق؟!
هل نتقرب إلى الله بترك المباحات، ثم نرتكب المعاصي والسيئات؟!
*فالصيام مراتب كما ذكر ذلك أهل العلم*
*الأولى:* كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.
*الثانية:* كف البصر والسمع واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام.
*الثالثة:* صوم القلب عن الهمم الدنيئة والأفكار المبعدة عن الله عز وجل.
*فالصيام سر بين العبد وربه.*
ففي البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: *«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»* .
وكما تقدم في الحديث القدسي: *«وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»* .
وفي لفظ لأحمد: *«فَلَا يرفُثْ، وَلَا يَفْسُقْ، وَلَا يَجْهَلْ»* .
وعند ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: *«رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ»* .
وعند تمام الشهر وحصول النعم يستوجب مزيد العمل شكرًا لله، قال الله تعالى: *{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}* [البقرة: 185].
*فرض الصيام شديد على النفوس:*
قال أهل العلم: لما كان فطم النفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشد الأمور وأصعبها تأخر فرض الصيام إلى وسط الإسلام بعد الهجرة بعدما توطنت النفوس على التوحيد والصلاة وألفت أوامر القرآن فنقلت إليه بالتدريج.
فقد فرض الصيام في السنة الثانية من الهجرة فتوفي رسول الله ﷺ وقد صام تسع رمضانات.
وكان فُرِضَ أولًا على وجه التخيير بينه وبين أن يطعم عن كل يوم مسكينًا، ثم نقل من ذلك التخيير إلى تحتم الصوم، قال تعالى: *{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}* [البقرة: 184] ثم نسخت بقوله: *{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}* [البقرة: 185].
لكن كان الصائم إذا نام قبل أن يَطْعَمَ حَرُمَ عليه الطعام والشراب إلى الليلة القابلة. فنسخ ذلك وأبيح له إلى طلوع الفجر، سواءٌ نام أم لا.
دليل ذلك حديث البراء بن عازب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ
الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لاَ وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: *{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}* [البقرة: 187] فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ: *{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ}* [البقرة: 187].
وفي الصحيحين عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: *{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}* [البقرة: 187] مِنَ الْفَجْرِ قَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ: عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ، أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: *«إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ»* .
وفي لفظ: *«إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ، وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ»* .
وفي الصحيحين في حديث سهل بن سعد: فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ: *{مِنَ الفَجْرِ}* .
ولو تأملنا هذا الحديث لعلمنا كيف كان الصحابة يتعاملون مع رمضان. قال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا... الحديث.
معنى هذا أنها لم تقضِ نهارها في المطبخ تجهز الأطباق المختلفة من الأطعمة، بل لم يكن هناك تجهيزات قبل رمضان لشراء بعض الأطعمة الرمضانية والمواعين الخاصة برمضان، بل وبعض الملابس الخاصة برمضان وغيرها من التجهيزات، الله المستعان.
أين نحن من هؤلاء؟!
*هل فرض عليهم صيام قبل رمضان؟*
أُمِرَ المسلمون أولًا بصيام يوم عاشوراء كما في الصحيحين من
حديث عائشة وابن عمر - رَضِي اللهُ عَنْهُما - ثم فرض الله شهر رمضان، فصار صيام يوم عاشوراء مستحبًّا.
بقي علينا أن نعلم أن صيام هذا الشهر عبادة ولا يتعبد الله بالشك.
ففي الصحيحين من حديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - قال: قال رسول الله ﷺ: *«إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»* .
وفي رواية: *«الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ»* .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله ﷺ : *«لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ»* .
وفي الترمذي عن عمار - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله ﷺ: *«مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ ﷺ»* .
*وفي الأخير نورد بعض التنبيهات:*
1- الإمساك عن الطعام قبل الفجر بفترة خلاف الأدلة، قال الله تعالى: *{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}* [البقرة: 187].
وفي الصحيحين عن ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - عن النبي ﷺ قال: *«إِنَّ بِلاَلًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»* .
وفيهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: *«لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ - أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُم»* الحديث.
ولا يترك السحور بالكلية، ففي الصحيحين: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺَ: *«تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»* .
وفي مسلم عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: *«فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ»* .
وعند أبي داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: *«نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ»* .
2- الابتعاد عن مشابهة الرافضة في تأخير الإفطار، ففي الصحيحين عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: *«لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»* .
3- التهنئة بقدوم شهر رمضان بألفاظ معينة، لا دليل عليها، ولكن التهنئة عمومًا بين المسلمين في المسرات لا محظور فيها، وكان النبي ﷺ يبشر أصحابه بهذا الشهر.
والله أعلم.
4- لا يكون شهر رمضان شهرًا للنوم والطعام والتجول في الأسواق، ويضيع الأولاد بسبب ذلك.
ففي الصحيحين عن ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - قال: قال رسول الله ﷺ: *«كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»* الحديث.
وكان شيخنا مقبل رحمه الله يقول: لا يكن ولدك مثل الهر، لا تدري متى يدخل ومتى يخرج.
فالاهتمام بالأولاد لا يقتصر على الغذاء واللباس، بل علينا أن نرتب أوقاتِهم ونحبب إليهم الطاعات كقراءة القرآن والصلاة وغيرها من العبادات.
وأن نكون لهم قدوة حسنة، سئل بعض أهل العلم: كيف نعوّد أولادنا على فعل الطاعات؟ فقال: إذا رأوا منك التزام الطاعات اقتدوا بك بإذن الله.
فبصلاح ابنك ودعائه لك ترتفع درجاتك.
جاء عند أحمد من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: *«إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ»*
نسأل الله التوفيق والسداد.
انتهت والحمد لله.
http://Telegram.me/alhadramiyaal3adaniya
🍂🍃🍂🍃🍂🍃
👍
1