
الموضوع الشهري
February 22, 2025 at 06:04 PM
*لماذا يقع المسلم في الذنوب مع علمه بسوء عاقبتها؟ وما علاج ذلك؟*
قال ابن قدامة رحمه الله:
*فإن قيل: ما بال الإنسان يقع في الذنب مع علمه بقبح عواقبه؟*
فعن ذلك أجوبة:
*منها: أن العقاب الموعود ليس بحاضر.*
*ومنها: أن المؤمن إذا أذنب لابد أن يعزم على التوبة،* وقد وُعد أن التوبة تجبر ما فعل، وطول الأمل غالبٌ على الطباع، فلا يزال يسوِّف بالتوبة، فلما رجا التوبة أقبل على الذنب.
*ومنها: أنه يرجو عفو الله عنه.*
*وعلاج هذه الأسباب:*
*أن يفكِّر في نفسه أنَّ كل ما هو آتٍ قريب، وأنه لا يأمن هجوم الموت،* ويعالج التسويف بالفكر في أن أكثر صياح أهل النار من التسويف، والمسوِّف يبني الأمر على ما ليس إليه - وهو البقاء -، فلعلّه لا يبقى، وإنْ بقي فربما لا يقدر على الترك غدًا كما يقدر عليه اليوم، وهل عجز عن الحال إلا لغلبة الشهوة - وهي غير مفارقة له غدًا -؟ بل يتأكد بالاعتياد، ومن هذا هلك المسوِّفون، لأنهم يظنون الفرق بين المتماثلَين.
*وما مثال المسوِّف إلا مثال من احتاج إلى قلع شجرة، فرآها قويةً لا تنقطع إلا بمشقةٍ شديدة، فقال: أُؤخِّرها سنةً ثم أعود إليها، وهو لا يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها، وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه،* فالعجب من عجزه مع قوَّته عن مقاومتها في حال ضعفها، كيف ينتظر الغلبة إذا ضَعُف وقويتْ.
وأما انتظار عفو الله تعالى، فعفو الله سبحانه ممكن، إلا أن الإنسان ينبغي له الأخذ بالحزم، *وما مثال ذلك إلا كمثل رجلٍ أنفق أمواله كلها، وترك نفسه وعياله فقراء ينتظر من الله تعالى أن يرزقه العثور على كنز في خَرِبةٍ، وهذا ممكن؛ إلا أن صاحبه ملقّب بالأحمق.*
مختصر منهاج القاصدين (ص ٥٣٢ - ٥٣٣).
❤️
👍
😭
3