
الموضوع الشهري
792 subscribers
About الموضوع الشهري
فوائد ونقولات متنوعة في موضوع واحد شهريا تقديم: د. أبصار الإسلام بن وقار الإسلام أستقبل الملاحظات والاقتراحات على الواتساب رقم: 00966502265369
Similar Channels
Swipe to see more
Posts

*الصبر على الذنب أسهل من الصبر على عاقبة الذنب:* قال ابن القيم رحمه الله: ○ *الصبرُ على الشهوة أسهلُ من الصبر على ما تُوجِبُهُ الشهوةُ؛ فإنها* -◂ إما أن توجب ألمًا وعقوبةً، -◂ وإمّا أن تقطع لذَّةً أكملَ منها، -◂ وإما أن تُضيِّع وقتًا إضاعتُهُ حسرةٌ وندامةٌ، -◂ وإما أن تَثْلم عِرضًا توفيرُهُ أنفعُ للعبد من ثَلْمِه، -◂ وإما أن تُذهِبَ مالًا بقاؤُهُ خيرٌ له من ذهابه، -◂ وإما أن تضع قدْرًا وجاهًا قيامُهُ خيرٌ مِن وضْعه، -◂ وإما أن تَسْلُب نعمةً بقاؤها ألذُّ وأطيبُ من قضاء الشهوة، -◂ وإما أن تُطرِّق لوضيعٍ إليك طريقًا لم يكن يجدُها قبل ذلك، -◂ وإما أن تَجلِب همًّا وغمًّا وحزنًا وخوفًا لا يقاربُ لذَّةَ الشهوة، -◂ وإمَّا أن تُنسِي علمًا ذِكرُه ألذُّ من نيل الشهوة، -◂ وإما أن تُشمِّت عدوًّا وتُحزِن وليًّا، -◂ وإما أن تقطع الطريقَ على نعمةٍ مقبلةٍ، -◂ وإما أن تُحدِثَ عيبًا يبقى صفةً لا تزولُ؛ فإن الأعمال تُورِثُ الصفاتِ والأخلاقَ. الفوائد (ص ٢٠٢ - ٢٠٣).

*أركان الإسلام كلها تُكفِّر الذنوب:* قال ابن رجب رحمه الله: *مباني الإسلام الخمس، كل واحدٍ منها يُكَفِّرُ الذنوب والخطايا ويهدمها:* *فـ(لا إله إلا الله) لا تُبقِي ذنبًا ولا يَسبِقُها عملٌ.* *والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مُكفِّراتٌ لِمَا بينهنَّ ما اجتُنِبَتْ الكبائرُ.* *والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النارَ.* *والحج الذي لا رَفَثَ فيه ولا فسوقَ يرجع صاحبه من ذنوبه كيوم ولدته أمه.* وقد استنبط معنى هذا الحديث من القرآن طائفةٌ من العلماء، وتأوَّلوا قول الله عزَّ وجلَّ: *﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾* [البقرة: ٢٠٣] بأنَّ مَن قضى نُسُكَه ورجع منه فإن آثامَه تَسْقُطُ عنه إذا اتَّقى الله في أداء نُسُكِه، وسواءٌ نَفَرَ في اليوم الأول من يومي النفر متعجلًا أو تَأَخَّرَ إلى اليوم الثاني... وفي الصحيحين عن النبي ﷺ قال: *«الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة».* وفي صحيح مسلمٍ عنه ﷺ قال: *«الحج يَهْدِمُ ما قبله».* *فالحج المبرور يُكَفِّرُ السيئات ويُوجِبُ دخول الجنات.* لطائف المعارف (ص ١٥٠ - ١٥١).

*من الفوائد الدنيوية لِترْك الذنوب:* قال ابن القيم رحمه الله: ○ *لو لم يكن في ترْك الذنوب والمعاصي إلَّا:* -◂ إقامةُ المروءة، -◂ وصونُ العِرض، -◂ وحفظُ الجاه، -◂ وصيانةُ المال الذي جعله الله قِوامًا لمصالح الدنيا والآخرة، -◂ ومحبةُ الخلق، -◂ وجوازُ القول بينهم، -◂ وصلاحُ المعاش، -◂ وراحةُ البدن، -◂ وقوةُ القلب، -◂ وطيب النفس، -◂ ونعيم القلب، -◂ وانشراح الصدر، -◂ والأمن من مخاوف الفُسَّاق والفُجَّار، -◂ وقلةُ الهمّ والغمّ والحزن، -◂ وعزُّ النفس عن احتمال الذُّلِّ، -◂ *وصونُ نور القلب أن تُطفئهُ ظلمةُ المعصية،* -◂ وحصول المَخرج له مما ضاق على الفساق والفجار، -◂ وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسبُ، -◂ وتيسير ما عَسُرَ على أرباب الفسوق والمعاصي، -◂ وتسهيل الطاعات عليه، -◂ وتيسير العلم، -◂ والثناء الحسن في الناس، -◂ وكثرة الدُّعاء له، -◂ والحلاوةُ التي يكتسبها وجهه، -◂ والمهابةُ التي تُلقى له في قلوب الناس، -◂ وانتصارُهم وحميتُهم له إذا أُوذي وظُلِم، -◂ وذبُّهم عن عِرْضِه إذا اغتابه مغتابٌ، -◂ وسرعة إجابة دعائه، -◂ *وزوال الوحشة التي بينه وبين الله،* -◂ وقُربُ الملائكة منه، -◂ وبُعدُ شياطين الإنس والجنِّ منه، -◂ وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه، -◂ وخطبتهم لمودَّته وصحبته، -◂ وعدم خوفه من الموت، بل يفرح به لقدومه على ربِّه ولقائه له ومصيره إليه، -◂ وصِغَرُ الدُّنيا في قلبه، -◂ وكِبَرُ الآخرة عنده، -◂ وحِرصُهُ على المُلك الكبير والفوز العظيم فيها، -◂ وذوقُ حلاوة الطاعة، -◂ ووجْدُ حلاوة الإيمان، -◂ *ودعاءُ حملة العرش ومَن حوله من الملائكة له،* -◂ وفرَحُ الكاتبين به، ودعاؤُهم له كلَّ وقتٍ، -◂ والزيادة في عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته، -◂ *وحصول محبة الله له وإقباله عليه وفرحه بتوبته،* ¤ *وهكذا يجازيه بفرح وسرورٍ لا نسبةَ له إلى فرحِه وسروره بالمعصية بوجهٍ من الوجوه. فهذه بعضُ آثار ترك المعاصي في الدُّنيا.* الفوائد (ص ٢٢٢ - ٢٢٣).

*لماذا يقع المسلم في الذنوب مع علمه بسوء عاقبتها؟ وما علاج ذلك؟* قال ابن قدامة رحمه الله: *فإن قيل: ما بال الإنسان يقع في الذنب مع علمه بقبح عواقبه؟* فعن ذلك أجوبة: *منها: أن العقاب الموعود ليس بحاضر.* *ومنها: أن المؤمن إذا أذنب لابد أن يعزم على التوبة،* وقد وُعد أن التوبة تجبر ما فعل، وطول الأمل غالبٌ على الطباع، فلا يزال يسوِّف بالتوبة، فلما رجا التوبة أقبل على الذنب. *ومنها: أنه يرجو عفو الله عنه.* *وعلاج هذه الأسباب:* *أن يفكِّر في نفسه أنَّ كل ما هو آتٍ قريب، وأنه لا يأمن هجوم الموت،* ويعالج التسويف بالفكر في أن أكثر صياح أهل النار من التسويف، والمسوِّف يبني الأمر على ما ليس إليه - وهو البقاء -، فلعلّه لا يبقى، وإنْ بقي فربما لا يقدر على الترك غدًا كما يقدر عليه اليوم، وهل عجز عن الحال إلا لغلبة الشهوة - وهي غير مفارقة له غدًا -؟ بل يتأكد بالاعتياد، ومن هذا هلك المسوِّفون، لأنهم يظنون الفرق بين المتماثلَين. *وما مثال المسوِّف إلا مثال من احتاج إلى قلع شجرة، فرآها قويةً لا تنقطع إلا بمشقةٍ شديدة، فقال: أُؤخِّرها سنةً ثم أعود إليها، وهو لا يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها، وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه،* فالعجب من عجزه مع قوَّته عن مقاومتها في حال ضعفها، كيف ينتظر الغلبة إذا ضَعُف وقويتْ. وأما انتظار عفو الله تعالى، فعفو الله سبحانه ممكن، إلا أن الإنسان ينبغي له الأخذ بالحزم، *وما مثال ذلك إلا كمثل رجلٍ أنفق أمواله كلها، وترك نفسه وعياله فقراء ينتظر من الله تعالى أن يرزقه العثور على كنز في خَرِبةٍ، وهذا ممكن؛ إلا أن صاحبه ملقّب بالأحمق.* مختصر منهاج القاصدين (ص ٥٣٢ - ٥٣٣).

*علامة الهلاك أن يَهُون عليك الذنب:* قال ابن القيم رحمه الله: ○ *العبد لا يزال يرتكب الذنب، حتى يَهُون عليه، ويَصغُر في قلبه.* وذلك علامة الهلاك، فإن الذنب كلما صغُر في عين العبد عظُم عند الله. • وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: *«إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبلٍ يخاف أن يقع عليه.* *وإن الفاجر يرى ذنوبه كذبابٍ وقع على أنفه، فقال به هكذا، فَطَار».* الداء والدواء (ص ١٤٤).

*من الآثار السيئة للذنوب:* قال ابن القيم رحمه الله: -◂ قلةُ التوفيق، -◂ وفسادُ الرأي، -◂ وخفاءُ الحقِّ، -◂ وفسادُ القلبِ، -◂ وخُمولُ الذِّكْر، -◂ وإضاعةُ الوقت، -◂ ونفرةُ الخلق، -◂ والوحشةُ بين العبد وبين ربِّه، -◂ ومنْع إجابة الدعاء، -◂ وقسوة القلب، -◂ ومَحْقُ البركة في الرزق والعمر، -◂ وحرمان العلم، -◂ ولباس الذُّلِّ، -◂ وإدالةُ العدوِّ، -◂ وضيقُ الصدر، -◂ والابتلاءُ بقُرَناءِ السَّوءِ الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت، -◂ وطول الهمِّ والغمِّ، -◂ وضنْكُ المعيشة، -◂ وكسْفُ البال = *تتولَّدُ من المعصية والغفلة عن ذكر الله، كما يتولَّدُ الزرعُ عن الماء والإحراقُ عن النار.* ¤ *وأضدادُ هذه تتولَّدُ عن الطاعة.* الفوائد (ص ٤٧).

*حصول الألم بسبب الذنب أمْرٌ لا بُدَّ منه لكل أحد:* قال ابن القيم رحمه الله: ○ *لا بدّ من حصول الألم لكل نفسٍ مؤمنةٍ أو كافرة،* ↤ لكن *المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء، ثم ينقطع ويعقبه أعظم اللذة،* ↤ *والكافر يحصل على اللذة والسرور ابتداء، ثم ينقطع ويعقبه أعظم الألم والمشقة.* *وهكذا حال الذين يتبعون الشهوات فيلتذُّون بها ابتداءً، ثم تعقبها الآلام بحسب ما نالُوه منها،* *والذين يصبرون عنها يتألّمون بفقدها ابتداءً، ثم يعقُب ذلك الألم من اللذة والسرور بحسب ما صبرُوا عنه وتركوه منها.* ¤ فالألم واللذة أمر ضروريٌّ لكل إنسان، لكن الفرق بين العاجل المنقطع اليسير، والآجل الدائم العظيم. ولهذا كان *خاصِّيَّة العقل النظر في العواقب والغايات.* شفاء العليل (٢/ ٢٧٠).

*حال تارك الذنوب بعد الموت:* قال ابن القيم رحمه الله: ○ *إذا مات تلقَّتْه الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة، وبأنه لا خوف عليه ولا حزن،* وينتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها إلى يوم القيامة. ○ *فإذا كان يوم القيامة كان الناس في الحر والعَرَق، وهو في ظل العرش.* ○ *فإذا انصرفوا من بين يدي الله أُخذ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين وحزبه المفلحين. و﴿ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾.* الفوائد (ص ٢٢٣).

*﴿إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم﴾:* قال ابن القيم رحمه الله: ○ *فإنَّ الله سبحانه قضَى فيما قضى به أن ما عنده لا يُنال إلا بطاعته،* -◂ وأنَّه ما استُجلِبتْ نِعَمُ الله بغير طاعته، -◂ ولا استُديمتْ بغير شكره، -◂ ولا عُوِّقتْ وامتنعتْ بغير معصيته. وكذلك *إذا أنعمَ عليك ثمَّ سلبك النعمة فإنه لم يسلبها لِبُخْلٍ منه ولا استئثارٍ بها عليك، وإنَّما أنت السبب في سلبها عنك،* ↤ فإنَّ *الله لا يغيِّر ما بقومٍ حتَّى يغيروا ما بأنفسهم. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾* [الأنفال: ٥٣]... ○ ومن العجب أنَّ هذا شأنك مع نفسك، وأنت تشكو المحسن البريء عن الشكاية، وتتهم أقداره وتعاتبها وتلومها! ↤ فقد ضيَّعتَ فرصتك، وفرَّطتَ في حظك، وعجَزَ رأيك عن معرفة أسباب سعادتك وإرادتها، ثمَ قعدتَ تعاتب القدرَ بلسان الحال والقال! فأنت المعنيّ بقول القائل: *وعاجزُ الرَّأي مِضيــــاعٌ لِفرصـته* *حتَّى إذا فـاتَ أمرٌ عــاتَبَ القَدَرا* طريق الهجرتين (١/ ١٣٣ - ١٣٥).

*تتمة في بيان الأسباب المعينة على الصبر عن المعاصي:* قال ابن القيم رحمه الله: ⑩ السبب العاشر، وهو الجامع لهذه الأسباب كلها، وهو: *ثبات شجرة الإيمان في القلب. فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه، فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتمّ، وإذا ضعُف الإيمان ضعُف الصبر.* ○ *فإنَّ مَن باشر قلبه الإيمان* - بقيام الله عليه، ورؤيته له، - وتحريمه لِمَا حرم عليه، وبغضه له، ومقته لفاعله؛ - وباشر قلبه الايمان بالثواب والعقاب والجنة والنار = *امتنع منه أن لا يعمل بموجب هذا العلم.* *ومَن ظن أنه يَقوَى على ترك المخالفات والمعاصي بدون الإيمان الراسخ الثابت، فقد غلط.* ↤ *فإذا قوِي سراج الإيمان في القلب، وأضاءت جهاته كلها به، وأشرق نوره في أرجائه؛ سرى ذلك النور إلى الأعضاء، وانبعث إليها،* -◂ فأسرعت الإجابة لداعي الإيمان، -◂ وانقادت له طائعة مذللة، غير متثاقلة ولا كارهة، بل *تفرح بدعوته حين يدعوها، كما يفرح الرجل بدعوة حبيبه المُحسِن إليه إلى محل كرامته.* فهو كل وقت يرقب داعيه، ويتأهب لموافاته. والله يختصُّ برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. طريق الهجرتين (٢/ ٥٩٧ - ٥٩٨).