
قناة أبي محمد طاهر السماوي
February 22, 2025 at 06:03 PM
*🔰ماهي الحكمة الحقيقية من الصوم🔰*
⌫ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
◐ذكر أهل العلم حكم كثيرة من حكمة فرض الله تعالى للصوم.
فقد ذكروا حكم بدنية وتعبدية وٲسرية ومجتمعية ودينية على الفرد والمجتمع وهذا لا غبار عليه فلله تعالى في حكمه وشرعه وخلقه حكم جليلة علمناها أو لم نعلمها.
◐ ولكن أعظم حكمة وهي جامعة لغيرها من الحكم التي ذكرها العلماء وهي ما قصه الله عن نبيه موسى عليه الصلاة والسلام فقال {ﻭﻭاﻋﺪﻧﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﺃﺗﻤﻤﻨﺎﻫﺎ ﺑﻌﺸﺮ ﻓﺘﻢ ﻣﻴﻘﺎﺕ ﺭﺑﻪ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ}
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭاﻟﻤﻔﺴﺮﻭﻥ: ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ الثلاﺛﻴﻦ ﺫﻭ اﻟﻘﻌﺪﺓ، ﺃﻣﺮﻩ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺼﻮﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺘﻔﺮغ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻴﻜﻠﻤﻪ، ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺴﻠﺦ اﻟﺸﻬﺮ اﺳﺘﺎﻙ ﻣﻮﺳﻰ ﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺭﺑﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﺯاﻟﺔ اﻟﺨﻠﻮﻑ.[1] فالتفكر في هذه الآية الجليلة تبين المقصود من الصوم الفرض والمستحب.
◐ فموسى واعده ربه لملاقاته وهو بشر تتعلق قلبه بأمور كثيرة ولقاء الله تعالى عظيم وجليل فيحتاج العبد لقرب الله تعالى التهيؤ روحيَا وبدنيًا وقلبيًا وهو الذي أوجب الله على موسى صيام أربعين يوما لا يأكل ولا يشرب وإنما يختلي ويتعبد لله تعالى ولذلك زاده الله بعد الثلاثين يومًا عشرة أيام لزيادة في كماله وتعظيم حقه سبحانة فتفهم هذه الحكمة الجليلة العظيمة.
◐وهنا سؤال اعتراضي جميل ومهم: لماذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما أسري به لم يجعل الله له ما جعل لموسى؟
- والجواب: أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان مهيأ نفسيًا وبدنيًا وقد حشا جبريل قلبه حكمة وإيمانًا كما جاء عن أبي ذر رضي الله عنه[2] لهذا كيف وهو أتقى البشر وخير البشر وأفضل البشر وهذا لكماله وفضله على جميع الأنبياء عليه الصلاة والسلام فقد كان مُهيأ لهذا في كل حين لإقباله على ربه تعالى فصلوات ربي وسلامه عليه. انتهى الجواب عن الٳعتراض.
◐ فنعود لموضوع حكمة الصوم العظمى فقد جاء ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: ﺭﺏ ﺻﺎﺋﻢ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﺇﻻ اﻟﺠﻮﻉ ﻭاﻟﻌﻄﺶ ﻭﺭﺏ ﻗﺎﺋﻢ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺇﻻ اﻟﺴﻬﺮ.[3]
◐فالمقصود من الحديث أن الصوم شيء عظيم وحدث جليل ومهمة كبيرة له شأن أعلى وهدف أعظم - من ترك الطعام والشراب والشهوة - وهو تربية النفس تربية روحية وقربها من الله تعالى لتلحق بالأمور العلوية وتتخلق بأخلاقها فصارت هذه الأمور محرمة - وهي في الأصل حلال في غير نهار رمضان - لأنها تلهي العبد من القرب من الله والعلو بنفسه وتصفية قلبه من الشوائب والعوالق والعوائق التي تكون حائلًا بينه وبين ربه ومن الأمور التي تثبطه عن القرب من الرحيم الكريم *فكيف بالذنوب والمعاصي في رمضان والغفلة وكثرة النوم والسهر على المنكرات؟* لاشك ولا ريب أن هذا العبد بعيد كل البعد عن الله تعالى ولذلك جاء ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻗﺎﻝ: ﺻﻌﺪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﻗﻲ اﻟﺪﺭﺟﺔ اﻷﻭﻟﻰ ﻗﺎﻝ: ﺁﻣﻴﻦ، ﺛﻢ ﺭﻗﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ , ﻓﻘﺎﻝ: ﺁﻣﻴﻦ، ﺛﻢ ﺭﻗﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻘﺎﻝ: ﺁﻣﻴﻦ "، ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺳﻤﻌﻨﺎﻙ ﺗﻘﻮﻝ: ﺁﻣﻴﻦ , ﺛﻼﺙ ﻣﺮاﺕ؟ , ﻗﺎﻝ: " ﻟﻤﺎ ﺭﻗﻴﺖ اﻟﺪﺭﺟﺔ اﻷﻭﻟﻰ ﺃﺗﺎﻧﻲ ﺟﺒﺮﻳﻞ - ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ - ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻦ ﺃﺩﺭﻙ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺎﻧﺴﻠﺦ ﻣﻨﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻪ ﻓﺪﺧﻞ اﻟﻨﺎﺭ , ﻓﺄﺑﻌﺪﻩ اﻟﻠﻪ , ﻗﻞ: ﺁﻣﻴﻦ , ﻓﻘﻠﺖ: ﺁﻣﻴﻦ.... الحديث[4]
◐ *فالخلاصة:* أن حكمة الصوم والهدف منه تربية الأمة على المسارعة والقرب الروحي الذي يتبعه الإصلاح البدني والنفسي والأسري والمجتمعي والأممي لسائر الأمة فتفهم هذا يا عبدالله فالله غني عن إرهاق الناس بترك الطعام والشراب وجميع ما أباحه الله تعالى قال الله تعالى{ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺬاﺑﻜﻢ ﺇﻥ ﺷﻜﺮﺗﻢ ﻭﺁﻣﻨﺘﻢ ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺷﺎﻛﺮا ﻋﻠيما (147)}. ولذلك جعل الله الصوم له دون سائر العبادات وأجر الصوم غير معلوم ولذلك جاء ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ: ﻛﻞ ﻋﻤﻞ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻳﻀﺎﻋﻒ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻋﺸﺮ ﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ , ﺇﻟﻰ ﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﺿﻌﻒ , ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﺇﻻ اﻟﺼﻮﻡ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻲ , ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺟﺰﻱ ﺑﻪﻳﺪﻉ ﻃﻌﺎﻣﻪ , ﻭﺷﺮاﺑﻪ , ﻭﺷﻬﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻲ.[5] فهذه الإضافة إضافة تشريف وتعظيم وتبجيل وبيان عظيم القدر لهذه العبادة والمعنى عظيم وجليل وبين واضح جلي.
◐ فعليك يا عبدالله أن تستشعر عظيم عبادة الصوم وتحقق المقصود منه بالقرب من الله والتزود من العبادات التي تعين على ذلك والبعد كل البعد عن الغفلة والذنوب فإنها تفسد الصوم وحقيقته أو تبطل أجره ومثوبته.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة يارب العالمين.
---------------------
[1] ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ 5/ 1556 ﺑﺴﻨﺪ ﺟﻴﺪ، ﻭﺫﻛﺮﻩ اﻟﻮاﺣﺪﻱ ﻓﻲ "اﻟﻮﺳﻴﻂ" 2/ 234، ﻭاﺑﻦ اﻟﺠﻮﺯﻱ 3/ 255، ﻭاﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻓﻲ "اﻟﺪﺭ" 3/ 214.
[2] البخاري(342) ومسلم (162)
[3] ابن ماجة (1690) وغيره. اﻧﻈﺮ: ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ: (3490) , وﺻﺤﻴﺢ اﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻭاﻟﺘﺮﻫﻴﺐ: (1083).
[4] ابن حبان (907) انظر: ﺻﺤﻴﺢ اﻷﺩﺏ اﻟﻤﻔﺮﺩ:(501) , ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ: (75), ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻭاﻟﺘﺮﻫﻴﺐ:(995)
[5] أحمد (9101) , البخاري (7054) , مسلم (1151) بألفاظ متقاربة.
✒ كتبه: أبو محمد/ طاهر السماوي وفقه الله لطاعته.
عصر يوم الجمعة ١٣ رمضان ١٤٤٣ﮫ.
https://t.me/taheer77
════ ❁✿❁ ════
https://whatsapp.com/channel/0029VaZw3Y5HbFUzMEIXOv1y/291
*✍ انشـــر.فنشر.العــلم.من.أجل.القربـــات.ms*