مَشَايخُ الدَّعْوةِ السَلَفِيةِ بِالْجَزَائِرِ
مَشَايخُ الدَّعْوةِ السَلَفِيةِ بِالْجَزَائِرِ
January 31, 2025 at 08:18 PM
*-السؤال: شيخنا -بارك الله فيكم- يظهر من واقع كثيرٍ من إخواننا أنهم يحصرون معاني تمييع الدين في قضية التعامل مع المخالفين لأهميتها،لكن مواقفهم في المجالات الأخرى،كالأخلاق و المعاملات المالية و الشؤون العائلية و غيرها تُنبئ عن التساهل و الإخلال بالحكم الشرعي، فلو تفضلتم شيخنا ببيان معاني التمييع بمفهومها الواسع و جزاكم الله خيرا* -جواب الشيخ -حفظه الله-: [ التمييع له وجوه كثيرة، ففيه ما يسمى بالتمييع في الدين، و فيه تمييع في الأخلاق و فيه تمييع في المواقف،كذلك يوجد التمييع في النصرة،و فيها وجوه أخرى كثيرة،و *التمييع في الدين أو التمييع في التوحيد صورته أن يجد المرء الشرك و الضلال و يجد الناس يفعلون أشياء مخالفة للتوحيد و هو -بدل الإنكار- يسكت و يصاحب هؤلاء،و يأخذ صُوراً معهم، و لا ينكر عليهم،هذا تمييع، لأن الذي يراه يأخذ حكماً و هو كونه راضٍ بأفعالهم،خاصةً الجاهل،يقول: ( أفعالهم صحيحة لأنها لو كانت غيرَ صحيحةٍ لأنكرها فلان)*، نفس الشيء بالنسبة للقول في الأخلاق،و كذلك بالنسبة للمواقف، *فيوجد ما يسمى بتمييع الموقف*،و ذلك بالتخذيل، *فتخذيل الموقف تمييع،لأن التخذيل يذوب به صاحبه فيذوب الموقف، لأن الموقف حين يتحد الجميع على تقويته تكون قوة في الرد و قوة في الثبات و قوة في حجب و منع دخول الأشياء الفاسدة في الدين كالسد بالنسبة للماء،فلو لا الموقف -و لله الحمد- لانتشرت الأفكار الدخيلة و التلبيسات و الافتراءات و التهم،لكن حين يكون الثبات على الموقف لا تنتشر هذه الأمور،بل تبقى مسدودةً، أما الذي يُميِّع الأمور فينشق -بتمييعه- هذا السد و تبدأ تسريبات من هنا و هناك و تخرج من هذه الشقوق، فهذا تمييع،و التمييع في الدين بأن يترك مجال الشركيات و البدع و العوائد و الأفكار الدخيلة،يتركها و لا يصدها،لأنه لا يريد أن يلحقه الأذى من جرَّاء الموقف، لأنه لو ثبت على الموقف يأتيه كلام و أباطيل من جهات أخرى فيسكت على قاعدة (هنِّيني نهنِّيك)، و التمييع في الأخلاق شامل،تجده سواء في البيت أو في الشارع أو في المدرسة أو في عموم المؤسسات،تجد -مثلا- في البيت الأم تُميِّع ابنتها فتقول ( اتركها تلبس ما تشاء / مازالها صغيرة/ واش فيها؟!.....الخ)* هذا تمييع في الأخلاق، و هو كذلك تمييع في المواقف، كذلك الأباء الذين حين يتركون أولادهم يعملون في المحرمات و يسكتون، أو الناس تجدهم يعملون في الحرام و يتركون اتخاذ المواقف السليمة،على وفق قاعدة *(كل ممنوع متبوع)، و هذا التمييع هو الذي يُسهِّل نقضَ عُرَى الإسلام،* كما جاء في الحديث *{ لتنقضن عرى الاسلام عروة عروة فكلما انتقضت  عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم و آخرهن الصلاة} فتنقض عرى الإسلام بسبب التمييع و التخذيل* و غيرها من الأمور التي من شأنها أن تضعف الحق و تنقض عرى الإسلام ،و *من أسباب نقض عرى الإسلام كذلك تركُ الإنكار و الاقتصارُ على الانكار القلبي، فتجد من يسكت على إنكار المنكرات بسكوته شيئا فشيئا يصبح المنكر معروفاً و المعروف منكراً،فتجد الناس يرون الجلبابَ ينكرون،و يرون امراةً متنقبةً فينكرون عليها، يقولون (وشنو هذا ؟! من أين جاء هذا اللباس؟!!...الخ) فيصبح المشروع منكراً، و من جهة أخرى يرون المرأة المتبرجة و يسكتون و يرون هذا التبرج عاديا،بل ربما حتى من هو باللحية يسكت، إذاً خطورة التمييع سواء في باب التوحيد بفتح مجال الشركيات والضلالات، أو في باب الأخلاق بفتح مجال شرور كثيرة و فتن النساء و مخالفة الأخلاق الصحيحة و بث الأخلاق الفاسدة و غير ذلك، كل هذا سببه التمييع، و الغش و الكذب الموجود في المعاملات سببه التمييع،تجد شخصا يميّع فيغش الناس و يرشدهم* -بثوب النصيحة- *إلى فعل المنكرات*، فيقول مثلا (اكتب ورقةً عند الطبيب يصرح لك فيها بأنك مريض من أجل أن تأخذ تعويضا على الدواء) فتنتشر هذه و يفعلها الناس،و *من الذي فعلها ؟!! ميَّعها فلان الإمام أو نحو ذلك*، فيأتي من يأخذها و هو ليس مريضا لكن يضع الورقة المزوَّرة و يأخذ المال من الضمان ظلما، فالحاصل أن خطورة التمييع من حيث أنه إعانةُ المجتمع على فساده، هذا بكلمة مختصرة، *[التمييع هو إعانةُ المجتمع على فساده، عقدياً و سلوكا و أخلاقا و تربيةً]* و عليه *فلا بد من محاربة هذا التمييع، بماذا محاربته؟ بالإنكار و البيان و عدم الرضا و إظهار عدم الرضا* و كلٌّ بحسب ما أوتي من قوة و *﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾* و العلم عند الله] الجمعة 21 ربيع الأول 1445

Comments