🖋حُكْمُ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ بِالنُّطْقِ الصَّوْتِيِّ اللَّاتِينِيِّ (phonétique) وَتَرْجَمَتِهِ لِلْأَغْرَاضِ التَّعْلِيمِيَّةِ 📜السؤال:شَيْخَنَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكُمْ، وَ بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ، لَدَيْنَا بَعْضُ الْإِخْوَةِ يَقُومُونَ بِتَرْكِيبِ مَقَاطِعَ فِيدِيُو لِتَعْلِيمِ الْحُرُوفِ الْعَرَبِيَّةِ وَتَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِلْأَعَاجِمِ. فِي إِطَارِ هَذَا الْعَمَلِ، يَقُومُونَ بِكِتَابَةِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِالْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ يُقَابِلُهَا كِتَابَةٌ بِاللَّاتِينِيَّةِ (النُّطْقُ الصَّوْتِيُّ) لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى تَرْجَمَةِ الْمَعَانِي إِلَى اللُّغَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ. لَقَدْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِعَدَمِ جَوَازِ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ تَعَلُّمَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ الَّتِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهَا. فَضِيلَةَ الشَّيْخِ، مَا هُوَ حُكْمُ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ بِالنُّطْقِ الصَّوْتِيِّ اللَّاتِينِيِّ (phonétique) لِأَغْرَاضٍ تَعْلِيمِيَّةٍ؟ نَرْجُو مِنْ فَضِيلَتِكُمْ إِزَالَةَ هَذَا الْإِشْكَالِ وَتَوْضِيحَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ. 🎙جَوَابُ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ الْمَعِزِّ مُحَمَّد عَلي فَرْكُوس حَفِظَهُ اللهُ: الْقُرْآنُ لَفْظٌ وَمَعْنًى. لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسَمَّى قُرْآنًا مُنَزَّلًا إِلَّا بِلَفْظِهِ الْعَرَبِيِّ وَمَعَانِيهِ الَّتِي قَامَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ بِتَفْسِيرِهَا، بِمَعْنَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسَمَّى قُرْآنًا مُنَزَّلًا إِلَّا إِذَا كَانَ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ وَمَا يَتَضَمَّنُ فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي قَامَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ بِتَفْسِيرِهَا. لَا يَكُونُ الْقُرْآنُ قُرْآنًا إِذَا كُتِبَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يُسَمَّى قُرْآنًا وَلَا يُتَعَبَّدُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ وَلَا بِتِلَاوَتِهِ وَلَا يُسْتَشْهَدُ بِهِ كَذَلِكَ إِلَّا إِذَا جِيءَ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ الْمُنَزَّلِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِثْبَاتًا لِنُبُوَّتِهِ وَإِعْجَازًا بِأَلْفَاظِهِ وَسِيقَ لَنَا مُتَوَاتِرًا وَهُوَ ذَلِكَ الَّذِي يُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ. إِذَا كَانَتِ الْأَلْفَاظُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، فَلَا يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كِتَابَتُهُ بِاللَّفْظِ اللَّاتِينِيِّ وَلَا يُسَمَّى قُرْآنًا عَلَى نَحْوِ مَا يُنْطَقُ بِالْعَرَبِيِّ الْمَعْرُوفِ بـ"الشَّرَبِيَا" (phonétique). وَالْخَطُّ الْعَرَبِيُّ هُوَ الَّذِي يُكْتَبُ مِنَ الْيَمِينِ إِلَى الشِّمَالِ، وَكُتَّابُ الْوَحْيِ كَتَبُوهُ بِالْحَرْفِ الْعَرَبِيِّ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَبِالتَّالِي لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ وَبِأَلْفَاظِهِ (بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) أَمَّا بِمَعْنَاهُ نَعَمْ، وَلَا يُتَعَبَّدُ بِصَلَاتِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ. أَقُولُ: تَرْجَمَةُ الْقُرْآنِ بِاللُّغَةِ اللَّاتِينِيَّةِ وَغَيْرِهَا جَائِزٌ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِهَا وَإِنَّمَا هِيَ تَرْجَمَةٌ تَجُوزُ بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ، لَكِنْ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ تُكْتَبَ الْأُمُورُ التَّوْقِيفِيَّةُ وَلَفْظُ الْجَلَالَةِ بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ؛ بِمَعْنَى: لَا يُتَرْجَمُ لَفْظُ الْجَلَالَةِ اللهُ (Dieu) بِالْفَرَنْسِيَّةِ أَوْ بِالْإِنْجِلِيزِيَّةِ (God) لِأَنَّ الْمَعْنَى سَيَنْصَرِفُ إِلَى إِلَهِهِمْ، وَإِلَهِ النَّصَارَى، وَإِلَهُ النَّصَارَى غَيْرُ إِلَهِ الصِّينِيِّينَ، وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ إِلَّا اللهُ الْحَقُّ. كَذَلِكَ النُّطْقُ الْمُحَمَّدِيُّ لَا يُقَالُ (مُوَامِي)، يُقَالُ مُحَمَّدٌ أَي: مِنَ الْحَمْدِ وَالْمَحْمُودِ،لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْحَمْدِ وَلَفْظُ (مُوَامِي) لَا تُقَالُ هَكَذَا بِاللَّفْظِ الْأَعْجَمِيِّ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ، فَهَذِهِ فِي نُطْقِهِمْ. لَا نَقُولُ (مُويِيز) نَقُولُ مُوسَى، لَا نَقُولُ (جِيزُو) نَقُولُ عِيسَى، وَنَنْطِقُ بِهِ كَمَا نُطِقَ بِهِ الْقُرْآنُ. أَمَّا عَنْ الاِسْتِثْنَاءٍ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِلْمُسْلِمِينَ الْأَجَانِبِ وَدُخُولِهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَتَعَلُّمِهِمْ لِلْعَرَبِيَّةِ.إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْبُعْدِ الدَّعَوِيِّ يَقْتَضِي أَنْ نُحَبِّبَ لَهُمُ الْعَرَبِيَّةَ، لِأَنَّ الْعَرَبِيَّةَ عِنْدَمَا يُحِبُّهَا الْمُسْلِمُ يُحِبُّ أَصْحَابَهَا وَمِنْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ وَالْأَئِمَّةُ الْأَعْلَامُ. وَحُبُّ ذَلِكَ اِنْدِمَاجٌ لِهَذَا الصَّرْحِ الْعَظِيمِ لِدِينِ الْإِسْلَامِ، يُحِبُّ الدِّينَ وَالسُّنَّةَ وَتَبْعَثُ فِيهِ مَحَبَّةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ هِيَ مِفْتَاحُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ تَفْهَمُ بِهَا الْآيَاتِ وَتَقْرَأُ بِهَا تَقْرَأُ شَيْئًا فَشَيْئًا الْأَحْرُفَ الْعَرَبِيَّةَ ثُمَّ يَقْرَأُ الْمَعَانِيَ حَتَّى يَسْتَطِيعَ أَنْ يُدْرِكَ مَا فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ كُنُوزٍ لَا تُوجَدُ فِي اللُّغَاتِ الْأُخْرَى لَا تُسَاوِيهَا وَلَا تُشْبِهُهَا وَلَا تُضَاهِيهَا خَاصَّةً فِي الْبَلَاغَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ أَحَبَّ الْعَرَبِيَّةَ تَعَلَّمَهَا وَتَقْرَأُ الْحُرُوفَ الْهِجَائِيَّةَ وَتَنْتَقِلُ إِلَى الْمَعَانِي، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُدْرِكَ مَا فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ كُنُوزِ، فاللُّغَاتِ الْأُخْرَى لَا تُوَازِيهَا وَلَا تُشَابِهُهَا بِتَرْجَمَتِهَا، الْعَرَبِيَّةُ فِيهَا الْبَلَاغَةُ وَالْمُحَسِّنَاتُ الْبَدِيعِيَّةُ فَتَجِدُهُ يَمِيلُ إِلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. أَمَّا إِذَا عَلَّمْتَهُ باللَّاتِينِيَّةِ هَذِهِ، فتَبْقَى الْأَلْفَاظُ فِي ذِهْنِهِ وَلَا يَزَالُ مُرْتَبِطًا بِمُجْتَمَعِهِ، وَنَحْنُ نُرِيدُهُ أَنْ يَرْتَبِطَ بِمُجْتَمَعِ الْإِسْلَامِ وَالدِّينِ الْحَنِيفِ. وَكُلَّمَا تَوَغَّلَ فِي ذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ سَلِيمًا وَإِذَا أَحَبَّ الْعَرَبِيَّةَ دَائِمًا يَطْلُبُ الْمَزِيدَ حَتَّى يَفْهَمَ هَذَا وَذَاكَ. حَتَّى شَرْحُ الْقُرْآنِ بِاللُّغَاتِ اللَّاتِينِيَّةِ مَهْمَا كَانَ لَا يَصِلُ إِلَى مَعَانِي الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهَا لُغَةٌ ذَاتُ أَلْفَاظٍ دَقِيقَةٍ جِدًّا حَتَّى إِنْ أَتَيْتَ بِمَا يُنَاسِبُهَا، يُنَاسِبُهَا فِي الْجُزْءِ لَا فِي الْكُلِّ، و تَجِدُ حَتَّى فِي الْعَرَبِيَّةِ اللَّفْظَةُ الْوَاحِدَةُ يَشْرَحُونَهَا بِعِدَّةِ أَلْفَاظٍ فَالْإِيمَانُ مَثَلًا فِيهِ مَنْ شَرَحَهُ أَنَّهُ التَّصْدِيقُ وَفِيهِ مَنْ قَالَ الْإِقْرَارُ وَالْإِقْرَارُ يَتَضَمَّنُ التَّصْدِيقَ وَبِالْفَرَنْسِيَّةِ: لَافُوَا لَا يَتَنَاسَبُ مَعَهُ لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يُفَسِّرُونَ الْإِيمَانَ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ فَلَابُدَّ مِنْ تَوْسِعَةٍ فَإِنْ فَهِمَهُ هَكَذَا فَقَطْ يَكُونُ عِنْدَهُ فَهْمٌ قَاصِرٌ غَيْرُ مُوَسَّعٍ وَقَدْ لَا يَجِدَ فِي الْكُتُبِ وَلَوْ دَرَسَ بِشَكْلٍ مُوَسَّعٍ إِلَّا إِنْ قَرَأَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ فِي الْكُتُبِ الَّتِي كَتَبَهَا أَهْلُ السُّنَّةِ الَّتِي تُبَيِّنُ مَدْلُولَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ). **هَلْ يُمْكِنُ تَرْجَمَةُ الْإِيمَانِ بِالتَّصْدِيقِ أَوْ الْإِقْرَارِ؟ الْإِيمَانُ يُتَرْجِمُهُ (la foie) يَشْرَحُهُ بِالتَّصْدِيقِ، لَكِنْ لَا يَشْرَحُهُ بِالْإِقْرَارِ. يَجِبُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْعَرَبِيَّةِ لِيُقْرَأَ بِمَدْلُولِهِ الْوَاسِعِ، لِأَنَّهُمْ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ لَا يُدْخِلُونَ الْأَعْمَالَ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ.فَالْإِقْرَارُ مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: «قَالُوا أَقْرَرْنَا» وَالْإِقْرَارُ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ وَالتَّصْدِيقَ، لِذَا يَجِبُ التَّوَسُّعُ فِي الْفَهْمِ. لِذَا فَهْمُهُ يَكُونُ قَاصِرًا، وَقَدْ لَا يَجِدُ فِي الْكُتُبِ مَا يَفْهَمُهُ بِجُهْدٍ، وَيَجِدُ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنَ الْعُلُومِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْ السَّلَفِ مَا يُفِي بِالْغَرَضِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. من مَجْلِسِ الْقُبَّةِ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ 5 شَعْبَانَ 1446 هـ الْمُوَافِقِ لـ 04 فِبْرَايِرَ 2025 م