
طرائف من الأدب العربي .
February 24, 2025 at 08:21 AM
🌸 الوزير المهلبي 🌸
الحسن المهلبي، أبو محمد، من ولد المهلب بن أبي صفرة، وعرف كريما شهما شجاعا أدبيا شاعرا، وكان في أول حياته فقيرا معدمًا في حالة سيئة من ضنك العيش. وفي ذات يوم سافر مع رفيق له، واشتهى اللحم ولم يكن معه مال ليشتري به شيئا منه، فأصابه غمٌّ شديد، فقال:
ألا موتٌ يباع فأشتريه
فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي
يُخلصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيدٍ
وددت لو أنني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حرّ
تصدّق بالوفاة على أخيه.
فرثى له رفيقه واشترى له لحما، ثم تفرقا، ودارت الليالي وحسنت أيام أبي محمد المهلبي، وأصبح وزيرًا، وحالَ حالُ رفيقه وتغيّرت أوضاعه فافتقر، فذكر صديقه المهلبي فجاء إلى قصره وأوصل إليه رقعة كتب فيها:
ألا قلُ للوزير – فدته نفسي-
مقالاً مُذكرًا ما قد نسيه:
أ تذكرُ إذ تقول لضنْك عيشٍ:
ألا موت يباع فأشتريه.
فتذكر الوزير المهلبي رفيقه وأمر له بسبعمائة درهم ووقع في آخر الرقعة قوله تعالى: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء.
ثم قلّده عملا يرتزق منه.
وللمهلبي شعر حسن، منه قوله:
قال لي مَن أحبّ والبين قد
جدّ وفي مهجتي لهيب الحريقِ:
ما الذي في الطريق تصنع بعدي؟
قلتُ: أبكي عليك طول الطريق!
وبيت المهلبي : ألا موت ... ، يحيل القارئ إلى قول المتنبي:
كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا
تمنيتها لمّا تمنيت أن ترى
صديقا فأعى أو عدوا مداجيا.