اِرشَــادُالحق اِدارَه ده اسلامي معلوماتو چینل
اِرشَــادُالحق اِدارَه ده اسلامي معلوماتو چینل
February 14, 2025 at 03:49 AM
{ شعبان شهر ترفع فيه الأعمال فإياكم والخصام والتشاحن } أولا : { ليلة النصف من شعبان وتحقيق مقال العلماء } ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، لا كما يدعي بعض من لا علم لهم، بأن ما ورد فيها ضعيف شديد الضعف، بل تواترت كلمة العلماء على فضيلة هذه الليلة ومنزلتها، قال الشافعي في كتابه الأم : "وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان". وقال الإمام ابن الصلاح في فتوى له:.".. وأما ليلة النصف من شعبان فلها فضيلة وإحياؤها بالعبادة مستحب ولكن على الانفراد من غير جماعة..."، ذكره ابن أبي شامة المقدسي في البدع والحوادث، وقال ابن رجب الحنبلي في (لطائف المعارف): "وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها". قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله في كتابه مجموع الفتاوي : " وَأَمَّا لَيْلَةُ النِّصْفِ فَقَدْ رُوِيَ فِي فَضْلِهَا أَحَادِيثُ وَآثَارٌ وَنُقِلَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهَا فَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِيهَا وَحْدَهُ قَدْ تَقَدَّمَهُ فِيهِ سَلَفٌ وَلَهُ فِيهِ حُجَّةٌ فَلَا يُنْكَرُ مِثْلُ هَذَا. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِيهَا جَمَاعَةً فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ فَإِنَّهُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ إمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ. وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ فَهَذَا سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ يَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَالْمُدَاوَمَةُ. وَالثَّانِي مَا لَيْسَ بِسُنَّةِ رَاتِبَةٍ مِثْلَ الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ مِثْلَ قِيَامِ اللَّيْلِ أَوْ عَلَى قِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ أَوْ دُعَاءٍ. فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يُتَّخَذْ عَادَةً رَاتِبَةً " . ________ [ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ١٣٢/٢٣] قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى: أما ليلة النصف من شعبان فقد روي في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها" ا.هـ . اقتضاء الصراط المستقيم2/631. ما حكم إحياء ليلة النصف من شعبان؟ ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة المتبوعة إلى استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان؛ لحديث (يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحن، وقاتل نفس) رواه الإمام أحمد في "المسند" (11/217) من حديث عبدالله بن عمرو بسند صحيح بشواهده كما قال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة، ورواه أيضا الطبراني في "المعجم" بسند صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا، ولكنه قال: (إلا لمشرك أو مشاحن) قال الهيثمي: رجاله ثقات. ودلالة الحديث ظاهرة على أن لهذه الليلة مزية فضل ورحمة ومغفرة، فمن تعرض لهذا الفضل بالصلاة والذكر والدعاء رُجي أن ينال من تلك النفحات المباركة، كما أن قيام الليل عبادة مستحبة في كل الليالي، ومنها هذه الليلة. قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب "الأم": "أنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي [منها ليلة النصف من شعبان]". وما حكاه هو القيام والدعاء والذكر. ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "لهذه الليلة [يعني النصف من شعبان] فضل، يقع فيها مغفرة مخصوصة واستجابة مخصوصة" "الفتاوى الفقهية الكبرى". وقال ابن نجيم من الحنفية: "ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان، وليلتي العيدين، وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان، كما وردت به الأحاديث" "البحر الرائق". وجاء في "التاج والإكليل" (3/319) من كتب المالكية: "رغب في قيام تلك الليلة" [يعني منتصف شعبان]. وهو مذهب الحنابلة أيضا، كما في "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي، وقال ابن تيمية: "وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار، ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا" "مجموع الفتاوى". ولكن ننبه هنا إلى حكمين مهمين نص عليهما العلماء: أولا: استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة إنما يكون فرادى، وليس جماعة، لا في المسجد ولا في غير المسجد، وإنما بالقيام الفردي بين العبد وربه. ولذلك نص الفقهاء على كراهة إحيائها جماعة، وجدنا ذلك لدى جميع السادة الفقهاء من المذاهب الأربعة. ثانيا: لا يجوز تخصيص هيئة خاصة للصلاة ليلة النصف من شعبان، بما اشتهر عند بعض الناس باسم "الصلاة الألفية"، وهي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة الإخلاص عشر مرات، فهذه الصلاة أيضا غير مشروعة، وأنكرها العلماء، ولا يجوز نسبتها إلى الدين، وإنما يصلي المسلم وحده ما تيسر له، ويحرص على كثرة الدعاء وسؤال الله الحاجات. قال النووي: "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما؛ فإنه غالط في ذلك" المجموع شرح المهذب (4/56). والله أعلم. ثانيا : { شعبان شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله } رفع الأعمال إلى رب العالمين على ثلاثة أنواع:- النوع الأول:أن تُرفع الأعمال على الله تعالى رفعاً عاماً كل يوم كما في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر, ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم -وهو أعلم بهم-؟ كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يُصلُّون وأتيناهم وهو يُصلُّون" قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " فيه : أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار , فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله ، وَاَللَّه أَعْلَم ، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا – يعني صلاتي الصبح والعصر " انتهى . وأخرج الإمام مسلم عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام, يخفض القسط ويرفعه، يرفع الله عمل الليل قبل النهار, وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهي إليه بصره من خلقه" معناه يُرفَع إليه عملُ النهار في أول الليل الذي بعده، وعملُ الليل في أول النهار الذي بعده؛ فإن الحَفَظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل" ففي هذين الوقتين تُرفَع التقارير اليومية آخرَ كل يوم وليلة، فعملُ النهار يُرفَع في آخره، وعملُ الليل يُرفَع في آخره... وهكذا، وهذا الرفع يُطلَق عليه الرفع الخاص؛ أي: خاص بعمل الأيام والليالي. النوع الثاني:رفع الأعمال إلى الله تعالى يوم الاثنين والخميس، وهذا عرض خاص غير العرض العام كل يوم فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس، فقيل له(أي سُئل عن ذلك): قال: إن الأعمال تُعرض كل اثنين وخميس فيُغْفَر لكل مسلم ـ أو لكل مؤمن ـ إلا المتهاجرين، فيقول أَخِّرهما" وعند الترمذي بلفظ:"تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحبُّ أن يُعْرض عملي وأنا صائم" النوع الثالث:هو رفع الأعمال إلى الله تعالى في شعبان كما جاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الإعمال فيه إلى رب العالمين, فأحِبُّ أن يرفع عملي وأنا صائم" أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي . ورفع الأعمال إلى الله تعالى مع كونه صائماً أدعى إلى القبول عند الله تعالى ـ كما مرّ بنا ـ الاجتهاد في شعبان حتى لا تكتب فيه من الغافلين: فرجب من الأشهر المحرمة، ورمضان من الشهور المعظمة، ولذا ترى الناس يجتهدون فيهما، فإذا ما جاء شعبان ترك الناس العبادة، وفتح الشيطان لهم باب التسويف، فيُحدِّث أحدهما نفسه فيقول: سأجتهد في رمضان، وسأفعل... وسأفعل, فيفتح لهم الشيطان باب التمنِّي والأمل، حتى يقعدهم عن العمل في شعبان، ويَدْخُلُ عليهم رمضان وهم خائبون، وينصرف عنهم وهم خاسرون، ويُمنِّيهم الشيطان أنهم في العام القادم سيُعوِّضون. ولعمل وقت الغفلة محبوبٌ لله تعالى, لذا حثَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فاستحب النبي صلى الله عليه وسلم القيام وسط الليل وقت غفلة الناس فقد أخرج الترمذي أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض أصحابه:إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن" فهذا الوقت هو وقت نوم الناس وغفلتهم, فإذا قام المؤمن لرب العالمين ليفوز بجنة النعيم, فلا يستوي هو ومن آثر الوسادة على العبادة, وكما قيل: "من أراد الراحة، تَرَكَ الراحة " ولذلك جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد عن أبى ذر رضي الله عنه ثلاثة يحبهم الله: قوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يُعْدَلُ به، نزلوا فوضعوا رءوسهم , فقام أحدهم يتملقني ويتلوا آياتي" يتملقني: يتضرع إليَّ بالثناء والدعاء. ومعنى الحديث:أن هؤلاء القوم كان النوم لهم لا يعادله شيء فهو أحب شيء إليهم في هذا الوقت فناموا, لكن قام أحدهم حال تعبه، وحال كون النوم أحب إليه مما سواه، قام يدعو ربه ويتلو آياته ويتضرع إليه، فهذا هو نعيمه الذي لا يغنى، وقرة عينيه التي لا تنقضي، وهي سعادته العظمى وغايته المنشودة. ففي هذا الشهر الذي يغفل فيه الناس، عليك أخي الكريم أن تكون أنت المقبل حال فرار الناس، والمتصدق حال بخلهم وإحجامهم وحرصهم... وأن تكون القائم حال نومهم وغفلتهم... وتكون الذاكر لله تعالى حين إعراضهم، فإن هذا سبب لمحبة الله تعالى لك. الخلاصة : نلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تعرض على الله ثلاثة أنواع من العرض : • العرض اليومي ، ويقع مرتين كل يوم . • والعرض الأسبوعي ، ويقع مرتين أيضا : يوم الاثنين ويوم الخميس . • العرض السنوي ، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان . وهذه التقارير اليومية والشهرية والسنوية ليستْ كتقاريرِ البشر، بل هي تقارير تختلف عنها في أمور عدة، منها: 1- أن كتَّاب هذه التقارير مهرة في الكتابة والإحصاء، فيكتبون القول والفعل والزمان والمكان؛ قال - تعالى -: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. وقال: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]. 2- أن كَتبَة هذه التقارير أُمناء، فلا يحابون ولا يجاملون؛ ﴿ كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 11- 12]، ﴿ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. 3- أن هذه التقارير تكتب في سجلات كبيرة، ثم تنشر يوم البعث والنشور: ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 10]، ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 13- 14]. وقد جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاًّ، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتُنكِر من هذا شيئًا، أظَلَمكَ كتبتِي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفَلَك عذرٌ؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج بطاقة فيها: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله)، فيقول: احضُر وزنَكَ، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: فإنك لا تُظلَم، قال: فتوضع السجلات، وثَقُلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله - تعالى – شيء"رواه الترمذي، والنسائي، 4- أن هذه التقارير يُبنَى عليها المستقبل الحقيقي للشخص، فإن كانت تقاريرَ إيجابية، سعِد صاحبُها في الدنيا والآخرة، وإن كانت سلبية، فلا يلومنَّ إلا نفسه! ومصداق ذلك ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وفيه: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أهلَ الجنة، خلودٌ فلا موتَ، ويا أهل النار، خلودٌ فلا موتَ" [رواه البخاري ومسلم 5- أن الذي يطلع على هذه التقارير ليس وزيرًا، ولا رئيسًا، ولا ملِكًا؛ إنما هو مَلِك الملوك - جل في علاه -: ﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 48]. وقد جاء في حديث ابن عمر قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (يُدنَى المؤمن من ربه - وقال هشام: يَدنُو المؤمن - حتى يضع عليه كَنَفه، فيقرره بذنوبه، تَعرِف ذنب كذا؟ يقول: أعرف، يقول: ربِّ أعرف مرتين، فيقول: سترتُها في الدنيا، وأغفرها لكَ اليوم، ثم تُطوَى صحيفةُ حسناتِه، وأما الآخرون - أو الكفار - فينادى على رؤوس الأشهاد: ﴿ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18])؛ رواه البخاري ومسلم. ومع أن هذه التقارير تُكتَب وتُرفع إلى رب العباد، إلا أنه - تبارك وتعالى - توَّاب يحب التوَّابين؛ ولذلك فقد جعل للتوبة بابًا مفتوحًا إلى أن تطلع الشمس من مغربِها؛ كما جاء في حديثٍ عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله - عز وجل - يَبسُط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه مسلم وهذا من ك رمه - عز وجل - أنه يقبل التوبة حتى وإن تأخَّرت، فإذا أذنب الإنسان ذنبًا في النهار، فإن الله - تعالى - يقبل توبته ولو تاب في الليل، وإذا أذنب وتاب في النهار، فإن الله - تعالى - يقبل توبته، بل إنه - تعالى - يبسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن فإذا تاب العباد توبة صادقة، تاب الله عليهم، وبدَّل السيئات حسنات، كما أخبر بذلك في قوله: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]. ثالثا : { سلامة الصدر قبل ليلة النصف من شعبان } لقد حرص الإسلام حرصًا شديدًا على تأليف قلوب أبناء الأمة بحيث تشيع المحبة وترفرف رايات الألفة والمودة، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع . ولهذا امتن الله على المؤمنين بهذه النعمة العظيمة فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [آل عمران:103]. ولقد حرص النبي أن يزرع في نفوس أصحابه سلامة الصدر ففي بداية مقدمه إلى المدينة بدأ بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ثم إنه ولما سمع بوجود خلاف بينهم قال معاتبا: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ وسلامة الصدر من أسباب دخول الجنة فعن أنس بن مالك قال: ( كنا جلوساً مع الرسول فقال: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة) فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت(حدثت مشادة ) أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت ؟ فقال: نعم، قال أنس: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاَ غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبدالله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ) [رواه الإمام أحمد وحديث"تعرض الأعمال كل يوم اثنين وخميس، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئًا، إلا امرءً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا". بل وللحد من الشحناء والبغضاء بين المؤمنين حدد الوقت الزمني الذي لا يجوز للمؤمن ان يتجاوزه في هجرانه لأخيه المسلم فقال : (لا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) وسئل رسول الله عن أفضل الناس، فقال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان" قالوا: صدوق اللسان نعرفه؛ فما مخموم القلب؟ قال: "التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد" أما بالنسبة للمجتمع فإنه يكون مجتمعًا متماسكًا متراصًا متكاتفًا ترفرف عليه رايات المحبة والإخاء ويصدق عليهم قول النبي : "مثل المؤمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمى". صحيح مسلم ثم استمع إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : "إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدًا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة". أما أبو دجانة رضي الله عنه فقد دُخل عليه وهو مريض فرأوا وجهه يتهلل (من السرور) فكلموه في ذلك فقال: "ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى كان قلبي سليمًا للمسلمين". أماعُلبة فإنه لما دعا النبي إلى النفقة ولم يجد ما ينفقه بكى وقال: "اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به، اللهم إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض، ثم أصبح مع الناس. فقال النبي : "أين المتصدق بعرضه البارحة؟" فقام عُلبة رَضي الله عنه، فقال: النبي : "أبشر فوالذي نفسُ محمد بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبلة". ووقعت جفوة بين الحسين وأخيه محمد بن الحنفية فكتب ابن الحنفية إليه : ( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن علي بن أبي طالب إلى الحسين بن علي بن أبي طالب . . أما بعد : فإن لك شرفا لا أبلغه ، وفضلا لا أدركه ، أبونا " علي " رضي الله عنه لا أفضلك فيه ولا تفضلني وأمك فاطمة بنت رسول الله . . ولو كان ملء الأرض نساء مثل أمي ، ما وافين بأمك ، فإذا قرأت رقعتي هذه فالبس رداءك ونعليك وتعال فترضني ، وإياك أن أسبقك إلى هذا الفضل الذي أنت أولى به مني والسلام) . فعلم الحسين أن أخاه يذكره بقول الرسول : " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " فسارع الحسين رضي الله عنه وذهب إلى أخيه فترضاه . أسباب التشاحن والتباغض: -1 طاعة الشيطان: قال تعالى: وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الّتي هِىَ أحسَنُ إنّ الشَيطَانَ يَنَزَغُ بَيَنَهُم إن الشَيطَانَ كَانَ للإنَسانِ عَدُوّاً مُبِيناً [الإسراء:53] وقال : { إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم )رواه مسلم. 2 - الغضب: فالغضب مفتاح كل شر 3 - النميمة: وهي من أسباب الشحناء وطريق إلى القطيعة والتنافر 4 - الحسد يولد الغيبة والنميمة والبهتان على المسلمين والظلم والكبر. 5 - التنافس على الدنيا: فهذا يحقد على زميلة لأنه نال رتبة أعلى، والأمر دون ذلك فكل ذلك إلى زوال. 6 - حب الشهرة والرياسة: وهي داء عضال ومرض خطير، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( ما من أحدٍ أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير ). الأسباب المعينة على سلامة الصدر: 1- الدعاء (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا). 2- حُسن الظن وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل قال عمر: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً. وقال الشافعي: من أراد أن يقضي له الله بخير فليحسن ظنه بالناس. ولما دخل عليه أحد إخوانه يعوده قال: قوّى الله ضعفك ،فقال الشافعي رحمه الله: لو قوى ضعفي لقتلني قال الزائر :والله ما أردت إلا الخير فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير. 3- التماس الأعذار وإقالة العثرات والتغاضي عن الزلات: التمس لأخيك سبعين عذرًا. يقول ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا فإن لم تجد فقل :لعل له عذرًا لا أعرفه. - تذكَّر سوابق إحسانه فإنه مما يعين على التماس العذر وسلامة الصدر واعلم أن الرجل من عُدَّت سقطاته. - استحضر أن المؤمن يلتمس المعاذير، والمنافق يلتمس العثرات. 4- ادفع بالتي أحسن ليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة قال الله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34). 5 - البعد عن الغيبة والنميمة وتجنب كثرة المزاح. 6-الهدية فإنها من دواعي المحبة. 7- الإيمان بالقدر فإن العبد إذا آمن أن الأرزاق مقسومة مكتوبة رضي بما هو فيه ولم يجد في قلبه حسدا لأحد من الناس على خير أعطاه الله إياه. 8- إفشاء السلام. فهو طريق المحبة بين المسلمين قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم . قد يمكث الناس دهرا ليس بينهم ودٌ فيزرعه التسليم واللطف 9- أخيرا تذكر حال النبي الذي كان يشكر ربه على النعم التي أنعم بها حتى على غيره من الخلق حين يصبح وحين يمسي. رزقنا الله وإياكم صدورا سليمة لا تحمل غلا ولا حسدا ولا حقدا. السعي في إصلاح ذات البين: قال : { ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين } [رواه أبو داود. اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا ولا تجعل للشيطان حظا بيننا اللهم اجعلنا من التائبين الذين بُدِّلت سيئاتهم حسنات، يا رب العالمين.

Comments