
منصة قيم
June 3, 2025 at 03:51 PM
الحجّ إلى الله؛ بين ذبحين وإحياءيْن
✍🏻 رانية نصر
عضو هيئة علماء فلسطين
هؤلاء هم أبناء غزة، نُسخةٌ حيةٌ من مدرسة إبراهيم، يُسلمون أمرهم لله، ويعلمون أنّ الذّبح الذي نجا منه إسماعيل لم يكن نجاةً من الموت؛ بل عبورًا إلى الحياة، وأنّ الدماء التي تُسكب على ترابهم؛ ليست هدراً، بل هي توقيعٌ بالعزّة في سجل الخالدين.
علّمنا إبراهيم – عليه السلام- أن الموقفَ لا يُقاسُ بعدد الأتباع؛ بل بصدق التّوحيد، وأنّ الوقوفَ في وجه الباطل -ولو كنتَ وحدك- هو عين الجماعة، وأنّ النّار التي تُشعلها الأصنام في وجه الموحّدين، لا تُحرِقُ من كان الله معه، علّمنا أنّ البراءة من الشّرك أوّلُ خُطوةٍ نحو تمام الإيمان، وأنّ القلب الذي يعانق الحقَّ لا يتلوّن بالمحن، ولا ينكسر الخذلان، علمنا خليل الرحمن أن المؤمن لا يربط نفسه بالأرض وحسب؛ بل بالوعد، وأن العاقبة للمتقين ولو بعد حين.
وتُعلّمنا غزّة أن الحجّ إلى الله ليس رحلةً مكانيةً فحسب، بل مسيراً إلى الأعماق، إلى تطهير القلب من وَهَن الدنيا وتعلّقاتها، وأنّ مبتدأ الطواف المعنوي يتجسّد في تحقيق معاني الإخلاص قبل الطواف المادي حول الحجارة، وأنّ السّعي الوجداني هو ما كان بين طودَي الصبر واليقين، لا فقط بين جبلي الصفا والمروة، وفي هذا يتجلى مبدأ الاستخلاف، إصلاح النفس والناس وإعمار القلوب وتهذيب السلوك ونشر الخير في الأرض، فديننا ليس محضَ حركاتٍ تُؤّدى وشعائر تُوفّى؛ بل روح ومعنى وفكرة وعقيدة يطوف حولها الموحدون ابتداءً، ثم يُكملها الطواف المادي وبغير هذا لا يتحقق تمام الإيمان، ونكون قد غفلنا عن فهم فلسفة هذا الدين!
#منصة_قيم

👍
❤️
😮
5