مكتبة أحرفنا المنيرة
مكتبة أحرفنا المنيرة
June 3, 2025 at 02:54 PM
"مات ولم يفهمه أحد" لم يكن غريبًا، ولا مجنونًا، كان ابنهم... ولدَ كأي طفلٍ يحب اللعب، يضحك لكل شيء، ويحلم بالأمان. لكن الأمان كان غائبًا عن بيته، كأن الجدران هناك خُلقت لتخنق، لا لتحمي. كبر بين الصراخ، والضرب، والتهديد. كانوا إذا غضبوا، حبَسوه في غرفة مظلمة، بلا طعام، ولا حنان. لم يفهم أحد أن قلبه الصغير ينكسر كل مرة يُصفع فيها، أن خوفه لم يكن "عنادًا"، بل نداء استغاثة لا يسمعه أحد. مع الأيام، بدأ يتغيّر. صار صامتًا، يحدّق في الفراغ، لا يردّ إن نادوه، ولا يبتسم إن ضحكوا. قالوا: "جنّ!". لكنهم لم يسألوا: "لماذا؟". رفضوا أخذه للطبيب، خافوا من "كلام الناس". تركوه يذبل في غرفته، مقيدًا تارة، مُهددًا تارة أخرى. كانت أمه تصرخ في وجهه: "أنت عارنا!"، وأبوه يضربه حتى تنزف روحه قبل جسده. وفي إحدى الليالي، سكنت أنفاسه. طرقوا بابه كثيرًا، لكنه لم يجب. فتحوه… فوجدوه ممددًا، ساكنًا، هادئًا أخيرًا. لم يمت فجأة، بل كان يموت كل يوم، بصمت، ولا أحد شعر به. مات ذلك الطفل، لأنه لم يجد قلبًا يحتويه، ولا يدًا تمسح على رأسه، ولا حضنًا يخبئه من العالم. مات… لأنهم لم يؤمنوا أن المرض النفسي، ليس ضعفًا، بل ألمًا يحتاج حبًا لا قسوة. الكاتبة: رانيا محمد
❤️ 👍 😢 19

Comments