الكتمان… هو أن تحبس وجعك في صدرك، أن تبتلع الكلمات، وتخنق عبرة البكاء كلما اقتربت من الخروج. الكتمان ليس صمتًا عابرًا، بل وجعٌ متراكم، ينتظر لحظة انهيار. هو أن تبتسم وفي داخلك سؤال يصرخ: "لماذا لا يشعر بي أحد؟" أنا لا أتكلم، ليس لأنني بخير… بل لأنني مللت أن أشرح، مللت أن أُفهم بطريقة خاطئة، أن تُحوّل مشاعري إلى موضوع للنقاش، أو تُختزل بكلمة: "مبالغة". لكن ما لا يدركه الآخرون، هو أن الكتمان ينهشك من الداخل. يصنع صدعًا لا يُرى في القلب، يزرع قلقًا صامتًا لا يُشخّص، يحولك إلى شخص يبتسم وهو يتمنى لو يصرخ. الكتمان يؤدي إلى اضطرابات النوم، ضعف المناعة، نوبات القلق، الشعور بالوحدة، وحتى الاكتئاب. هو حملٌ ثقيل تحمله روحٌ مرهقة، تتظاهر بالقوة بينما تتمنى أن تنهار. الكُتّاب وحدهم يعرفون معنى الكتمان… لأنهم يكتبون ما لا يستطيعون قوله، ويجعلون الورق صديقًا لا يخون، وملجأً حين يضيق صدر العالم. لا تظن أن الصمت نضج دائمًا، أحيانًا هو خوف… خوف من فقدان من نحب، أو من سماع إجابة لا نحتملها. فإذا كنت ممن يكتمون، تذكّر: الصمت لا يُداوي، ولا النسيان يُنقذ… الحديث، الكتابة، أو حتى البكاء، قد تكون هي بداية نجاتك. الكاتبه رانيا محمد