من كام سنة كنت شغال في مستوصف طبي جنب شغلي الحكومي. كنت بأخد على الكشف الواحد ٧ جنيه، و ساعات أقل و المريض بيدفع للمستوصف حوالي ١٠ جنيه. جاتلي مريضة عندها إنزلاق غضروفي و تعبانة جداً، كانت محتاجة تعمل جراحة علشان الألم. طلبت من المريضة تعمل أشعة رنين مغناطيسي، للأسف جوزها مقدرش يوفر تمن الأشعة ساعتها، إللي كان تقريبا ٤٠٠ جنيه فروحت بعته لمركز أشعة خيري في العاشر من رمضان بيعمل الأشعة ببلاش. بس المركز كان عليه ضغط كبير جداً، فأخدت ميعاد متأخر شوية. بعد ما عملت الأشعة، عرضت عليها أعملها العملية في مستشفى حكومي ببلاش، بس جوزها خاف عليها من المستشفى المجاني. فهمته إن العملية تكاليفها كتير، و ممكن ميقدرش عليها، جوزها قالي خليها على الله....... و فعلاً، إضطريت تحت ضغط زوج المريضة إني أعمل العملية في المستوصف الطبي، إللي كان فيه تجهيزات بسيطة، لكن ممكن تمشي. عملت الجراحة من غير ما أخد منهم و لا مليم، و توفيراً للمصاريف عليهم مرضيتش أجيب معايا طبيب مساعد، لأني إستحرمت إن حد يقف في عملية صعبة زي على رجليه ببلاش، و هما أصلاً طالع روحهم. الحمد لله العملية نفسها عدت على خير، و المريضة قامت مشيت على رجليها بعد العملية ب ٥ ساعات و الألم كان راح تماماً. زوج المريضة لما لقاها كويسة و بتمشي على رجليها من غير وجع لأول مرة من شهور، طلب إنها تخرج تاني يوم على طول علشان يوفر على نفسه مصاريف الإقامة في المستشفى. أنا عادة كنت بأروح المرضى بعد يومين من العملية، بس بشرط إن يكون فيه متابعة دقيقة للجرح. علشان ميحصلش فيه تلوث. في حالة المريضة ي أنا رفضت إنها تخرج تاني يوم ، لأنها كانت ست تخينة شوية و إحتماليات حدوث عدوى في الجرح كانت كبيرة. الراجل زوجها راح سأل في الحسابات، لقى إن حسابه وصل ل ١٣٠٠ جنيه تكاليف الجراحة و التخدير و الأدوية بس. صمم ساعتها إنه يروح لأنه مكانش معاه غير ١٢٠٠ جنيه بس، و كان مستلفهم من طوب الأرض. أنا إضطريت صاغراً إني أسيبه يروح، بشرط إن المريضة تاخد مضاد حيوي و تشوف ممرض يغيرلها على الجرح و يتابعه. و إديته كمان علبة مضاد حيوي تكفيه يوم عقبال ما يجيب الدوا من برا. بعد أسبوع لقيت المريضة جايالي تاني المستوصف بتشتكي إن الجرح وحش و عمال يطلع إفرازات ربحتها مش كويسة. كشفت على الجرح، إتصعقت لقيته متغطي بغيار وحش، و ملتهب و كله إفرازات كريهة سألتهم مين اللي غير على الجرح، جوزها قالي هو اللي غير عليه علشان مكانش قادر يجيب ممرض البيت يغيرلها. سألته إذا كانت أخدت المضاد الحيوي، قالي إنه مقدرش يشتريه علشان غالي، و حتى البديل بتاعه كان غالي. العلبة كانت ب ٣٧ جنيه. طبعاً إتخانقت معاه، و فهمته إنه إللي عمله دا ممكن يبوظ العملية الراجل فضل يتأسف و يعتذر، بس بعد إيه. اضطريت أكتبلهم مضاد حيوي تاني أغلى، و حاولت أنضف الجرح على قد ما أقدر. المريضة فضلت تجيلي أغيرلها على الجرح أكتر من مرة، و مرة منهم روحتلهم مجاناً البيت علشان مكانتش قادرة تنزل. فضلت شهر على البهدلة لغاية ما الجرح لم و بقى كويس. آخر مرة شوفت المريضة فيها، قالتلي كلمة عمري ما حنساها؛ قالتلي ربنا يسامحك يا دكتور على البهدلة إللي إنت بهدلتهالنا دي. أنا بعدها بطلت أشتغل في المستوصفات بعدها فهمت إن الطب تكلفته عالية مفيش طب ببلاش مفيش مريض حيخف بالنوايا الحسنة. لو حصلت أى مشكلة، الدكتور هو إللي بتحملها هو إللي بيشيل القرف على دماغه. و لو المريض حصله حاجة، المتهم الأول حيكون الطبيب، مش الإمكانيات و لا التجهيزات ولا حتى يمكن أن يعترف بمسئوليته عن عدم إتباع التعليمات أو عدم أخذ العلاج أصلاً ! Copied..