
نبض الأمة؛؛؛
June 7, 2025 at 04:37 PM
تأملات في معنى التكبير (2) :
قال تعالى في سورة سبأ ﴿وَلا تَنفَعُ الشَّفاعَةُ عِندَهُ إِلّا لِمَن أَذِنَ لَهُ حَتّى إِذا فُزِّعَ عَن قُلوبِهِم قالوا ماذا قالَ رَبُّكُم قالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبيرُ﴾
وهذه الآية ذكرت في سياق إبطال الحجج التي يتعلق بها المشركون في عبادتهم غير الله تعالى.
فقال تعالى ﴿قُلِ ادعُوا الَّذينَ زَعَمتُم مِن دونِ اللَّهِ لا يَملِكونَ مِثقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الأَرضِ وَما لَهُم فيهِما مِن شِركٍ وَما لَهُ مِنهُم مِن ظَهيرٍ﴾
وهي الآية التي تجتث عروق شجرة الشرك من القلب، فإنها أبطلت جميع حجج المشركين في عبادتهم غير الله.
فإن الطلب والدعاء إنما يكون من المالك أو شريكه أو معينه ومساعده، أو من ذي جاه حتى يشفع لك عند المالك.
فأبطل الله تعالى هذه الأربعة.
ثم بين حال الملائكة وهي من أعظم معبوداتهم، وكانوا يصنعون الأصنام على أنها ترمز للملائكة التي هي بزعمهم بنات الله، وكانوا يعبدونها حتى تشفع لهم عند الله تعالى.
فيين سبحانه وتعالى حال الملائكة عند سماع كلام الله تعالى، وكيف تأخذهم الرعدة والرجفة ويصعقون.
عن النَّواس بن سمعان قال: قال رسولُ الله ﷺ: (إذا أراد الله تعالى أن يُوحي بالأمر تكلَّم بالوحي، أخذت السَّماوات منه رجفة -أو قال: رعدة- شديدة؛ خوفًا من الله ، فإذا سمع ذلك أهلُ السَّماوات صعقوا وخرُّوا لله سُجَّدًا، فيكون أول مَن يرفع رأسه جبريل، فيُكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمرّ جبريل على الملائكة، كلما مرَّ بسماءٍ سأله ملائكتُها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول: قال الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23]، فيقولون كلهم مثلما قال جبريل، فينتهي جبريلُ بالوحي إلى حيث أمره الله). [رواه ابن أبي حاتم واللفظ له]
والمعنى : إذا كان هذا حال الملائكة، من الخوف والتعظيم والهيبة لله تعالى، فكيف يسوون بالله العلي العظيم الكبير؟!
قال السعدي في تفسيره : (فيكون المعنى على هذا: أن المشركين الذين عبدوا مع اللّه تلك الآلهة، التي وصفنا لكم عجزها ونقصها، وعدم نفعها بوجه من الوجوه، كيف صدفوا وصرفوا عن إخلاص العبادة للرب العظيم، العلي الكبير، الذي - من عظمته وجلاله - أن الملائكة الكرام، والمقربين من الخلق، يبلغ بهم الخضوع والصعق، عند سماع كلامه هذا المبلغ، ويقرون كلهم للّه، أنه لا يقول إلا الحق.
فما بال هؤلاء المشركين، استكبروا عن عبادة من هذا شأنه، وعظمة ملكه وسلطانه. فتعالى العلي الكبير، عن شرك المشركين، وإفكهم، وكذبهم)
