مجلة البيان
مجلة البيان
May 19, 2025 at 06:42 PM
#دراسات_تاريخية (أرشيف) الإمام جوري الصومالي.. فاتح الحبشة بقلم/ أحمد الظرافي (إن أشهر دور من أدوار التاريخ الإثيوبي التي بقيت أخبارها محفوظة لدى الغربيين هو «أحمد جوري الصومالي» الذي كاد يسحق النصرانية الحبشية ويعيدها كبلاد النوبة إلى الإسلام). [المستشرق الفرنسي رينيه باسه 1924-1855م]. هناك الكثير من المسلمين لا يعلمون شيئًا عن جهاد إخوانهم في القرن الإفريقي وشرق القارة السمراء، وجهودهم وتضحياتهم الكثيرة والكبيرة في مواجهة الحملات الصليبية، التي شنتها ضدهم الإمبراطورية الحبشية، المعروفة تاريخيًا باسم مملكة «أكسوم»، على مدى قرون، برعاية ودعم وتحريض الكنيسة الأرثوذوكسية اليعقوبية في الحبشة، فالحروب الصليبية قديمة في هذه المنطقة، قدم وجود الإسلام فيها. وقد بدأ الإسلام بالانتشار في شرق إفريقيا والصومال منذ أواخر القرن الأول الهجري، وذلك على أيدي التجار العرب القادمين من اليمن والحجاز، وعلى إثر ذلك تكونت العديد من الإمارات الإسلامية في هذه المنطقة، والتي حملت على عاتقها نشر الإسلام في داخل هذه البلاد، وكذلك التصدي لأعدائه وعلى رأسهم الدولة النصرانية في الحبشة، وقد عرفت هذه السلطنات عند المؤرخين العرب باسم «إمارات الطراز الإسلامي». أولًا: التحالف البرتغالي الحبشي: وقد كانت تلك الحروب الدينية، سجالًا بين النصارى الأحباش من جهة، وبين المسلمين الصوماليين والعفاريين والعرب، من جهة أخرى. واستمرت كذلك حتى بداية القرن السادس عشر الميلادي/ العاشر الهجري. ففي هذه الفترة وصلت الأساطيل البرتغالية الصليبية الغازية إلى سواحل القرن الإفريقي المشرفة على المحيط الهندي، والبحر الأحمر، بعد أن كانوا قد اكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح سنة 905هـ/ 1498م، الذي مكنهم من الدوران حول إفريقيا، والوصول إلى سواحل هذه المنطقة، ومنها إلى الهند، لأول مرة في تاريخهم، وذلك في إطار خطتهم المبيتة لتطويق العالم الإسلامي من الجنوب، وتسديد ضربة قاتلة له من الخلف. وقد فرح النجاشي ملك الحبشة، فرحًا عظيمًا بمقدمهم، وأسرع بالتحالف معهم، طالبًا منهم الدعم والمساعدة في حربه ضد المسلمين، وفي تطهير منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا منهم. كما أبدى النجاشي الحبشي تحمسًا كبيرًا لخطة البرتغاليين التي ترمي إلى سحق المسلمين، وتدمير الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، ثم الزحف شمالًا لاسترداد بيت المقدس، وتحويل مجرى النيل إلى البحر الأحمر لجعل مصر بأسرها صحراء قاحلة، وطلب نجاشي الحبشة، أن يكون له دور في تنفيذ تلك الخطة. ولذلك فقد أتاح لهم المجال لتوطيد نفوذهم في القرن الإفريقي وشرق إفريقيا وفي البحر الأحمر، وجزر دهلك، المقابلة لميناء جدة، الذي يريدون العبور إليه تمهيدًا للوصول إلى مكة والمدينة لتخريبهما. فقد وحد الدين المسيحي بينهم برغم الفوارق المذهبية الكبيرة بينهم، فالأحباش يعاقبة أرثوذكس، والبرتغاليون كاثوليك. وفي خطاباته لملك البرتغال ومحاوراته مع السفير البرتغالي، ركز نجاشي الحبشة على ما يلي: 1 - حث ملك البرتغال على أن يواصل الحرب ضد المسلمين حتى يتم القضاء عليهم نهائيًا، وحتى يتم الاستيلاء على بيت المقدس. 2 - الطلب إلى البرتغاليين بأن يقدموا كل معونة ومساعدة له حتى يتمكن من الوقوف أمام القوى الإسلامية المحيطة به. 3 - الطلب إليهم أيضًا إرسال الخبراء والفنيين لمساعدته في تطوير بلاده وفي صنع الأسلحة لمحاربة المسلمين. 4 - رأى النجاشي أنه يجب على دول أوربا أن تتعاون معًا في إرسال قواتها إلى البحر الأحمر مع البرتغاليين وأن يقوموا بمساعدة القوات الحبشية في الاستيلاء على جدة ومكة والقاهرة وغيرها من المدن الإسلامية، ولكن هذا الاقتراح لم يعجب البرتغاليين. ثانيًا: سطوع نجم الإمام أحمد جوري: وفي هذه الفترة سطع نجم بطل من أبطال الإسلام، مجاهد من كبار المجاهدين، في شرق إفريقيا والصومال، ألا وهو أحمد بن إبراهيم الغازي، موحد المسلمين في هذه الديار، والقائد الفذ، صاحب الفتوح الواسعة في بلاد الحبشة ومناطق شرق إفريقيا. وكان ميلاد هذا البطل، الذي عرف فيما بعد باسم «أحمد جوري» أو «غُري»، وتعني الأعسر في اللغة الصومالية، في عام 908هـ، وكان مسقط رأسه في «هوبت» التي تقع على مقربة من «هرر» المدينة التاريخية التي أنشأها المسلمون في أواخر القرن الأول الهجري. وكانت هرر، إذ ذاك، إحدى الولايات الهامة التي تتكون منها إمارة «عدل» الإسلامية، وإحدى أهم مراكز العلم والإشعاع الإسلامي في شرق إفريقيا، الأمر الذي أتاح له أن يتثقف ثقافة دينية غزيرة، وأن ينال قسطًا من العلم والفقه، على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وهو المذهب السائد في هذه المنطقة وفي اليمن والحجاز... المقال https://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=4178 🔴 من مقالات #مجلة_البيان عدد(333) لشهر جمادى الأولى 1436 هـ

Comments