الكتاب الشهري
May 15, 2025 at 11:45 AM
*بيان فضل الله ولطفه وتربيته لعبده، وأثر العلم الشرعي النافع في تقويم سير المؤمن إلى ربه:*
قال ابن الجوزي رحمه الله:
*إنني أذكر في زمان الصَّبوة ووقت الغُلمة والعُزبة قدرتي على أشياء كانت النفس تَتُوق إليها تَوَقان العطشان إلى الماء الزُّلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلمُ من خوف الله ﷻ.*
ولولا خطايا لا يخلو منها البشر، لقد كنت أخاف على نفسي من العُجْب، *غير أنه ﷻ صانني وعلَّمني وأطلعني من أسرار العلم على معرفته وإيثار الخلوة به، حتى إنه لو حضر معي معروفٌ وبِشْرٌ، لرأيتُهما زحمةً.*
*ثم عاد فغَمَسني في التقصير والتفريط، حتى رأيت أقلَّ الناس خيرًا مني،*
وتارةً يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته، وتارةً يحرمني ذلك مع سلامة بدني.
*ولولا بِشارة العلم بأن هذا نوع تهذيبٍ وتأديبٍ؛ لخرجتُ:*
- *إما إلى العُجْب عند العمل،*
- *وإما إلى اليأس عند البطالة،*
لكن رجائي في فضله قد عادَلَ خوفي منه.
وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه؛ لأني رأيت أنه قد ربَّاني منذ كنت طفلًا؛ فإنَّ أبي مات وأنا لا أعقل، والأم لم تلتفت إليّ، *فركز في طبعي حُبَّ العلم، وما زال يوقعني على المُهِمِّ فالمُهِمِّ، ويحملني إلى مَن يحملني على الأصْوَب، حتى قوَّم أمري، وكم قد قصدني عدوٌّ فصدَّه عني، وإذ رأيتُه قد نصرني وبصَّرني ودافع عني ووهب لي: قَوِيَ رجائي في المستقبل بما قد رأيتُ في الماضي.*
صيد الخاطر (ص ٣١٣ - ٣١٤).
👍
❤️
5