الكتاب الشهري
May 18, 2025 at 11:25 AM
*سعة الصدر في حال الفقر نعمة كبرى:*
قال ابن الجوزي رحمه الله:
*أجِدُ في الناس من هو واسع الصدر، طيب القلب، مع الفقر وضيق اليد، لا ينظر إلى حاجته إلى غدٍ.*
*وأنا بحمد الله منهم؛ فإني قد عالجتُ من الفقر أشياء:*
وقد كنت أُصبِح وليس عندي قوت يومي، ولا أعرف له وجهًا، وأنا طيِّب القلب ساكن النفس، وكم من يومٍ أصبحت لا أملك فيه حبةً، وثَمَّ زوجةٌ وأولادٌ، ومَن تعلَّقت بي جماعةٌ، وقلبي طيبٌ كأني أملك ألف دينارٍ.
*فما انزَعَجَ قلبي بالفقر، ولا خطر أني لو متُّ وبقي أولادي فقراء، بل أقول - إذا خطر هذا -: قد مات أبي، وعاينتُ الفقرَ، وانصرفَ الزمانُ على خير حالٍ بين غنًى وقناعةٍ،*
فإن أراد أن يُصلِحَ أولادي ويُدبِّرَ أمرَهم كما دبَّر أمري، فَعَلَ، وإلا، *فكم مِمَّن خلَّف مالًا كثيرًا لأولاده، فلم ينفعهم،* وهو يتولى الصالحين.
*ثم إني كثيرًا ما رأيتُ مَن يكون معه الدينار والمائة، وهو في قَلَقٍ، وأكون أنا لا حبة معي، وأنا في غنًى،* وإذا قُدِّرَ لي دينارٌ أنفقتُه في يومين أو ثلاثة، ولم أنظر إلى ما بعد ذلك، وإذا حصلَتْ معي حبةٌ فكأني قد ضاهيتُ الأغنياءَ؛ بانشراح صدري وطيب قلبي.
ورأيتُ في الناس مَن يَقرُب مِن هذه الحال،
*ورأيتُ بالعكس: مَن يكون معه وله، وهو ضيق العَطَن، فقير النفس، كثير الهمِّ.*
*فتأمَّلتُ السببَ في طيب القلب، فرأيتُه يتنوَّع إلى ثلاثة أقسامٍ:*
① *فتارةً يكون من سَعَة الصدر خِلْقَة ووضعًا.*
② *وتارةً يكون من ثقة العبد بالله ﷻ وأنه الرَّزَّاق.*
③ *وتارةً يكون من شعور النفس سعادةً مُعَدَّةً لها، وغنًى مُدَّخَرًا لها،* والنفوس الشريفة تشعر الآنَ قبلَ كَوْنِها، فكأنها تطَّلع على عاقبتها.
*والغالب في العادات:*
*أن سَعَة الصدرِ وطِيبَ القلبِ حالُ خيرٍ،*
*وأن كسوفَ البالِ وضِيقَ الصدرِ حالُ شرٍّ.*
صيد الخاطر (ص ٣٣٦ - ٣٣٧).
👍
🤲
🩵
5