الكتاب الشهري
May 20, 2025 at 11:47 AM
*وجوب احترام هيبة بيت الله الحرام:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *حججتُ إلى بيت الله الحرام، فدخل إلى قلبي من هَيْبَة المكان ما لو لم يَمزِجْه الأُنسُ به، ما طابَ عيشي.* فكنتُ تارةً أنظر إليه بعين النسبة، فيشتدُّ تعظيمي له، وتارةً بعين لطف مالكِه، فآنَسُ بالبيت أُنسَ العبد ببيت سيِّدِه. *فرأيتُ من قلة احترام ساكني البلد عجائبَ،* وما ذاك إلا أنني رأيتُه بعين النسبة، ورأوه بعين المادَّة؛ فهم يرون الحجارة، وأنا أرى الإضافة، وهذه كانت مِحنةُ إبليس؛ فإنه نظر إلى المادَّة، ونسي الاختصاص والأمر. *فسبحان مَن أسْكَنَ حَرَمَه مثلَ أولئك، حتى إنهم يأخذون المُكسَ عن رؤوس الحُجَّاج، وما قَلَقْتُ لشيءٍ قطُّ قَلَقي مِن فعلِهم ذلك.* *وكان معنا شيخٌ بغدادي من التُّجَّار، فتولَّى لهم أخذَ المُكسِ، فهَجَرْتُه،* ورأيتُ خلقًا لم يتغيَّروا عليه؛ فهُمْ يُؤَاكِلونَه ويُشارِبونَه، فعلمتُ أنَّ الإيمانَ باردٌ في قلوبِهم. *ورأيتُ من عبيد مكة من استلاب الأموال وقلة الاحترام بالمكان ما أزْعَجَني.* ومن عجائب ما رأيتُ: أنهم كانوا يمشون بين يدي الخطيب يوم الجمعة بمِقلاعٍ يُضرَب على غفلةٍ يُزعِجُ المكانَ والناسَ، فأنكرتُ هذا، فقالوا: هذا شعارُهم، فقلتُ: *بِئْسَ الشعار هذا! فكان يجب احترامُه عن رفع الأصوات، والأذان يكفي.* صيد الخاطر (ص ٣٤٥).
👍 3

Comments