الكتاب الشهري
June 1, 2025 at 03:56 PM
*احرص على استمرار عملك وذكرك بعد موتك:* قال ابن الجوزي رحمه الله: *العاقل مَن اجتهد في حياته أن لا يموت ذكرُه ولا علمُه، وسعى في سبب بقائه ووصول المنافع إليه.* وذلك إنما يكون بفعل الخير، من: - بناء القناطر والوقوف، - والاجتهاد في طلب الأولاد والأصدقاء المستغفرين له، - وتصنيف كتب العلم، - وتحقيق التقوى، [وكونه يتقي أكبر من الكل]. فإن مَن يرى قبر معروف [الكرخي] وبشر [الحافي] وأحمد [بن حنبل]، يعلم أنه لا يخلو أحدهم كل يوم من زائر، وزوَّار... *فهذه بركة التقوى، وهو أدوم من كل شيء؛ فإن لِمعروف [الكرخي] تحت الأرض من السنين ما يقارب الأربعمائة، وكأنه اليوم دفين جديد، والهدايا إليه متصلة.* فعلمتَ أيها الفَطِن أنه ما اقتُنِيَ شيءٌ أجودُ من التقوى. *فإذا اقتنى الناس الأصدقاء، يقصدون ذكرَهم بعد موتهم، وخلافتَهم في أولادهم وأهلهم، فاقْتَنِ مولاك؛ فإنه يَذكُرُك ويُذكِّرُ الناسَ بك.* وقد سُمع بعض الأعراب يقول عند الكعبة: *كلهم له حاجةٌ، وحاجتي إليك: أن تَذكُرَني إذا نَسِيَني أهل الدنيا.* فيا لله عليك! أَحْضِر قلبك، واقبَلْ نُصحي، ولا تُنفِقْ عمرَك باطلًا في حب - ولدٍ، إن لم يتمنَّ موتَك لم تُبالِ به، - أو زوجةٍ، إن لم تنسَ فقدَك أسرعتِ التعوُّض، - أو صديقٍ يُداخِلُك لِمَا يرجو منك، فإذا غبتَ عنه نَسِيَك. *بالله عليك! لا تَجمَعْ لَهُم بتفريق دينك، ولا تَشغَلْ بهم عنك، واقبَلْ منِّي، ولازِمْ مَن تجب ملازمتُه*... لازِمْ طاعتَه، وتَوَفَّرْ على مراضيه، وانظر أحبَّ الأشياء إليه فأَقبِلْ عليه. ولا تَظُنَّ أني آمُرُك بملازمة المحراب فقط، وربما كان السعي على الوالدين والولد أولى، وتلمَّحْ غايةَ ما تقدر عليه من أفضل القُرُبات إليه. *ولا أعرف طريقًا أقربَ إليه من العلم؛ فإنه يَدُلُّ عليه العالمَ نفسَه، ويَدُلُّ المريدين الطالبين، والدلالة عليه أحبُّ الأشياء إليه؛ فإنها طريقة الأنبياء.* وإذا اشتغلتَ بالعلم، عَرَّفَك ما يعرف وما يجب، وإياك أن تقفَ مع صورة العلم، بل تلمَّحْ المرادَ منه، *فإنْ رَزَقَك حلاوةَ العلم، أو ذُقْتَ معناه، أخَذَك عنك، وسَلَبَك منك، وأقامَك بين يدي مليكِك، فبِه تَسمع، وبِه تُبصر، فيا طوبى لك إن نِلْتَ هذه المرتبة؛ فإن ما دونها خسرانٌ.* صيد الخاطر (ص ٤٣٩ - ٤٤٠).
👍 ❤️ 5

Comments