الكتاب الشهري
June 9, 2025 at 08:06 PM
*كثرة انتشار الرياء بين الناس:*
قال ابن الجوزي رحمه الله:
*قد غلب على الناس الرياء، فقَلَّ من ينفكُّ عنه:*
*فترى العالِم يحفظ العلم، ويناظر في الفقه، ويسهر الليل؛ ليُقالَ، ولِيُمدَحَ.*
*والزاهد يترك اللباس الحسن، ويقنع بالمطعم الخشن؛ ليُقالَ، ولِيَتبرَّكَ به العوام.*
فجمهور أعمالهم رياءٌ: *إن تصدق أحدهم فليراه الناس، وإن لم يروه مَنَّ على الفقراء وتحدَّث به*...
*ولو رأيت أئمة التراويح يقرؤون الشواذ، ويعيدون اللفظة الواحدة مرارًا،* فيقول: مالك، مالك، مالك، مالك! وهذا لا يجوز أن تُعادَ اللفظة مِرارًا؛ لأنه يُخرِج القرآن عن نظمه، *ومقصودُهم بهذا أن فلانًا حافظ.*
ومن أعجب ما رأيت: أن النساء إذا مات لهن ميتٌ، صعدن في الحر إلى السطح بعد نوم الناس، ونزلن قبل انتباههم؛ لئلا يقال: فلانةٌ تنام في السطح،
*ولَبِسن خَشِنَ الثياب ظاهرًا، وحَسَنَه داخلًا.*
*وقد كثُرَت أحوال الرياء في الرجال والنساء في كل فعلٍ، وقَلَّ أن ينفكَّ منه أحدٌ، وإنما يكثر ويقلُّ.*
*فينبغي لِمَن وفقه الله تعالى أن يعلمَ أن الرياء كالشرك، ويفهم معنى قوله: ﴿يُراءُونَ النَّاسَ﴾، وقوله: ﴿الَّذينَ هُمْ يُراءُونَ﴾،* ويطالعَ الأحاديث المذكورة في ذم الرياء، وهي كثيرة، كقول النبي ﷺ: "يقول الله تعالى: *{مَن عَمِل لي عملًا أشرك فيه غيري، فأنا بريءٌ منه}".*
وكان بعض السلف يقول: *"اتقوا سرائر الشرك، وهو: أن تصلي، فتلحظَك العيونُ، فتُطيلَ السجودَ".*
وجملة الأمر: أن *الرياء كل ما قُصِدَ به رؤية الخلق لأداء حق الحق ﷻ.*
... قال بشر الحافي: *"إن الرجل ليُرائي بعد موتِه"، قيل: كيف؟ قال: "يحب أن يَكثُرَ جمْعُ جنازتِه".*
وهذا تدقيقٌ عجيبٌ؛ لأنه لو أحبَّ الكثرة للاستغفار له لم يكن مذمومًا، *وإنما يحبها لكثرة مدحه، ولِيُقالَ: لولا أنه رجلٌ صالحٌ ما كثُروا!*
*فليَتَّقِ اللهَ العبدُ، وليعلم أن الخلق لا يُغنُون عنه شيئًا، وأن جزاءه على نيته لا على علانيته، وأعمال الرياء تذهب باطلًا، ثم يعاقَب عليها.*
وليتصور في نفسه أنه بعد قليلٍ يبلى، ويبلى مَن راياه، وتذهب المحامد، وتبقى السرائر.
*فلا يحسن للعاقل أن يعمل إلا لله تعالى، ولا يقول إلا لله، وأنه متى صحَّتْ نيته وأخلص، عطف الله تعالى القلوب إليه، فحصل له أضعاف ما رجا من مدح الخلق.*
صيد الخاطر (ص ٢٣١ - ٢٣٣).
👍
😢
💙
9