محمد بن علي بن فضل الكعبي
محمد بن علي بن فضل الكعبي
June 11, 2025 at 02:24 PM
*إجماع المسلمين على أنَّ الأرضَ ثابتة لا تدور 🌎* * نقله عبد القاهر بن طاهر البغدادي الاسفراييني (ت429هـ) فقال: *«وأجمعوا على وقوف الأرض وسكونها، وأنَّ حركتها إنما تكون بعارض يعرض لها من زلزلة ونحوها خلاف قول من زعم من الدهرية أن الأرض تهوي أبداً ولو كانت كذلك لوجب ألا يلحق الحجرُ الذي نلقيه من أيدينا أبداً، لأن الخفيف لا يلحق ما هو أثقل منه في انحداره»* انتهى [ «الفرْق بين الفِرَق» (صـ318)، طبعة دار الآقاق الجديدة بيروت - لبنان ] * وقال رحمه الله: *«فقال المسلمون وأهلُ الكتاب بوقوف الأرض وسكونها وإنَّ حركتها إنما تكون في العادة بزلزلة تصيبها وبه قال جماعة من الفلاسفة منهم أفلاطون وأرسطاطاليس وبطليموس وإقليدس … ولو كانت للأرض حركة دورية لأحسسنا بذلك كما نحس بحركتها عند الزلزلة ثم إنّا لو جعلنا قطعة من الأرض على طبق لم تدر عليه ولو رمينا بها في الهواء لنزلت على الاستواء ولم تدر على نفسها فإذا كانت كل قطعة منها لا تدور فكيف دارت جملتها»* انتهى [ «أصول الدين» طبعة دار الآفاق الجديدة بيروت الطبعة الأولى 1401هـ، (صـ60) ] * وقال الشيخ حمُود التويجري (ت1413هـ) رحمه الله عقب نقله لكلام عبد القاعر البغدادي: *«وهذا صريحٌ في حكاية الإجماع من المسلمين وأهل الكتاب على ثبات الأرض واستقرارها»* [ «الصواعق الشديدة على اتبَاع الهيئة الجديدة» (صـ54) ] * وقال أبو عبد الله القُرطبي (ت671هـ) رحمه الله: *«والذي عليه المسلمون وأهل الكتاب ‌القول ‌بوقوف ‌الأرض ‌وسكونها ‌ومدها، ‌وأنَّ ‌حركتها إنما تكون في العادة بزلزلة تصيبها»* [ «الجامع لأحكام القرآن» (9/280) ] * وروى الإمام الطبري في تفسيره (20/482)، وصححه الحافظ ابن كثير في تفسيره (6/558)، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قول الله تعالى: {إنَّ الله يمسك السماوات أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده إنَّه كان حليمًا غفورًا}: قال: *«كفى بها زوالاً أن تدورَ»* * وقال الإمام ابن القيم (ت752هـ) رحمه الله: «فصل: ثمَّ‌‌ تأمَّل خَلْقَ الأرض على ما هي عليه، *حين خُلِقَت ‌واقفةً ‌ساكنةً لتكونَ مِهادًا ومستقرًّا للحيوان والنَّبات والأمتعة، ويتمكَّنَ الحيوانُ والنَّاسُ من السَّعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحاتهم، والنوم لهدوئهم، والتمكُّن من أعمالهم، ولو كانت رَجْراجَةً متكفِّئةً لم يستطيعوا على ظَهْرِها قرارًا ولا هدوءًا، ولا ثَبَتَ لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعةٌ ولا تجارةٌ ولا حِراثةٌ ولا مصلحة، وكيف كانوا يتهنَّون بالعيش والأرضُ تَرتَجُّ من تحتهم؟!* * واعْتَبِر ذلك بما يصيبُهم من الزَّلازل، على قلَّة مكثها، كيف تصيِّرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها. * وقد نبَّه الله تعالى على ذلك بقوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}، وقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا}، وقوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مِهَادًا} وفي القراءة الأخرى: {مَهْدًا} … ثمَّ تأمَّل الحكمةَ البالغةَ في لُيونة الأرض مع يُبْسِها؛ فإنها لو أفرطَت في اللِّين ــ كالطِّين ــ لم يستقرَّ عليها بناءٌ ولا حيوان، ولا تمكَّنَّا من الانتفاع بها، ولو أفرطَت في اليُبْس ــ كالحجر والحديد ــ لم يمكن حرثُها ولا زرعُها، ولا شَقُّها ولا فَلْحُها، ولا حفرُ عُيونها ولا البناءُ عليها؛ فنَقَصَت عن يُبْس الحجارة وزادت على لُيونة الطِّين، فجاءت بتقدير ربها وفاطرها على أحسن ما جاء عليه مِهادُ الحيوان من الاعتدال بين اللِّين واليُبوسة، فتهيَّأ عليها جميعُ المصالح» [ «مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة» (2/619) ] * وقال الحافظ ابن كثير (ت774هـ) رحمه الله في قول الله تعالى: (أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا): *«أي: قارة ‌ساكنة ‌ثابتة، لا تميد ولا تتحرك بأهلها ولا ترجف بهم، فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة، بل جعلها من فضله ورحمته مهادًا بساطًا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك، كما قال في الآية الأخرى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}»* [ «تفسير ابن كثير» (6/203) ]

Comments