القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
May 16, 2025 at 06:41 PM
تَدَخُّلُ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ فِي وَظِيفَةِ الآخَرِ التَّرْبَوِيَّةِ: مَفْسَدَةٌ خَفِيَّةٌ إِنَّ لِكُلٍّ مِنَ الأَبِ وَالأُمِّ وَظِيفَةً فَرِيدَةً فِي تَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ، لَا تُغْنِي إِحْدَاهُمَا عَنِ الأُخْرَى، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَحُلَّ أَحَدُهُمَا مَحَلَّ الثَّانِي، بَلْ يَقُومُ كُلٌّ بِدَوْرٍ يُكَمِّلُ بِهِ الآخَرَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التَّحْرِيمُ: ٦]، وَقَالَ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ: أَيْ عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ. وَمَتَى تَدَاخَلَتِ الأَدْوَارُ، أَوْ وَقَفَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ حَجَرَ عَثْرَةٍ فِي طَرِيقِ الآخَرِ، اخْتَلَّتِ التَّرْبِيَةُ، وَضَعُفَ الْبِنَاءُ التَّوْجِيهِيُّ لِلْأَبْنَاءِ. وَغَالِبًا مَا تَمِيلُ الأُمُّ ـ بِفِطْرَتِهَا الْعَاطِفِيَّةِ ـ إِلَى الرِّفْقِ وَالدَّلَالِ، وَرُبَّمَا ظَنَّتْ أَنَّ الإِغْرَاءَ أَوِ التَّلَطُّفَ يُؤَدِّي إِلَى اسْتِجَابَةِ الطِّفْلِ، وَمَا عَلِمَتْ أَنَّ بَعْضَ الأَطْفَالِ أَذْكِيَاءُ، فَيَسْتَغِلُّونَ ذَلِكَ عَاطِفِيًّا لِتَحْقِيقِ رَغَبَاتِهِم، بَلْ رُبَّمَا مَارَسُوا أَنْوَاعًا مِنَ الضَّغْطِ السُّلُوكِيِّ ـ كَالْغَضَبِ أَوِ الإِهْمَالِ أَوِ التَّهْدِيدِ بِالْبُكَاءِ أَوِ الاِمْتِنَاعِ عَنِ الأَكْلِ ـ إِذَا لَمْ تُلَبَّ رَغَبَاتُهُمْ. وَقَدْ يَصْدُرُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الأَبِ، لَكِنَّهُ ـ فِي الْغَالِبِ ـ أَقَلُّ، لِكَوْنِ طَبْعِهِ أَقْرَبَ إِلَى الْحَزْمِ مِنْ طَبْعِ الأُمِّ. وَمِنْ أَعْظَمِ الأَخْطَاءِ أَنْ تُلْغِيَ الأُمُّ هَيْبَةَ الأَبِ مِنْ نَفْسِ وَلَدِهَا، فَتُصَوِّرَهُ بِصُورَةٍ سَلْبِيَّةٍ، أَوْ تُشْعِرَهُ أَنَّ الأَبَ لَا شَأْنَ لَهُ فِي التَّرْبِيَةِ، وَلَا سُلْطَةَ لَهُ عَلَى الْخَطَإِ، فَتَقُولَ لَهُ: (لَا تَخَفْ، لَنْ أُخْبِرَ وَالِدَكَ)، أَوْ (سَأَتَفَاهَمُ مَعَهُ)، ثُمَّ تَلْبَسُ عِبَاءَةَ الدِّفَاعِ عَنِ الطِّفْلِ عِنْدَ حُدُوثِ الْخَطَإِ، فَيُصْبِحَ الأَبُ مُقَيَّدًا، وَتَفْقِدُ أَوَامِرُهُ آثَارَهَا. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]، فَكَمَا أَنَّ عَلَى الأَبِ مَسْؤُولِيَّةَ الْحَزْمِ وَالتَّأْدِيبِ، فَعَلَى الأُمِّ مَسْؤُولِيَّةُ التَّمْكِينِ لِهَذَا الْحَزْمِ، لَا مُحَارَبَتُهُ. وَكَمْ مِنْ أُمٍّ، بِدَافِعِ الشَّفَقَةِ، أَخْفَتْ عَنْ زَوْجِهَا خَطَأَ ابْنِهَا، أَوْ حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَأْدِيبِهِ، فَشَبَّ الطِّفْلُ مُتَمَرِّدًا لَا يَعْرِفُ لِلسُّلْطَةِ احْتِرَامًا، وَلَا لِخَطَئِهِ وَزْنًا، فَإِذَا كَبِرَ اشْتَدَّ عِنَادُهُ، وَعَسُرَ تَقْوِيمُهُ، وَقَدْ لَا يُنْتَبَهَ إِلَى هَذِهِ الْآفَةِ التَّرْبَوِيَّةِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَقَعَ الْفَأْسُ عَلَى الرَّأْسِ. فَالْوَاجِبُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَنْ يَتَعَاوَنَا، وَيَتَكَامَلَا، وَلَا يَتَدَافَعَا، وَأَنْ يَعْرِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُدُودَ مَهَمَّتِهِ، فَيُؤَدِّيَهَا كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤَدِّيَهَا شَرِيكُهُ، فَإِنَّ التَّنَازُعَ فِي الْوَظَائِفِ التَّرْبَوِيَّةِ أَفْسَدُ مَا يَكُونُ عَلَى الْأَوْلَادِ.
👍 ❤️ 4

Comments