القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
June 2, 2025 at 08:09 AM
الوَقَارُ الوَقَارُ زِينَةُ العُقَلَاءِ، وَرِدَاءُ الأَتْقِيَاءِ، وَعَلَامَةُ الرُّشْدِ فِي الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ. مَا اقْتَرَنَ بِالعِلْمِ إِلَّا زَادَهُ بَهَاءً، وَمَا لَازَمَ الحَيَاءَ إِلَّا زَادَهُ جَلَالًا، وَمَا ظَهَرَ عَلَى العَبْدِ فِي مَجْلِسٍ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ فِيهِ. وقد عُرِّف الوَقَارُ بأنَّه: السَّكِينَةُ فِي الحَرَكَةِ، وَالهُدُوءُ فِي الطَّبْعِ، وَقِلَّةُ الاضْطِرَابِ فِي المَجَالِسِ، وَفِرَاقُ الطَّيْشِ عِندَ الغَضَبِ. فهو ثَوْبٌ نَفِيسٌ، لَوْ عُرِضَ فِي الأَسْوَاقِ، وَٱشْتَرَاهُ النَّاسُ بِشَطْرِ أَمْوَالِهِم، لَمَا كَانَ ذَلِكَ غَالِيًا؛ لِأَنَّ لَابِسَهُ مَحْبُوبٌ مُهَابٌ، يُدْرِكُ مِنَ المَكَانَةِ وَالشَّرَفِ مَا لَا يُدْرِكُهُ غَيْرُهُ. فَكَيْفَ وَهُوَ زَهِيدُ الكُلْفَةِ، لَا يُكَلِّفُ غَيْرَ رِيَاضَةِ النَّفْسِ فِي حِيَاضِ الأَدَبِ، وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الهُدَى وَالسَّكِينَةِ؟! وفي القُرْآنِ العَظِيمِ جَاءَ ثَنَاءُ الرَّحْمَنِ عَلَى عِبَادِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ النَّبِيلَةِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ الفُرْقَان: ٦٣. أي: يَمْشُونَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، لَا خُيَلَاءَ فِيهِ، وَلَا تَصَنُّعَ. وَكَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ ﷺ، فَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ – رَضِيَ اللهُ عَنْهَا –: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حَتَّى تُرَى مِنْهُ لَهَوَاتُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ." رَوَاهُ البُخَارِي (٥٧٤١)، وَمُسْلِم (٨٩٩). وَفِي شَرْحِ ذَلِكَ، قَالَ ٱبْنُ عُثَيْمِين – رَحِمَهُ اللهُ –: "لَيْسَ يَضْحَكُ ﷺ ضَحِكًا فَاحِشًا يُقَهْقِهُ، يَفْتَحُ فَمَهُ حَتَّى تَبْدُوَ لَهَاتُهُ، بَلْ كَانَ يَتَبَسَّمُ أَوْ يَضْحَكُ حَتَّى تَبْدُوَ أَنْيَابُهُ، وَهَذَا مِنْ وِقَارِهِ." شَرْحُ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ (٤/٩٢) وَبَلَغَ مِنْ حِرْصِهِ عَلَى السَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، أَنْ أَمَرَ بِهُمَا فِي حَالِ الذَّهَابِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ ﷺ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ." رَوَاهُ البُخَارِي (٦٣٥)، وَمُسْلِم (٦٠٢) وَلَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُم – بِأَقَلَّ النَّاسِ حَظًّا مِنْ هَذِهِ السِّمَةِ، فَقَالَ عُمَرُ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – يَوْمَ السَّقِيفَةِ: "كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَحْلَمَ مِنِّي، وَأَوْقَرَ." رَوَاهُ البُخَارِي (٦٨٣٠) وَعَلَى آثَارِهِمْ سَارَ السَّلَفُ، تَنْبُضُ أَنْفَاسُهُم بِالوَقَارِ، وَتَفُوحُ مَجَالِسُهُم بِالأَدَبِ وَالسَّكِينَةِ. وَقَدْ وَصَفَ رَجُلٌ الإِمَامَ مَالِكًا – رَحِمَهُ اللهُ – فَقَالَ: يَدَعُ الجَوَابَ فَلَا يُرَاجِعُ هَيْبَةً، وَالسَّائِلُونَ نَوَاكِسُ الأَذْقَانِ. نُورُ الوَقَارِ وَعِزُّ سُلْطَانِ التُّقَى، فَهُوَ المُهَابُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ. *فيصل الحاشدي*
👍 ❤️ 🙏 5

Comments