
القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
June 3, 2025 at 12:29 AM
ٱلْمُدَارَاةُ:
ما أَجْمَلَ أَنْ يَجْمَعَ ٱلْمُؤْمِنُ بَيْنَ ثَبَاتِ ٱلْحَقِّ وَرِفْقِ ٱلْأُسْلُوبِ،
وَبَيْنَ صِدْقِ ٱلْمَبْدَإِ وَحُسْنِ ٱلْمُعَامَلَةِ.
فَلَيْسَ كُلُّ حَقٍّ يُقَالُ فِي كُلِّ حَالٍ،
وَلَا كُلُّ عَيْبٍ يُصَرَّحُ بِهِ فِي كُلِّ مَقَامٍ،
وَهُنَا تَتَجَلَّى ٱلْمُدَارَاةُ فِي أَبْهَى صُوَرِهَا.
فَٱلْمُدَارَاةُ: خُلُقٌ رَفِيعٌ، وَمَعْنًى لَطِيفٌ،
هِيَ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى ٱلْجَاهِلِ، وَتَتَلَطَّفَ مَعَ ٱلْعَدُوِّ،
وَتُعْرِضَ عَنْ عُيُوبِ ٱلنَّاسِ لَا رِضًى بِهَا،
بَلْ دَرْءًا لِشَرِّهِمْ، وَسَعْيًا فِي كَفِّ أَذَاهُمْ،
وَإِيثَارًا لِلسَّلَامَةِ دُونَ مُدَاهَنَةٍ أَوْ تَنَازُلٍ عَنِ ٱلدِّينِ.
وَقَدْ فَرَّقَ ٱلْعُلَمَاءُ بَيْنَ ٱلْمُدَارَاةِ وَٱلْمُدَاهَنَةِ،
يَقُولُ ٱبْنُ ٱلْقَيِّمِ رَحِمَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلرُّوحِ:
«ٱلْمُدَارِي يَتَلَطَّفُ بِصَاحِبِهِ لِيَسْتَخْرِجَ مِنْهُ ٱلْحَقَّ، أَوْ يَرُدَّهُ عَنِ ٱلْبَاطِلِ،
وَأَمَّا ٱلْمُدَاهِنُ فَيَتَلَطَّفُ بِهِ لِيُقِرَّهُ عَلَى بَاطِلِهِ وَيُسَايِرَهُ فِيهِ».
فَٱلْمُدَارَاةُ خُلُقُ ٱلْأَنْقِيَاءِ مِنْ أَهْلِ ٱلْإِيمَانِ،
وَأَمَّا ٱلْمُدَاهَنَةُ فَهِيَ دَيْدَنُ ٱلْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ ٱلْخِذْلَانِ.
وَقَدْ جَسَّدَ رَسُولُ ٱللَّهِ ﷺ هٰذَا ٱلْمَعْنَى فِي أَبْلَغِ صُورَةٍ،
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهَا:
أَنَّ رَجُلًا ٱسْتَأْذَنَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ:
«ٱئْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخُو ٱلْعَشِيرَةِ»،
فَلَمَّا دَخَلَ، أَلَانَ لَهُ ٱلْكَلَامَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ ٱللَّهِ، قُلْتَ ٱلَّذِي قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ ٱلْقَوْلَ؟!
فَقَالَ ﷺ:
«يَا عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ ٱلنَّاسِ مَن تَرَكَهُ ٱلنَّاسُ ٱتِّقَاءَ فُحْشِهِ».
📚 رَوَاهُ ٱلْبُخَارِيُّ (٥٧٠٧)، وَمُسْلِمٌ (٢٥٩١).
فَلْيَكُنِ ٱلْمُؤْمِنُ ذَكِيًّا فِي تَعَامُلِهِ، حَكِيمًا فِي أَلْفَاظِهِ،
حَسَنَ ٱلسِّيَاسَةِ فِي ٱلْمَوَاقِفِ، لَا يَفْقِدْ حَقَّهُ، وَلَا يُفْسِدْ وُدَّهُ،
بَلْ يُلِينْ فِي ٱلْقَوْلِ، وَيَشِدَّ فِي ٱلْمَبْدَإِ،
وَيُظْهِرِ ٱلرِّفْقَ بِلَا تَنَازُلٍ، وَيَتَجَنَّبِ ٱلشَّرَّ مِنْ غَيْرِ مُدَاهَنَةٍ لِلْبَاطِلِ.
فيصل الحاشدي
👍
❤️
4